السؤالأتمنَّى مِنَ الله أن يُوَفِّقكم في إسداء النصيحة المناسِبة لي، وأدعوه أن يُسعِدكم وأن يجنِّبكم كلَّ مكروه. أنا شابٌّ في منتصف العشرينيات، تزوَّجتُ منذ عدة سنوات، بعد أن تأكدتُ تمامًا مِن أنني اخترتُ الزوجةَ المناسبة؛ دينًا وخُلُقًا.وبعد
أكثر مِن سنة من الزواج، تفاجأتُ قدرًا - عن طريق البريد الإلكتروني - بأن
زوجتي على عَلاقة بأحد الأشخاص! وكان يُذَكِّرها بخروجِهما ليلًا، وكان
يقول لها: تذكرين ما حصل في تلك الليلة، وقد أتبع كلماتِه تلك بضحكةٍ
بادلتْه مثلَها!وبعد
مواجهتِها خافتْ كثيرًا، وأخبرتْني بأن هذا الشخصَ قد تقدَّم لخِطْبتها
سابقًا، ورُفِض بسببِ انتمائه لقبيلةٍ غيرِ مرحَّب بها، وتأسفتْ على
تواصُلها معه، وأعلنتْ توبتَها بعد أن ضربتُها ضربًا غير مبرِّح، ولأنَّ
الله قد أنعم عليَّ بنعمة العفو والتسامح؛ قمتُ بتغيير رقْمِها بعد تأكُّدي
مِن صِدْق توبتِها، ولأنني أحبها جدًّا، ولا أريد أن أخسرها، ومن باب:
((كل ابن آدم خطَّاء، وخيرُ الخطَّائين التوابون)).وبعد
مرور سنوات على زواجنا، اكتشفتُ - نتيجةً لارتباكِها أثناء تحدُّثها في
الهاتف - أنها كانتْ تكلِّم أحدَهم، فواجهتُها فورًا، وقمتُ بالاطلاع على
الرسائل الرومانسية فيما بينهما، والتي كان فيها كلمة "أحبك"، والتي كانت
متبادلة بينهما!وبعد
مُواجهتِها ذكرتْ أن سبب تواصلها مع هذا الشخص كان لحاجتها في الحصول على
مصلحة مِن خلال وظيفته الحكومية، ثم أعلنتْ أسفَها وندمَها الشديد، وكنتُ
في حيرةٍ، هل أخبر أهلها وأطَلِّقها؟ وبعد تفكيرٍ عميقٍ قرَّرت - وبعد
إلحاح شديدٍ منها أيضًا - أن أعطيَها فرصةً أخيرة، رغم أني في قرارة نفسي
متأكِّد من عدم قدرتي على طلاقها؛ لحبي الشديد لها، فتولَّدت لدي - نتيجة
ذلك - صراعاتٌ داخلية بين قرار طلاقِها والحفاظ على عِرْضي وشرفي، وبين حبي
الشديد لها!بعد
هذه المرة أحسستُ برغبتي في الرجوع إلى الفتاة التي كنتُ على عَلاقةٍ معها
قبل زواجي، ولكنها رفضتْ ذلك بشدةٍ؛ فتعرَّفتُ على فتاةٍ أخرى، ورغم
جمالها إلا أنني لم أكنْ أحبها بالقدْرِ الذي كنتُ أحب زوجتي به، واقتصر
تواصُلنا على الهاتف فقط.رغبتي
الجنسية بدأتْ في الانخفاض تُجَاه زوجتي، وبعد أن زاد حبي لها ومحاولتي
جاهدًا في نسيان ماضيها الأليم؛ قرَّرنا محاولة الإنجاب فتفاجأتُ بأنَّ
حيواناتي المنويَّة ناقصةٌ بشكِّلٍ يؤثِّر في القدرة على حصول فرصةٍ للحمل،
وأثناء تلقِّي العلاج فاجأتْني بأنها حاملٌ، وكنتُ متشكِّكًا جدًّا
ومرتابًا، لكن التشكيك في الحمل ليس في صالحي؛ لكوني لا أملك أيَّ دليل على
وجود خيانةٍ أو أي شُبهة.وبعد
أن رزَقَنا الله بنتًا أحببتُها جدًّا، حاولتُ جاهدًا إبعاد الوساوس
الشيطانية حول نسبة ابنتي، وأقول: ابنتي؛ لأنني على يقينٍ بأنها كذلك حتى
يثبتَ العكس!عادت
الوساوس الشيطانية حول خيانة زوجتي؛ فقرَّرتُ أن أقومَ بتفتيش هاتفِها
أمامها حتى أتيقَّن بأن تلك الوساوس لا أساس لها، وقررتُ إن لم أجد شيئًا
بأن أُهدِيها هدية كبيرة؛ جزاءً على أنها أفرحتْني بأنها صانتِ العِرْض
والشرَف، ولكن قبل تفتيش الهاتفِ أخذ التوترُ يُسيطر عليها، واعترفتْ بأنها
على تواصلٍ مع أحدهم، وهو زميل عمل، ومِن خلال تفتيش الهاتف اتَّضح لي
أنها على تواصُل مع أربعة أشخاص! كما أنها على تواصُل مع شخص مِن جنسية
أخرى، وعلى تواصل مع شخص مِن أكثر مِن سنة! ولكنها كانتْ على تواصُل معه
بشكل كبيرٍ، يفرق عن تواصُلها مع باقي الأشخاص المذكورين من قبل، على الرغم
من أنه متزوِّج!والآن
أنا مشتَّت الفكر، رغم أن قرار طلاقها سيؤثِّر - بكل تأكيد - على تشتُّت
الطفلة التي أحببتُها أكثر من حبي لأمِّها، كما أنني سأكون كالعلكة في
أفواه الناس مِن حولي، علمًا بأنني قمتُ بالذهاب إلى والدها - وفي حضورها -
وأخبرتُه بشكلٍ مختصرٍ عن وضْعِ ابنته، فسألَها عن صحَّة ما قلتُه، فلم
تُنكِر وأبدتْ أَسَفها وندمَها، وقالت: إن ذلك لم يكن إلا بسبب خفة العقل،
ولم أجدْ مِن أبيها حلًّا يؤثِّر على ابنته؛ كالطلاق، أو استقالتها مِن
العمل.كل تفكيري الآن في تلك الطفلة التي شاء الله أن تكونَ أمها بهذه الصورة، أشيروا عليَّ ماذا أفعل؟! وأعتذر على الإطالة، وجزاكم الله عنا خيرًا. الجواببسم الله الموفِّق للصواب
وهو المستعان
أيها الأخ الفاضل، لقد بذلتَ
غايةَ وُسْعِك وطاقتك في استصلاح زوجتِك، ورجوعها إلى طاعتك! فباركَ الله
فيك، وأصلح بك وعلى يديك، وألهمك الرشدَ والصواب لما فيه خيرُك وصلاحُ
أمرك، اللهم آمين.
التحليلُ النفسي لهذه المعاناة
مع زوجتك: أن مِن طبيعة الرجل النفسية تمسُّكه بالمرأة التي لا تحبه، ولا
تهتم لأمره! والمعرفة قوَّة، فمتى عَرَفتَ ذلك مِن نفسك استطعتَ حل مشكلتك
بنفسك!
فهذه امرأة لا تردُّ يد لامس!
فإما أن تفارقها وتطلقها، أو تُمسكَها بمعروفٍ وتستمتع بها على علاتها التي
يصعب إصلاحها! والأمرُ إليك، وليس لي ولا لأحدٍ أن يقرِّر عنك، فاستَخِر
الله - عز وجل - يخِرْ لك الخير حيث كان، ثم يرضيك به، أما الطفلة فليستْ
بذريعة، وقد قلنا ذلك غير مرة، فالذي خلَقَها لن يضيِّعها، أتشكُّ في ذلك؟!
تعالى الله عما تظنون علوًّا كبيرًا!
والله
- سبحانه وتعالى - أعلم بالصواب، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على
سيدنا محمد وآله وصحبه، وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين