استمعت محكمة جنايات الجيزة، أمس، لأقوال الشهود ومرافعة النيابة فى محاكمة زهير جرانة، وزير السياحة السابق، ورجلى الأعمال الهاربين هشام الحاذق، وحسين سجوانى، المتهمين بالإضرار العمدى بالمال العام والتربح، من خلال بيع «جرانة» مساحات كبيرة من الأراضى التى تقع ضمن نطاقها مناطق بترولية بمنطقة «جمشة» بسعر يقل كثيرا عن السعر الحقيقى، وبالمخالفة للقواعد. قررت المحكمة التأجيل لجلسة اليوم لاستكمال المرافعة.صدر القرار برئاسة المستشار محمود سامى كامل.
بدأت الجلسة فى العاشرة والنصف صباحا بإيداع المتهمين قفص الاتهام وإثبات حضورهم، وفجر الشاهد سراج الدين سعد، رئيس الإدارة المركزية للاستثمار بالهيئة العامة للتنمية السياحية، مفاجأة من العيار الثقيل حينما قرر أن «جرانة» كان يوافق على بعض قرارات التخصيص بشكل فردى، ودون الرجوع لمجلس إدارة الهيئة، وأوضح أنه تمت الموافقة على تخصيص ٥ ملايين متر مربع لشركة المتهم الثانى هشام الحاذق فى «جمشة»، بينما طلبت شركة «داماك» التى يترأسها المتهم الثالث رجل الأعمال حسين سجوانى، تخصيص ٣٠ مليون متر مربع، وتمت الموافقة على تخصيص ٢٠ مليون متر، بناء على الموافقات الأمنية بسعر دولار للمتر، ثم سألته المحكمة عن الجهة التى حددت سعر بيع المتر، فأوضح أنه تم التخصيص وفق النظام المعمول به منذ عام ١٩٩٦.
وطلب دفاع المتهم الأول عرض إسطوانة (C.D) ضمن احراز القضية مسجل عليها توجيه الرئيس السابق حسنى مبارك بتحديد دولار للمتر، واستمعت المحكمة إلى الـ«C.D»، حيث تضمن شرحا من وزير الإسكان السابق أحمد المغربى للرئيس السابق حسنى مبارك حول افتتاح مطار الأقصر، وأصدر مبارك توجيها بأن يكون سعر المتر دولاراً واحداً فى المنطقة، وعلق القاضى على كلام مبارك بقوله: «مقالش حاجة عن الكورة؟» فضجت القاعة بالضحك.
وأكد الشاهد عبدالعليم عبدالكريم، وكيل أول وزارة البترول، أن اتفاقا قد تم بين وزارتى البترول والسياحة على تخصيص ٥ ملايين متر مربع فى منطقة أرض جمشة لشركة رجل الأعمال هشام الحاذق، ولفت إلى أنه عقب توقيع الاتفاق بين هيئة التنمية السياحية وشركة تنمية جمشة، نشرت وزارة البترول إعلاناً تحذيرياً فى جريدة «الأهرام» يؤكد أن الأرض محل البيع يقع فيها نشاط بترولى، فأرسل جرانة بصفته وزيرا للسياحة حينها خطابا لوزير البترول يؤكد فيه أن الاتفاق تم بحضور رئيس مجلس الوزراء ولا يمكن الرجوع فيه، حفاظا على صورة الحكومة، وسيُفقد الدولة مصداقيتها، ثم عُقد اجتماع بين وزيرى السياحة والبترول وتم خلاله الاتفاق على إتمام عملية البيع.
وبدأ محمد أيوب، رئيس نيابة الأموال العامة، مرافعته بالمعارضة فى قبول دفاع المتهم الثالث حسين سجوانى، لأنه هارب، كما طلب رفض الدعاوى المدنية، لأن الدعوى جنائية، ثم أكد ممثل النيابة أن «الشعب المصرى هو المجنى عليه الأول والأخير فى هذه الدعوى، وأن المتهمين أضلهم الشيطان وكانوا مثالا للنفس البشرية الأمّارة بالسوء التى مهدت لهم الكسب الحرام، كما سفكوا كل القيم العليا وأهدروا المال العام ولم يتدبروا قوله تعالى «وفى السماء رزقكم وما توعدون»، إلا أن نفوسهم ضعفت، وضمائرهم وهنت، وحطوا من شرف الوظيفة، ثم سقطوا بعد أن تناسوا عين الديّان التى لا تنام فتهتكت أستارهم وانفضح أمرهم».
ثم استعرضت النيابة أدلة الثبوت، التى تضمنت تحريات هيئة الرقابة الإدارية التى أثبتت أن جرانة كان يوافق على منح التراخيص لشركات سياحية تابعة لأقاربه وأصدقائه، مثل شركة جمشة التى يشارك فيها شقيقه أمير وعمه وابن عمه، بالإضافة إلى تقرير اللجنة المشكلة من إدارة الكسب غير المشروع بوزارة العدل، والذى أثبت مخالفة جرانة للمادتين ١٢ و١٣ من قرار رئيس الوزراء رقم ٩٢٠٨ لسنة ٩٥ والذى يقضى بضرورة تشكيل لجنة لتحديد سعر البيع، ثم إقرار هيئة التنمية السياحية، ما تسبب فى خسائر بالمال العام وصلت إلى ٥١ مليون دولار.
وكشفت النيابة أن أرض منطقة جمشة كانت بها ٣ قطع، بيعت قطعتان لشركتى «تنمية جمشة» و«داماك» محل الاتهام بسعر دولار واحد للمتر، بينما عرضت شركة «TE» سعر ٢٥ دولاراً للمتر فى القطعة الثالثة، وأكد أنه لا مجال باستناد الدفاع لتوجيهات الرئيس السابق مبارك ببيع المتر بدولار فى تلك المنطقة، لأنه لم يصدر قرار جمهورى بهذا التوجيه، كما أوضح أن ملف القضية يحوى صورا فوتوغرافية تجمع كلاً من المتهم الأول زهير جرانة وعدد من وزراء حكومة نظيف، منهم يوسف بطرس غالى ومحمود محيى الدين ومحمد منصور أثناء توقيع عقد شركة «داماك»، بحضور رئيس الشركة المتهم الثالث حسين سجوانى، وذلك فى دبى بالإمارات، وتعكس الصورة مدى سعادة الوزراء بهذا العقد ما يثير العديد من علامات الاستفهام.
من جانبه، أكد د. محمد بهاء أبوشقة، محامى رجل الأعمال حسين سجوانى، المتهم الثالث، أن الاجتماع الذى تقررت فيه الموافقة على تخصيص ٢٠ مليون متر مربع لشركة داماك شارك فيه محافظو البحر الأحمر وشمال وجنوب سيناء وأسوان، وممثل عن وزارة المالية، وممثل عن هيئة المجتمعات العمرانية، ما ينفى شبهة وجود تواطؤ من قبل جرانة مع موكله.
زهير جرانة