السؤالالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.شكَر
الله لكم ما تقومون به لإنارة دُروبنا، وأنا - بصِدْقٍ - أعدكم ملاذي
الوحيد بعد الله - سبحانه وتعالى - فشكرًا لكم، وبارك الله في علمكم وجهدكم
ووقتكم الذي تُخصِّصونه لنا. ابني عمرُه سبع سنوات، وهو طفلي الوحيد، مُدَلَّل بعض الشيء، وأنا ووالده نُحاول أن نلبِّي جميع مَطالبه.كان
ينام في غرفته وحْدَه، وأحيانا أضطرُّ لتركِه في المنزل؛ لأذهب لشراء بعض
الاحتياجات لمدة أقصاها عشر دقائق وأعود، وكان الأمرُ عاديًّا جدًّا، أما
الآن - ومنذ أسبوعين – فقد أُصيب بالهلَع؛ حتى أصبح لا يدخل المطبخ للشُّرب
بمفردِه، ولا ينام إلا مُلتصقًا بي أو بأبيه!أصبح خائفًا جدًّا، لا أعرف بالضبط مِن ماذا؟ حاولتُ مرارًا أن أعرف سبب خوفه ومساعدته، لكن دون جدوى!يذْكُر أنه يسمع أصواتًا، أو يتخيَّل أشياء، مع العلم أن أوَّل بوادِر هذه الحالة جاءتْ بعد مُشاهَدة كرتون: "المحقِّق كونان". ساعدوني أرجوكم كما عَهِدْتُكم؛ فأنتم البلسمُ الشافي لي، وشكرًا لكم. الجواببسم الله الموفِّق للصواب
وهو المستعان
أيتها
الأم العزيزة، تَشْكُر لكِ شبكةُ الألوكة حُسنَ ظنِّكِ، حين جعلتِها موضعَ
ثقتِكِ، وعسى اللهُ أن يوفِّقكِ لما يحب، ويوفِّقنا لما تحبين، آمين.مِن أبرز مخاوِف الأطفال في سنِّ السابعة: قلقُ الانفصال "
Separation anxiety disorder"،
وهو تخوُّف الطفل مِن مُفارقة والدَيْه، وتظهر أعراضُه في شدة التصاق
الطفل بأبويه على غير عادته، وخوفه مِن النوم وحدَه، وكثرة الكوابيس،
والتبوُّل اللا إرادي، والتذرُّع إلى الغياب بالصُّداع، والمغَص،
والتقيُّؤ!
وقلقُ الانفِصال معدودٌ في
المخاوف الطبيعية الزائلة، التي تظهر عند كثيرٍ مِن الأطفال في عمر ابنكِ
العزيز، غير أن بعضَ العواملِ تُسهِم كثيرًا في ظهورِه؛
مثل:1- تعرُّض الطفل لصدمة نفسيةٍ؛ كموت أحدٍ مِن أهله، أو أصحابه، أو حيوانه الذي يلعب به.
2- ابتعاد الطفل عن المنزل لوقتٍ طويلٍ؛ كابتعاده بسبب تنويمه في المستشفى، أو السفر.
3- تغيير البيئة التي تعوَّد عليها الطفلُ؛ كالانتقال إلى مدرسةٍ جديدة، أو بيتٍ جديد.
4- ينتشر قلقُ الانفِصال بين الصِّبْية المدَلَّلين كحالِ ابنكِ المدلَّل!
العلاج:أولًا: طرحُ الأسئلة على الطفل لمساعدتِه على التعبير عنْ مخاوفه، وأفكارِه، ومشاعره، اسأليه عما يُخِيفه؟ ومَن ذا الذي يُخِيفه؟
ثانيًا: مُراقَبة الكُتُب والقصص والبرامج التلفازيَّة أو الإلكترونية التي يُشاهدُها ابنُكِ؛ للوقوف على المحرِّك الرئيس لهذه المخاوفِ.
