السؤالالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.أنا
فتاةٌ ملتزمةٌ ومتفوِّقة، والحمدُ لله على ذلك، لا أتحدَّث مع الشباب،
وأقوم بأداءِ العبادات، أدرس في مدرسةٍ مختلطةٍ، وكنتُ دائمًا أغضُّ بصري،
ولا أُبالي بنظرات الشباب إليَّ، وأذهب بهدف العلم والتعلُّم، إلا أنَّ
هناك شابًّا يدرس معي في نفس المدرسةِ، يُتابعني بنظراته دائمًا؛ مما
يجعلني أرتبك، وهذا الشابُّ مُلتزم ومتفوِّق في دراسته، وكان هو الحاصل على
أعلى معدَّل، وكان دائمًا ما ينظر إلى عيني؛ مما يجعلني أزداد توتُّرًا،
فكنتُ دائما أتهرَّب مِن الأماكن التي يحتمل أن يكونَ فيها، إلا أنني أراه
دائمًا ينتظرني عندما أخرج مِن المدرسة! لم
أكنْ أهتم في البداية إلا بعد أن لاحظتُ أنه يوجد في الأماكن التي أكون
بها كثيرًا، إضافةً إلى نظراتِه إليَّ، وبعدها لم أعرفْ ما الذي وقع لي؛
فقد وجدتُ نفسي أقع في حبِّه، إلا أنني أتجنَّب النظَر إليه دائمًا، مما
أدى لتجاهُلِ بعضنا البعض. عندما
أراه يتحدَّث مع فتاةٍ أخرى أشعر بألمٍ لم أشعرْ به في حياتي كلها؛ فأبدأ
بالهروب مِن المكان الذي فيه، بالإضافة إلى ذلك فإن الكثير مِن الفتيات
يُرِدْن أن يرتبطنَ به، لكونه تلميذًا ذكيًّا ومحترمًا، ويحظى بإعجاب
الأساتذة، وكذلك أصدقائه. لم
يعرفْ بطبيعةِ مشاعري تُجَاهه، ولن يعرفَ أبدًا؛ لهذا فإنني تفاديًا
للمُعاناة أذهب فترة الاستراحة إلى مكانٍ خاص بالفتيات، وأجلس فيه وحدي؛
لكي لا أتألم عندما أراه مع فتاةٍ أخرى. حاول
مرَّة التحدُّث معي إلا أنني مررتُ مِن أمامه بسرعةٍ؛ مُتجاهلةً النظر
إليه، وبعد مرور شهر تقريبًا على هذه الحال لم يَعُدْ ينتظرني، وهذا شيءٌ
طبيعيٌّ، كما أنني أهرب دائمًا مِن الأماكن التي يوجد بها، رغم أنني أحبه
كثيرًا، لدرجة أنني لم أَعُدْ أستطيع النوم بسبب التفكير فيه، بالرغم مِن
أنني لم أتكلمْ معه مُطلقًا! أرجو أن تساعدوني بنصائحكم القيِّمة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجوابالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.ابنتي الحبيبة، أهلًا بك ومرحبًا . كم أثلج قلبي وأنا أقرأ مستهلَّ
رسالتك، وأنك فتاةٌ ملتزمةٌ محافظة، تعرف حدودَ الدين، ولا تتواصل مع
الشباب، رغم انخراطِك في مدرسة مختلطةٍ، فبارك الله فيك - حبيبتي - وفي
أخلاقك وأدبك.
حبيبتي، ما شعرتِ به مِن انجذابٍ لزميلك في المدرسة هو أمرٌ فطريٌّ؛ فقد فطر اللهُ
تعالى الشابَّ على الانجذاب للفتاة والعكس أيضًا، ولكن جعل تعالى حدودًا
يجب ألَّا نتخطَّاها، وما فعلتِه أنت - حبيبتي - مِن رفْضِك الحديثَ معه هو
الصواب بعينِه، وأنتِ لم تُخطئي في هذا أبدًا، فإن كان ابتعادُه عنكِ
ولُـجُوءُه إلى غيرِك سببه عدم إعطائه فرصة التحدُّث معك؛ فافرحي
ولتهنَئِي، فاللهُ تعالى أبْعَدَ عنك شرًّا كان سيحيق بك، واعلمي أنه لا
يستحق لحظةَ تفكير فيه ، وأن هناك أمورًا أهم ألف مرة في التفكير فيه ؛
منها علمك ومستقبلك.
أما إن كان هذا الشابُّ مُعجبًا
بك، وبالتزامك ودينك، وأنه ابتعد حمايةً لك وله مِن الشيطان، ومن كلام
الناس؛ فهو سيجعلك في بالِه؛ وعندما تَحِين الظروفُ والإمكانات فسيقرع
الباب؛ ليطلبك مِن أهلك، ولن يقفزَ من السور أو النافذة كاللصوص.
حبيبتي، الشيطانُ
لا يدخل إلا مِن الباب المفتوح؛ فأغلقي الأبواب دونه، ولا تسمحي له
بالدخول إلى عقلك والتلاعُب بمشاعرك، ولتوصدي الباب جيدًا، يجبُ عليك
الاتجاه إلى الله تعالى، وإلى كتابه، وإلى مُرافقة صاحبات دين وخُلُق
يُساعدْنَك في سلوك طريق الحق، وتحاشي طريق الشيطان.
وأَبْعِدي فِكرك عن التفكير في
زميلك، وفي الانجذاب إليه، واشغلي نفسك بدراستك، وبتخطيط مستقبلك، واعلمي
أن الله تعالى سيعوِّضك بالأفضل والأحسن، وقد يكون هو نفسه، ولكن بالحلال
وبعيدًا عن أيِّ حرام، وضعي أمام عينك أنَّ ((مَن ترَك شيئًا لله عوَّضه
الله خيرًا منه)).
حبيبتي، أسعدني بَوْحُك لي بمكنوناتِ قلبك الرقيق، الصافي النقي، الذي أسأله تعالى
أن يحميَه من كلِّ مكروه وأن يحفظَه طاهرًا، ويحفظ صاحبته، ويقوي عزيمتها،
ويعطيها أكثر مما تتمنى وتحلم ولكن بالحلال، وبعيدًا بعيدًا عن الحرام،
ومسالك الشيطان.
أنا في انتظار تواصُلك الدائم،
ولتخبريني أنك بخيرٍ، وأنك التزمتِ باب مَن لا يوصَد أبدًا، وهو باب الرحمن
الرحيم، الذي يفرح بالعبد إذا الْتَجَأ إليه وسأله وأوكل إليه أمره كله.
وأخيرًا أسأله تعالى أن يحميَك ويحفظك، ويديم عليك عقلك الواعي النَّيِّر
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته