مفاسد تناقل الصور والأفلام
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
لقد انتشر بين بعض الناس اليوم نشر الفساد والدلالة عليه بل والدعاية له واجتالتهم شياطين الجن والإنس حتى أنسوهم قول الله سبحانه وتعالى: (( وقفوهم إنهم مسؤلون )) ولعل من ذلك الشيء الذي ذكرت تناقل الصور والأفلام والقصص الجنسية.
ولعلي في هذه العجالة أن أذكر لكم ثلاث مفاسد لهذه المعصية:
أولاً: أن من أرسلها فإنه يحمل ذنبه وذنوب من أُرسلت لهم جميعاً إلى يوم القيامة كما قال تعالى : (( ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم )) وهذه المواد الإباحية من أعظم الضلال والإفساد .
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله : أي يصير عليهم خطيئة ضلالهم في أنفسهم , وخطيئة إغوائهم لغيرهم واقتداء أولئك بهم .
وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً ومن دعا إلى ضلاله كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً ."
ثانياً : أن في ذلك مجاهرة بالذنب.
قال أبو هريرة رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " كل أمتي معافى إلا المجاهرين , وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً ثم يصبح وقد ستره الله فيقول : يا فلان عملت البارحة كذا وكذا , وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عنه ." رواه البخاري ومسلم .
قال إبن حجر رحمه الله: ستر الله تعالى مستلزم لستر المؤمن على نفسه, فمن قصد إظهار المعصية والمجاهرة بها أغضب ربه فلم يستره, ومن قصد التستر بها حياء من ربه ومن الناس مَن الله عليه بستره إياه .
قال إبن بطال رحمه الله : وإذا تمحض حق الله فهو أكرم الأكرمين ورحمته سبقت غضبه فلذلك إذا ستره في الدنيا لم يفضحه في الأخره , والذي يجاهر يفوته جميع ذلك .
ثالثاً : إن في ذلك إشاعة للفاحشة في الذين آمنوا , وقد قال تعالى
( إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخره والله يعلم وأنتم لاتعلمون )) قال البغوي رحمه الله : يحبون أن تشيع الفاحشة , يعني: يظهر و يذيع الزنا .
وقال ابن القيم رحمه الله : هذا إذا أحبوا إشاعتها وإذاعتها , فكيف إذا تولوا هم إشاعتها وإذاعتها .
فليتق الله في نفسه كل من تلطخ بهذا الإثم المبين وليبادر بتوبة نصوح قبل أن يدهمه الموت وهو على هذه الحال السيئة , ومن ابتلي بهذه القاذورات حتى صار أسيراً لها فلا أقل من أن يستتر بستر الله تعالى ولا يكون عوناً للشيطان الرجيم على شباب المسلمين وفتياتهم وليقصر هذا الإثم على نفسه ولا يعديه إلى غيره.
فمن فعل ذلك رُجيت له التوبة وهو حري أن يُعتق من أسر تلك الخطيئة المردية .
وإليكم هذه القصة المحزنة لأحد الشباب الذي اشترك في أحد المواقع لمدة خمس سنوات بمبلغ معين على أن يرسلوا له في كل أسبوع مجموعة من الصور الجنسية ثم أخذ يعرض تلك الصور على أصدقائه فأرادوا أن يشتركوا في ذلك الموقع فقال لهم ذلك الشاب : عندي فكره كل منكم يعطيني بريده الإلكتروني وإذا وصلتني تلك الصور فبطريقة معينة سوف أجعلها تصلكم مباشرة .
فجمع ذلك الشاب تقريبا مائه بريد إلكتروني وصارت الصور إذا أرسلت له مباشرة تصل أيضا إلى أصدقائه، وبعد ستة أشهر توفي ذلك الشاب فيقول أحد أصدقائه : عندما أفتح البريد الإليكتروني الخاص بي وأرى تلك الصور التي لا زالت ترسل لنا أحزن كثيرا وأتذكر صاحبي الذي مات فراسلت ذلك الموقع لكي يوقفوا إرسال تلك الصور فقالوا لي : أعطنا الرقم السري للاشتراك.
فقلت : لا أعرفه ولكن الرجل الذي اشترك عندكم قد مات مات قالوا : لا نستطيع لأنه باقي على اشتراكه خمس سنوات ونصف.
وعندما أخذت الوالدة للعزاء خرجت وقالت لي : إن والدة ذلك الشاب تقول أنها رأت ابنها في المنام وكأن مجموعة من الكلاب تأتي إلى قبره وتتبول على وجهه .
وقالت إن والدته حزينة من ذلك الحلم وتريد منك أن تسأل عن تفسيره فقلت في نفسي : لا داعي لتفسيره فتفسيره معروف فهذه هي الصور الجنسية التي خلفها بعد مماته فأصبحت مثل الوقف السيئ والسيئات الجارية التي تصله في قبره والله المستعان. نسأل الله أن يغفر له ويتجاوز عنه.
وأخيرا أحبتي توبوا إلى الله توبة نصوحا صادقة من قلب خاشع وافتحوا صفحة جديدة مع الله وأعلموا أن الله تواب رحيم يفرح بتوبة عبده إذا تاب ويمحو عنه ذنوبه مهما كانت والتائب من الذنب كمن لا ذنب له .
واعلموا أنكم إن صدقتم في التوبة بدل الله سيئاتكم إلى حسنات كما قال سبحانه :" إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما " واجعلوا من ندمكم على ما وزعتم من صور أو أفلام أو قصص جنسية سببا لنشاطكم في مكافحتها بكل الوسائل الممكنة ومراسلة كل من أرسلتموها لهم ليزيلوا ما وصلهم عن طريقكم مع نصحهم وتوجيههم لعل الله أن يهدي على يديكم الكثير ممن ابتلوا بهذا الداء الخبيث.
وأخيرا أسأل الله لكل من نشر هذا المقال في المنتديات أو المواقع الإليكترونية أو القنوات الفضائية أو أي مكان أسأل الله أن يجعله ممن يأخذه محمد صلى الله عليه وسلم بيده إلى الفردوس الأعلى من الجنة.