ثالثًا: تصويب الأخطاء الفكريَّة التي يتخيَّلها ابنكِ في ذهنِه، وتؤثِّر سلبًا في
شُعوره، فإن أخبرَك مثلًا بأنه يخاف مِنَ القاتل في المسلسل الكرتوني
"المحقِّق كونان"، فأخْبِريه بأن القاتلَ غير حقيقيٍّ، وأنَّ المسلم لا
يَقتُل أخاه المسلم، وأعقبي ذلك بمُقاطعة هذا المسلسل الكرتوني، واستبدلي
به خيرًا منه، والخيرُ موجودٌ متى أتعبْنا أنفسنا في البحث عن المفيد
لتربية أبنائنا.
رابعًا: أغيثيه بالأمن، وأظلِّيه تحت جناح الطمأنينة؛ حتى يسكنَ ويذهبَ عنه
الرَّوْعُ؛ فالأمنُ النفسيُّ هو مِفْتاح العلاج لهذا الضرب مِن مخاوف
الأطفال.
خامسًا: ترْكُ باب غرفته مردودًا على أن تتفِقي وزوجكِ على ترْك باب غرفتكما
مفتوحًا في ساعةٍ محدَّدة كل ليلة؛ لطمأنة الصغير بإمكانية اللجوء إليكما
عند شُعوره بالخوف، على أن تسمحي بهذا الموضوع مُؤقَّتًا خلال الفترة
العلاجية فقط.
سادسًا: استعمال جدول المكافَآت؛ مِن خلال تصميم جدول أُسبوعيٍّ ملوَّن، وطباعته،
ولصقِه على باب غرفتِه، أو خزانة ملابسه، أو على الحائط، ثم اطلبي منه أن
يلصقَ نجمة لاصقةً، أو ابتسامة مكان الليلة التي نام فيها بدون الاستعانة
بكما، فإن أتمَّ الأسبوعَ وهو ينام بمفرده، فتفضَّلي بمكافأته مكافأة
مجزيةً يسعد بها، وتشجِّعه على المُضِيِّ في العلاج السلوكي مِن الخوف.
سابعًا: يقترح
بعضُ المعالجِين استعمالَ أسلوب "الإلهاء" كعلاج للمشكلة؛ أي: إلهاء الطفل
عن خوفه الداخلي، بالاشتغال بشيء خارجي يُنسِيه مخاوفه؛ كحيوانٍ ألوف
يعتني به ويهتم به.
ثامنًا: توجَّهي
إلى المكتبةِ، وابحثي عن قصص وكتبٍ تتناسَب وعمر طفلِكِ، مع التركيز على
اختيار الكتُب التي تحوي نماذجَ للشجاعة والبطولة والجُرأة، والحرص على
وجود نماذج حيَّة للشجاعة في البيت، متَمَثِّلة في شخصكِ الكريم؛ فالطفلُ
يكتسب صفات أبويه مِن خلال طريقة تعامُلهما مع المواقف التي تحدث أمام
عينيه، فإن كنتِ مِن هؤلاءِ الناس الذين تظهر عليهم علاماتُ الفزَع الشديد
في أبسط المواقف؛ فعالجي نفسكِ فضلًا قبل البَدْء في مُعالجة ابنكِ.
تاسعًا: تدريب الطِّفل على تقنيات الاسترخاء والتنفُّس العميق.
عاشرًا: تعويد الطفل على الاعتماد على نفسه بالتدريج.
حادي عشر: التفريغ الانفعالي لشحنات الخوف السلبيَّة مِن خلال الرسم والتلوين.
ثاني عشر: اعتاضي عن برامج التلفاز ببرامج تربوية، تعمل على شَغْل وقت ابنكِ، وإفراغ طاقاته، وصَقْل شخصيته، وتنمية مهاراته.
تذكَّري أخيرًا أن الطفلَ
المدَلَّلَ أشبهُ بالطفل المذلَّل في الخاتمة النفسية، فكلاهما يسيران على
النهج المَرَضِي المُفْضِي إلى الاضطراب النفسيِّ والعقليِّ!
حماكِ الله وابنكِ مِن كلِّ سوء، وأعانكِ على تربيته، وكتبه في أعمالكِ الصالحات، آمين.
والله
- سبحانه وتعالى - أعلم بالصواب، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على
سيدنا محمد وآله وصحبه، وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين.