السؤالالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.مشكلتي
- بارك الله فيكم - لا أعلم تحديدَها تمامًا، إلا أني أواجه مشقَّة وحرجًا
في تعامُلي مع الناس، وأشعر بالخجل أن أقول للمخطئ: أنت مخطئ بأدبٍ وحكمة،
ربما كان سبب هذا - والحمد لله على كل حال - أن والدتي كانتْ تخاف عليَّ
كثيرًا وأنا صغير، وكنتُ ملاصقًا لها، وربما أيضًا أني لم أعتمدْ على نفسي
في شيءٍ حتى الآن تقريبًا؛ فأهلي يُوَفِّرون لي كل شيء مِن جهة المعاش!كنتُ إذا أتى المدير أو الناظر في المدرسة بمجرد أن يكلِّمني ربما بكيتُ، لا لشيءٍ إلا لأني أهابه.تحسَّنَ
وضْعي كثيرًا، إلا أنني أشعرُ أنه بقِيَتْ آثارٌ لتلك الخصائص، وحينما
أقرأ في الشرع عن الشجاعة والإقدام؛ كصاحب يس، ومؤمن آل فرعون، وأئمة
السلَف الذين كانوا يبذلون كل شيء ويَصْدَعُون بالحق ولا يخافون في الله
لومةَ لائم - أُحَاوِل أن أقلِّدهم، فأحيانًا ينصرني الله على نفسي بمنِّه
وكرمِه، وأحيانًا أَرْكَن إلى الاستسلام بضعف نفسي، وأعوذ بالله مِنَ
العجْزِ والكسَل.أريد
ألَّا أخاف أحدًا إلا الله؛ فهو أهل التقوى وأهل المغفرة، وهو أحق أن
نخشاه إن كنا مؤمنين، كما أرجو أن أموت شهيدًا، ولكن كيف وأنا بهذه
النفسية، وإذا جمعنا الله يوم الحشر يوم تُبلَى السرائر - مع هؤلاءِ
الأعلام الذين بَذَلُوا كلَّ شيء لله الغالي والنفيس - ماذا أقول له؟ وما
هو عذري عنده؟أتمنَّى
أن تساعدوني في التغلب على ضَعْف نفسي، والتحلي بالشجاعة والقوة في الحق،
والجرأة والإقدام على فِعْل الخيرات، خصوصًا التي ينبذها المجتمع؛ كالأمر
بالمعروف، والنهي عن المنكَر.أريد أن
أرى البشر على صورتهم الحقيقية، خلقًا ضعيفًا مثلي لا يملكون لأنفسهم ضرًّا
ولا نفعًا، وأنا أعلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لا يمنعن
رجلًا هيبةُ الناسِ أن يقولَ بحقِّ إذا رآه أو شهده؛ فإنه لا يقرِّب مِن
أجل، ولا يُبَاعِد مِن رزق أن يقول بحقِّ أو يذكِّر بعظيم))؛ صحَّحه
الألباني، وجزاكم الله خيرًا. الجوابأرحِّب بك أيها الأخ الكريم ، وأتمنَّى من الله أن تجد بُغْيَتك معنا، وأن يوفِّقك الله لما يحب ويرضى.أخي العزيز، لا شكَّ أن أسلوبَ
التربية له أثرُه في حياة الفرد؛ فالتدليلُ الزائدُ، والخوفُ الشديد على
الابن يجعله غيرَ معتمدٍ على نفسه، ولا يعطيه الفرصة للتعبير عن نفسه، كلُّ
هذا له آثارُه السلبية التي تَنتهي بضعفِ الشخصية، خصوصًا إذا كان الشخصُ
عنده استعدادٌ للخجل أو الخوف، دَعْنا الآن ننظر إلى الفترة الحاليَّة،
ونحاول علاجَ هذه المشاكل، مع العلم أنك لم تحدِّد سنَّك، وهل ما زلتَ تدرس
أو تعمل؟! لذا أطلب منك ألَّا تجعل مثلَ هذه الأفكار السلبية تُسيطِر
عليك، وأَخبِر نفسَك دائمًا أن ما تُعَانِي منه هو نوعٌ من الحياء أو الخجل
المقبول، ولا يُعَدُّ جبنًا، وليس من العيب أن تدرِّب نفسَك على الشجاعة
مثلًا، ولكن العيب هو أن تظلَّ هكذا؛ لذا التدريبُ سيُكسِبك هذه المهارة إن
شاء الله؛ ومن العوامل التي تُسَاعِدك على التخلص من هذه المشاعر والأفكار
السلبية:
• حُسن الظن بالله والتوكل عليه؛ فكما يقول ابن القيم: إن سبب الجبن سوء الظن، ويقول الشاعر:
إِذَا سَاءَ فِعْلُ المَرْءِ سَاءَتْ ظُنُونُهُ وَصَدَّقَ مَا يَعْتَادُهُ مِنْ تَوَهُّمِ
|
• الاشتراك في الأنشطة الثقافية والاجتماعية.
• ممارسة الرياضات الجماعية المختلفة.
• قَوْل الحق ولو على نفسك؛ فذلك أبعد عن الجُبن.
• طوِّر مهاراتك، سواء في العمل أو في الدراسة.
• ذكِّر نفسك دائمًا بالإيجابيات التي في حياتك.
• احرِص دائمًا على صُحبةِ الأخيار والشجعان، وابتعدْ عن المثبِّطين، كما قيل:
وَاحْذَرْ مُصَاحَبَةَ الجَبَانِ فَإِنَّهُ يُعْدِي كَمَا يُعْدِي السَّلِيمَ الْأَجْرَبُ
|
• أَكثِر من دعاء: ((اللهم إني أعوذ بك من الهَمِّ والحَزَن، وأعوذ بك مِن
العجز والكَسَل، وأعوذ بك من الجُبْن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدَّين
وقَهْر الرجال)).
• أَكثِر من الصَّدقات؛ فالكريمُ لا بدَّ أن يكونَ شجاعًا، والجبان يكون
بخيلًا، وقد قرن الرسول - صلى الله عليه وسلم - بينهما في الدعاء: ((...
وأعوذ بك من الجبن والبخل)).
كما أن هناك طرقًا تُسَاعِدك على تنمية المهارات الاجتماعية، وتُعَالِج الخجل الشديد؛ منها:• كُنِ البادئَ في الحديث مع الآخرين، وأبدِ إعجابك بهم.
• ألقِ التحية يوميًّا على خمسةِ أشخاصٍ غرباء، وكن مبتسمًا.
• حدِّد هدفَك في الحياة بوضوح، واحرِص على بناء عَلاقات مع أشخاص يَسعَون لتحقيق أهداف مشابهة لأهدافك.
• توقَّع الفَشَل أحيانًا، وحوِّله إلى دروس مستفادة، ولا تَيْئس من تَكْرار المحاولات.
• أَكثِر من العبادات والطاعات؛ ((مَن كان مع الله، كان الله معه)).
وأخيرًا:
أسأل الله لك الثباتَ على الحق، وألَّا تخاف في الله لومةَ لائم، نفع الله
بك الإسلام والمسلمين - أيها الأخ الكريم - وجعلَك زخرًا - إن شاء الله.