السؤالأستاذتي العزيزة عائشة الحكمي، أودُّ أن أُخبِركِ عن استشاراتي هذه: "تائهة في طلب العلم فأين الطريق, أنا جاهلة!"، و"كيف أتعامل صديقتي؟"، و"ما تخصصات ومجالات المفكِّر intp؟"، و"شخصيتي وتخصصي وعلاقتي بالشخصيات الأخرى".وبحقٍّ أشكركِ على مشورتِكِ الحكيمة التي أفادتْني كثيرًا.أما عن جهلي وصديقتي فلقد بدأتُ بحفظ القرآن معها، ونحن الآن عند الجزء الرابع، وسوف نختم القرآن - بإذن الله - بعد خمس سنوات.وأما عن شخصيتي، فهذه ربما فضفضتي أو استشارتي:إنَّ ما أخبرتِني به في الاستشارة الأخيرة من سماتِ الشخصية ينطبقُ عليَّ تمامًا: الإبداع والابتكار.• (تحصيل الكمال؛ مثلًا: اتفقتُ وإحدى صديقاتي على أن نحصلَ على نسبة مائة في المائة هذا العام).• (كسر القواعد: أسهرُ أيامَ الاختبارات النهائية على الإنترنت).• (تحليل المشكلات المعقَّدة: بشكل عامٍّ مشاكل الحياة، وبشكل خاص التفوق البارز في المواد الدراسية؛ كالرياضيات والحاسب).• المرونة.• (الهدوء: منذ صغري وحتى الآن، الهدوء صفة مميزة لي في كلِّ مكان).•
(تعوقهم العيون المراقبة: أحيانًا لا أشارك في الفصل، بالرغم من معرفتي
بالإجابات؛ لأنني أجلس في الصف الأول أمام المعلِّمة مباشرة).• الصِّدْق والنزاهة.• (النجاح في الأعمال التي تتطلب تحديًا فكريًّا؛ كالرياضيات مثلًا).• الاستقلالية والنشاط في العمل الفردي.• كثرة التفكير.• (الثقافة العامة: بالمقارنة مع قريناتي).• (التركيز على المستقبل؛ كالتخصُّص، والوظيفة، أو الحياة بعد الموت).• إيثار الخيارات المفتوحة.•
وأما الخصلة الأخيرة (إيثار العزلة على الاستئناس بالناس)؛ فهي مصدر قلقي
وحيرتي؛ فلقد قلتِ لي: "أن نخالط الناس، مشبعين بروح السماحة، والعطف على
ضعفهم ونقصهم وخطئهم، وروح الرغبة الحقيقية في تطهيرهم وتثقيفهم، ورفعهم
إلى مستوانا بقدر ما نستطيع"، وهذا ما لا قدرةَ لي عليه، وهذا سبب كرهي
لشخصيتي، فعلى النقيض شخصية estj تفعلُ هذا بكلِّ سهولة، وأحاول نوعًا ما
التعايش مع هذا، ولكن ما يُؤلمني أحيانًا أنه ليس لديَّ صديقات داخل فصلي؛
فأنا شبهُ وحيدة، فحين ينقسم الفصل إلى مجموعات يصبح 7 طالبات، و5 طالبات،
و9 طالبات، وطالبتين، هما: أنا وفتاة أخرى، شخصيتها infp بمثابةِ زميلة
صفٍّ فقط، صحيح أنني أستمتع أحيانًا بصُحْبَتِها، ولكن لا أستطيع الاستغراق
في أفكاري المستقبلية أو الفلسفية معها؛ أعني: أنه لا يمكن أن أقول لها
كلَّ ما أود قوله، لا يمكنها استيعابي.نحن
في الفصل لدينا الكثير والكثير مِن الحصص الفارغة، فالإزعاجُ لا يُفارق
الحصص، وحتى مكتبة المدرسة كذلك، أحيانًا أقول: إنَّني لا أملك صديقة مثلي؛
لأن شخصيتي تشكِّل 2% مِن النساء، ولم أقابل شخصية مثلي، فأنا أصادق estj،
infp، وإحدى صديقاتي intj.كانتْ
هناك طالبتان تكبرانِني بسنتينِ في صفِّ أختي؛ إحداهما كانتْ في مدرستي،
والأخرى في مدرسةٍ أخرى؛ هما الوحيدتان اللتان كانتا مثلي، أما في صفِّنا
فلا يوجد أحدٌ، وأحيانًا أقول: ربما مشكلتي كما قالوا :ذُو الْعَقْلِ يَشْقَى فِي النَّعِيمِ بِعَقْلِهِ = وَأَخُو الْجَهَالَةِ فِي الشَّقَاوَةِ يَنْعَمُفلا
تتصورين مدى جهلِ فصلٍ أنا أهون الجاهلات بينهنَّ، أحيانًا يُصبِح المرء
عالمًا، فقط لأنَّ مَن حوله جهلاء! فبعض طالبات فصلي الرائعات لا يفرِّقن
بين الحروف الإنجليزية، وبعضُهن لا تدري هل البُحْتُري في العصر العباسي،
أو في العصر الحديث؟! وبعضُهن لا تدري إن كان الفاعلُ مجرورًا، أو
مرفوعًا؟!آهٍ،
وألف آهٍ، لا تظنِّي أننا في قريةٍ نائية، لا! بل نحن في مدينةٍ،
ومدرستُنا تعتبر - من ناحية اختبار القدرات - ثاني أفضل مدرسة في مدينتنا
عرفًا، وللأدبي والعلمي عندنا مسمًّى آخر، وهو: الممتازات والكسلانات، وأنا
في فصلٍ ظننتُ أنه فصلُ أديبات، أو نَحْويات، أو طالبات علم، ولكنه أَضحَى
فصل كسلانات!مستشارتي العزيزة، بقي لي سؤالٌ أخير - إن أذنتِ لي به - وهو: ما هي شخصيتُكِ أنتِ من خلال مقياس "مايرز بريجز"؟تقبَّلي فضولي؛ فالمفَكِّر يُعطي أهمية لبعض النظَريَّات، وقد أعطيت اهتمامي لهذه النظرية، فهل أنتِ intj أو entj؟ وشكرًا لروحِكِ العذبة، وشكرًا لكرمِكِ بعلمِك ووقتِك، جزاكِ الله عني خيرَ الجزاء. الجواببسم الله الموفِّق للصواب
وهو المستعان
مرحبًا بكِ - يا صديقتي العزيزة - وأهلًا!أأنتِ صاحبةُ تلك الاستشارات؟!
لو نوَّهتِ باسمي فيها لكنتُ ربطتُها ببعضِها؛ كي أستخلص منها سمات
شخصيتِكِ النادرة، والحقُّ أني تعمَّدتُ استفزازَكِ في استشارتِكِ
الأخيرةِ، وأحمد الله تعالى أن وقعتْ تلك الكلمةُ أحسنَ موقع في نفسِكِ
السخيَّة، فتأكيدُكِ اليومَ على أن معظمَ سمات شخصية المفكِّر
INTPتَنطَبِق
عليكِ، يظهر لي أنكِ بدأتِ تتسامحين مع شخصيتِكِ وتتقبَّلينها، وأن
المشكلةَ ليستْ في الشخصيةِ برمَّتِها، بل في سمةٍ واحدة فقط مِن سمات هذه
الشخصية، وهي السمة الأخيرةُ المتعلِّقة بإيثار العُزْلَة والانطوائية،
كونُها تُعِيق تفاعلَكِ الاجتماعي مع صديقاتكِ في المدرسة، لأجل ذلك لا
أريدُ أن أقرأ مرة ثانية أنكِ ترغبين في تغيير شخصيتِكِ، التي تميزكِ عن
غيركِ، بل رغبتكِ في تطوير سمة من سماتها التي تحول بينك وبين أهدافِكِ،
أما ندرةُ هذه الشخصية؛ فالندرة - يا صديقة - مما يُبَاهَى به؛ لأن النادرَ
في الناس والأشياء لا يكون إلا نفيسًا وغاليًا، جاء في "القاموس المحيط":
"النُّدْرة: القطعة من الذهب، توجد في المعدن، ونادرة الزمان: وحيد العصر"،
فهل يُغضِبكِ أنكِ وحيدة مجتمعكِ ذكاءً وثقافةً وموهبةً؟! تباهي بنعمةِ
ربِّكِ!
من المهم جدَّا - وأنتِ ترتقين
سموًّا - أن تُوقِفي عقدَ المقارنات بينكِ وبين صديقاتكِ، خصوصًا فيما
يتعلَّق بسمات الشخصية، فالاختلافُ بين الناس في سماتهم الشخصية، والفكرية،
والتشريحية، والجسَديَّة، والبيئية، واللغوية - أمرٌ طبيعي، وهذا الاختلاف
ينبغي أن يوظِّفه العقلاءُ مِن الناس لإحداثِ التكامل والتناغُم
والائتلاف، لا للانفصام والتصادُم والخلاف مع بعضنا البعض!
