السؤالالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.أشعر بأرقٍ شديدٍ جدًّا، ولا أستطيع النوم، وعندي اضطراباتٌ كثيرة أثناء النوم لم أكنْ أشعر بها مِن قبلُ!كنتُ
أحاول النوم بعد يومٍ كاملٍ مِن الإجهاد والتعَب، لكنني أستيقظ بعد زمنٍ
قصير مِن نومي لا يتجاوز نصف ساعة، ثم أمكثُ ثلاث أو أربع ساعات لأرجعَ إلى
النوم، وتمر ليلةٌ بأكملِها وأنا على هذا الوضع! وأضطرُّ إلى أن أعيش يومي
بعد ليلٍ كلُّه وسوسةٌ.يُخَيَّل
إليَّ أن هذا الأمر سببه العين، أو أني أتصوَّر الأمور أكبر من حجمها، أو
أني أعاني مِن مرضٍ؛ خصوصًا أني أشعر ببرد في رجليَّ، وأحس بألم يسير فيهما
حينما يضطربُ نومي بهذا الشكل.بدأتْ
مُشكلتي هذه منذ السنة الأخيرة من الثانوية، مرورًا بضغط الاختبارات،
واختبار القياس، والضغوط التي تمرُّ بأي شخص خائف مِن القبول الجامعي؛ حتى
إني ما كنتُ أنام إلا بأخذ الحبوب المسكِّنة، والتي كان من آثارها عليَّ
النعاس، وكنتُ أستخدمها طيلة الاختبارات النهائية، واستمرَّتْ حالتي حتى
السنَة التحضيرية، ولم أرجع بعدها مثل الأول، مع أني - والحمد الله -
قُبِلت وبأعلى الدرجات، وهذا ما سبَّب لي خوفًا من العين. كل ما أريد معرفته هو: ما سبب اضطراباتي أثناء النوم؟ الجوابوعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.بسم الله الموفِّق للصواب
وهو المستعان
أيتها العزيزة، يبدو أنك تُعانين مِن اضطراب الأرَق
Insomnia، وهو أحد اضطرابات النوم الشائعة،
ويحدث على ثلاثة أوجه:1- امتناع النوم بالليل.
2- الاستيقاظ المُتكرِّر (تقطُّع النوم).
3- الانتباه المبكر مِن النوم.
وقد ذكرتِ بنفسِك أسباب أَرقِك؛
نتيجةً للضغوط الدراسيَّة المتوالية، "اختبار الثانوية العامة، واختِبار
القُدرات، والسَّنَة التحضيريَّة في الجامعة"، بالإضافة إلى تأثير
المُسكِّن الذي تَعاطَيتِه خلال فترة الامتحانات، وتفاعُله مع الهرمون
المسؤول عن النوم "الميلاتونين".
وينقسم الأرَق - بحسب مدَّتِه - إلى ثلاثة أقسام:1- الأرَق الظرفي "العابر"
Transient Insomnia؛ وذلك إذا استمرَّ أقلَّ من أسبوع واحد، ويَختفي باختفاء المُسبِّب.
2- الأرَق قصير الأمد
Short-Term Insomnia، إذا امتدَّ من أسبوع إلى ثلاثة أسابيع.
3- الأرَق المُزمِن
Chronic Insomnia، إذا استمرَّ أكثر من ثلاثة أسابيع؛ حيث يتحوَّل وقتئذٍ إلى عادة عقليَّة خاطئة للامتناع عن النوم.
والذي يظهر لي أن الأرق لدَيك قد بدأ ظَرفيًّا مع اختبار الثانوية العامة، ثم أصبح مُزمِنًا؛ نتيجةً لاستمرار الضُّغوط الدراسية!
علاج الأرَق:أولًا: تغيير عادات النوم السلبية التي تُعيق النوم؛ مثل:• شرب المُرقِّد "الحبوب المُنوِّمة".
• الإكثار مِن شُرْب القهوة.
• نوم القائلة نِصْف النهار.
• المُذاكَرة أثناء الليل.
• الاتصال بصديقة في ساعات متأخِّرة من الليل، ونحو ذلك.
ثانيًا: تبنِّي عادات نوم إيجابيَّة تُساعِد على جلب النَّوم؛ مثل:• النوم في غرفة هادئة ومُظلِمة.
• سدْل الستائر الداكِنة على النوافذ الكبيرة.
• الاستيقاظ في ساعة مُحدَّدة من كل يوم، بقطْع النظر عن عدد ساعات النوم.
• عدم شُرْب المشروبات المحتوية على الكافيين؛ كالشاي، والقهوة، قبل النوم بثماني ساعات.
• تجنُّب المُحفِّزات العقلية؛ كتصفُّح الإنترنت، أو مُشاهَدة التلفاز، أو الدخول في نِقاشات جادَّة.
• الاستحمام الدافئ قبيل النوم.
• شرب المشروبات التي تُساعد على النوم؛ كالبابونج، واليانسون، والحليب قبل ساعة من النوم.
ثالثًا: تهيئة الدِّماغ لإفراز هرمون الميلاتونين بطريقتَين:أ - زيادة التعرُّض لضَوء الشمس خلال النهار، مع الحرص على الادِّهان بحاجبات الشمس.
ب - تقليل التعرُّض للضوء الاصطِناعي خلال الليل.
رابعًا: الربط شرطيًّا بين النوم وغرفة النوم مِن خلال دخول السرير للنوم فقط، أما
الأنشطة والهوايات؛ كالقراءة، وتصفُّح "الإنترنت"، فيُفضَّل مُزاوَلتها
خارج غرفة النوم خلال فترة العلاج.
خامسًا: انتهاج طرُق مناسبة للتعامل مع الضغْط الدِّراسي؛ من خلال إدارة الوقت، والاجتهاد منذ بداية الفصل الدراسي، ونحو ذلك.
سادسًا: قطع وسوسة الإصابة بالعَين بمجرَّد أن تَخطر ببالِك، والاقتناع بخطأ هذه الفكرة، مع اليَقين بقول الباري - عز وجل -: ﴿
قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [التوبة: 51]، والمُداوَمة على التحصُّن بأذكار النوم عند النوم.
والله - سبحانه وتعالى - أعلم بالصواب، والحمد لله وحده