بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله الكريم المنان الذي من علينا بمواسم للخير نجدد فيها نشاطنا ونعلي فيها هممنا ونستدرك ما فات من أعمارنا وتغفر فيها ذنوبنا وتتكاثر فيها حسناتنا إن نحن استغللناها قدر استطاعتنا.. ومن تلك المواسم شهر رمضان كله ثم العشر الأواخر منه التي خصها الله بمزيد فضل حيث جعل فيها ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر ..
وإنني في هذه العجالة سأتناول بكلمات بسيطة فضل القيام في هذا المبارك والذي وعدنا فيه صلى الله عليه وسلم بغفران الذنوب إن نحن قمناه إيمانا واحتسابا فقال عليه السلام: ( من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه . ومن قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه . ومن قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ) متفق عليه.
ومعنى احتسابا كما ذكره الشيخ أحمد القاضي بقوله:
(فما المراد بالإيمان، والاحتساب هاهنا ؟
قال الحافظ ابن حجر، رحمه الله: (أَيْ مُؤْمِنًا مُحْتَسِبًا ، وَالْمُرَاد بِالْإِيمَانِ: الِاعْتِقَاد بِحَقِّ فَرْضِيَّةِ صَوْمِهِ ، وَبِالِاحْتِسَابِ: طَلَب الثَّوَابِ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى. وَقَالَ الْخَطَّابِيّ : اِحْتِسَابًا أَيْ عَزِيمَة، وَهُوَ أَنْ يَصُومَهُ عَلَى مَعْنَى الرَّغْبَة فِي ثَوَابِهِ طَيِّبَةً نَفْسُهُ بِذَلِكَ غَيْرَ مُسْتَثْقِل لِصِيَامِهِ وَلَا مُسْتَطِيل لِأَيَّامِهِ ) فتح الباري لابن حجر - (ج 6 / ص 138)
وقال ابن بطال
إيمانًا واحتسابًا - يعنى: مصدقًا بفرض صيامه، ومصدقًا بالثواب على قيامه، وصيامه. ومحتسبًا: مريدًا بذلك وجه الله، بريئًا من الرياء والسمعة، راجيًا عليه ثوابه ) شرح ابن بطال - (ج 1 / ص 79)
وقال النووي، رحمه الله : ( مَعْنَى ( إِيمَانًا ) تَصْدِيقًا بِأَنَّهُ حَقّ، مُقْتَصِد فَضِيلَته ، وَمَعْنَى ( اِحْتِسَابًا ) أَنْ يُرِيد اللَّه تَعَالَى وَحْده لَا يَقْصِد رُؤْيَة النَّاس ، وَلَا غَيْر ذَلِكَ مِمَّا يُخَالِف الْإِخْلَاص ) [شرح النووي على مسلم - (ج 3 / ص 101)]
وقال شيخنا، محمد بن صالح العثيمين، رحمه الله : ( يعني إيماناً بالله، ورضاً بفرضية الصوم عليه، واحتساباً لثوابه، وأجره، لم يكن كارهاً لفرضه، ولا شاكاً في ثوابه، وأجره، فإن الله يغفر له ما تقدم من ذنبه))
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخص العشر الأواخر من رمضان بأعمال لا يعملها في بقية هذا الشهر، وذلك لفضلها وخصوصيتها، ولاحتوائها على ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر.
ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شد مئزره، وأحياء ليله، وأيقظ أهله" متفق عليه، ولمسلم: "أحيا الليل، وأيقظ الأهل، وجد وشد المئزر"
وصح عنها أنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره".
وحثّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أفراد البيت الواحد على التعاون في طاعة الله تعالى، فقال عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم: "رحم الله رجلاً قام من الليل فصلّى وأيقظ امرأته، فإن أبت نضح في وجهها الماء، ورحم الله امرأة قامت من الليل وصلت وأيقظت زوجها فإن أبى نضحت في وجهه الماء"
هي مسئولية مشتركة أن يحرص كل طرف على الدفع بصاحبه لينهل من مورد الإيمان ويحضر مواسم الخير، فإن أبت أو أبى كان النضح بالماء تأكيدًا على عظم عبادة "قيام الليل"، وحرصًا على أن لا يفوته أو يفوتها هذا الخير، لكن بلطف ولين ورحمة هي أقدر على الوصول إلى القلب والتأثير في الروح وتحفيز الإرادة، وهي معاني تختزلها كلمة "نَضَحَ".
وزيادة في التوكيد على قيمة العبادة الجماعية بين أهل البيت، قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه أبو سعيد الخدري وأبو هريرة رضي الله عنهما: "إذا أيقظ الرجل أهله من الليل فصليا أو صلى ركعتين جميعًا كتبا في الذاكرين والذاكرات.
فاحرصي على إعانة زوجك على طاعة الله وخصوصا هذه الأيام ولا تكوني سبباً في ضياع وقته و تخذيله وسلوا الله التوفيق في الدنيا والآخرة ,جعلكما الله عونا على الطاعة وجمعكما في جنات النعيم