ثم من الطبيعي أن نجد أصحاب شخصية المشرف (
ESTJ: The Supervisor)
مثلًا - ممن يتَّسِمون بروح الانبساطية والذكاء الاجتماعي - أكثرَ قدرة
على التفاعل اجتماعيَّا، واكتساب الأصدقاء مِن أصحاب شخصية المفكر (
The Thinker INTP - ممن ينزعون بطبيعتِهم إلى العزلة والانطوائية - إلا أن هذه الانطوائية
لا تُعِيق تقدُّمهم ولا تؤلمهم، فأكثر الانطوائيين يستأنسون بعزلتِهم
وانفرادهم بأنفسهم، ولكن إذا أصبحتْ هذه الانطوائيةُ عائقًا أمام نجاحاتِهم
وتقدُّمهم، ففي الإمكان وقتئذٍ تدريبُهم على الخروج من عُشِّ العُزْلة عبر
تنمية مهارات التواصُل مع الآخرين.
تدريب المهارات الاجتماعيةSocial Skills Training (SST):عرَّف "ريجيو" المهارةَ
الاجتماعية بأنها: "قدرةُ الفردِ على التعبيرِ الانفعالي والاجتماعي،
واستقبال انفعالات الآخرين وتفسيرها، ووَعْيه بالقواعد المستَتِرة وراء
أشكال التفاعل، ومهارته في ضبط وتنظيم تعبيراته غير اللفظية، وقدرته على
لعب الدَّوْر وتحضير الذات اجتماعيًّا"؛
000080]مقياس المهارات الاجتماعية"؛ للسيد السمادوني].
وتتكوَّن المهارات الاجتماعية مِن جانبين:أحدهما: مهارة التواصل اللفظي؛ وتتمثل في: (التعبير الانفعالي، والحساسية الانفعالية، والضبط الانفعالي).
والثاني: مهارةُ التواصُل غير اللفظي؛ وتتمثَّل في: (التعبير الاجتماعي، والحساسية الاجتماعية، والضبط الاجتماعي).
ومن أمثلة المهارات الاجتماعية:• حسن الإصغاء والاستماع الهادِف.
• القدرة على إقامة عَلاقات ودِّية مع الآخرين والمحافَظة عليها.
• القدرة على فَهْم وتفسير سلوك ومقاصِد الآخرين، ومن ثَمَّ أداء الاستجابة المناسبة للموقف الاجتماعي بفاعلية.
• القدرة على الإحساس بمشاعر الآخرين.
• إظهار مشاعر الاحترام والتقدير والتعاطف.
• التلاقي البصري، والابتسامة، والضحِك.
وفي إمكان أي شخص أن يتدرَّب
على اكتساب المهارات الاجتماعية، من خلال التسجيل في دورات تطوير الذات
المتخصِّصة، والانتفاع بالحلقات المسجَّلة والمرفوعة على موقع "يوتيوب"،
وعن طريق مطالعة الكتب المصنَّفة في هذا الباب؛ مثل: كتاب: "كيف تكسب
الأصدقاء وتؤثر في الناس؟"؛ لـ"ديل كارينيجي"، وكتاب: "قوة الذكاء
الاجتماعي"؛ لتوني بوزان، كما تجدين لمعًا تدريبيَّة نافعة في بعض
الاستشارات؛ مثل استشارة: "
كيف أكتسب مهارات اجتماعية؟"، واستشارة: "
انطوائي وعزلتي يعوقانني عن تنمية قدراتي"،
مع التأكيد على أنَّ هذه النصائح لا تنفع ولا تُجدِي إن لم تنبعْ إرادة
التغيير من الداخل، كما أن التحسينَ في سماتِ الشخصية يحتاج إلى بعض الوقت؛
فعمليةُ التغيير تراكميةٌ، وتستوجب ارتفاع العزيمة، وقوة الإرادة،
والتجربة، وأثر الزمن.
أما شخصيتي، فلم أجدْ حتى الآن
مقياسًا للشخصية يصفُها بدقة! فلديَّ سمات متوازنةٌ ومتوازية يَصعُب
أحيانًا اجتماعُها في شخصٍ واحدٍ، وهذا ما يجعل عمليةَ الاختيار بين سمتينِ
صعبًا وشاقًّا عليَّ، ولعل من الأهمية أن أذكِّركِ هنا بأني خريجةُ علم
النفس، وقد درستُ المقاييس النفسية ومعايير صياغتها، ودُرِّبتُ على تطبيقِ
بعضها أيضًا، وقد نمَّى ذلك في داخلي القدرةَ على نقد المقاييس، ومعرفة
الثغراث الكامنة فيها، دُمتِ وبلغتِ أقصى المُنَى.
والله
- سبحانه وتعالى - أعلم بالصواب، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على
سيدنا محمد، وآله وصحبه، وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين