اسلام ويب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

من فقه الدعاء يقول سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "أنا لا أحمل همَّ الإجابة، وإنما أحمل همَّّ الدعاء، فإذا أُلهمت الدعاء كانت الإجابة معه". وهذا فهم عميق أصيل ، فليس كل دعاء مجابًا، فمن الناس من يدعو على الآخرين طالبًا إنزال الأذى بهم ؛ لأنهم ينافسونه في تجارة ، أو لأن رزقهم أوسع منه ، وكل دعاء من هذا القبيل ، مردود على صاحبه لأنه باطل وعدوان على الآخرين. والدعاء مخ العبادة ، وقمة الإيمان ، وسرّ المناجاة بين العبد وربه ، والدعاء سهم من سهام الله ، ودعاء السحر سهام القدر، فإذا انطلق من قلوب ناظرة إلى ربها ، راغبة فيما عنده ، لم يكن لها دون عرش الله مكان. جلس عمر بن الخطاب يومًا على كومة من الرمل ، بعد أن أجهده السعي والطواف على الرعية ، والنظر في مصالح المسلمين ، ثم اتجه إلى الله وقال: "اللهم قد كبرت سني ، ووهنت قوتي ، وفشت رعيتي ، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفتون ، واكتب لي الشهادة في سبيلك ، والموت في بلد رسولك". انظر إلى هذا الدعاء ، أي طلب من الدنيا طلبه عمر، وأي شهوة من شهوات الدنيا في هذا الدعاء ، إنها الهمم العالية ، والنفوس الكبيرة ، لا تتعلق أبدًا بشيء من عرض هذه الحياة ، وصعد هذا الدعاء من قلب رجل يسوس الشرق والغرب ، ويخطب وده الجميع ، حتى قال فيه القائل: يا من رأى عمرًا تكسوه بردته ** والزيت أدم له والكوخ مأواه يهتز كسرى على كرسيه فرقًا ** من بأسه وملوك الروم تخشاه ماذا يرجو عمر من الله في دعائه ؟ إنه يشكو إليه ضعف قوته ، وثقل الواجبات والأعباء ، ويدعو ربه أن يحفظه من الفتن ، والتقصير في حق الأمة ، ثم يتطلع إلى منزلة الشهادة في سبيله ، والموت في بلد رسوله ، فما أجمل هذه الغاية ، وما أعظم هذه العاطفة التي تمتلئ حبًا وحنينًا إلى رسول الله - صل الله عليهلم -: (أن يكون مثواه بجواره). يقول معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: "يا بن آدم أنت محتاج إلى نصيبك من الدنيا ، وأنت إلى نصيبك من الآخرة أحوج ، فإن بدأت بنصيبك من الآخرة ، مرّ بنصيبك من الدنيا فانتظمها انتظامًا ، وإن بدأت بنصيبك من الدنيا ، فائت نصيبك من الآخرة ، وأنت من الدنيا على خطر). وروى الترمذي بسنده عن النبي - صل الله عليهلم -: أنه قال: ((من أصبح والآخرة أكبر همه جمع الله له شمله ، وجعل غناه في قلبه ، وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومن أصبح والدنيا أكبر همه فرَّق الله عليه ضيعته ، وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتب له)). وأخيرًا .. أرأيت كيف أُلهم عمر الدعاء وكانت الإجابة معه ، وصدق الله العظيم إذ يقول: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (186)" (البقرة:186).


 

  الحذر يا فتاة الإسلام من كذبة أبريل (نيسان)!

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة


avatar


نقــاط : 99970
 الحذر يا فتاة الإسلام من كذبة أبريل (نيسان)!  Oooo14
 الحذر يا فتاة الإسلام من كذبة أبريل (نيسان)!  User_o10

 الحذر يا فتاة الإسلام من كذبة أبريل (نيسان)!  Empty
مُساهمةموضوع: الحذر يا فتاة الإسلام من كذبة أبريل (نيسان)!     الحذر يا فتاة الإسلام من كذبة أبريل (نيسان)!  Emptyالأربعاء 27 مارس 2013 - 15:34

الحذر يا فتاة الإسلام من كذبة أبريل (نيسان)!

بسم الله، والحمد لله حمدًا كثيراً يليق بجلال وجهه وعظيم سُلطانه، والصَّلاة والسَّلام على نبي الهُدى، من بعَثه ربّه ليتمِّم من الأخلاقِ مَكَارمها ومحاسنها، وليكُون للعالمين نِبراساً وهادياً وإماماً.

أيا أخيّة، إنَّ حُسن الخُلق أساسُ تزكيةِ النُّفوسِ ونقاء السَّريرة وهو زينةُ المؤمنين وحِلية الصَّالحينَ، وخيرُ قرين على تعاقُب الأزمان والأحيان.

صَلاحُ أَمرِكَ لِلأَخلاقِ مَرجِعُهُ *** فَقَوِّمِ النَفسَ بِالأَخلاقِ تَستَقِمِ[1].

وإنَّ مِنْ عَظيمِ الصِّفاتِ التي أمرَ اللهُ - تعالى -بها وحثَّنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - على الاتِّصاف بها الصِّدقُ، فقال - تعالى -وهو أصدقُ القائلين: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) [التوبة: 119].

فهل يتنافى هذا الخُلُق الطيّب مع ما انتشر بين عامّة النَّاس من كذبة أبريل (نيسان)؟

أقول يا حبيبة: أيْ نعم، يتنافى معه، أيْ نعم يُناقضه، وهل نقيضُ الصِّدق غير الكذب؟

فهل علمتِ ما الصِّدق وما جزاءُ من يصدق في حديثه؟ وهل علمتِ ما الكذب وما جزاءُ الكاذب؟

إن الأوَّل يهدي إلى الجنة والثاني إلى النار، إن الصِّدق مفتاحُ البر والكذبُ مفتاح الإثم والفُجور، يقول - عليه الصلاة والسلام -: ((عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ، فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ صِدِّيقًا، وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ، فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ كَذَّابًا))[2].

إيّاكِ والكذب يا أختي، لعمري إنه من قبائح الذُّنوب وفواحش العُيوب، فما بالُك يا أخيّتي تستسهلين الأمور؟ ألا إنَّ الصِّدق طُمَأنينة وَإِنَّ الكذب ريبة.

أما علمتِ أن الكذب في الحديث من خِصال المنافقين؟

عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((آيَةُ المُنَافِقِ ثَلاَثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ)) [3]، وبئس هذا الوصف لمن اتَّصف به!

قد يكون ردّك: كذبة واحدة، لن تضّر!

إن اعتقدتِ يا أختاه أنها بيضة الديك فستُثنِّيها قاصدة أو غير قاصدة، فللشيطان خُطوات ومداخل، والذَّنب يجر إلى الذَّنبِ، والمُنكر يشفع بالمنكر، فالكذبة الواحدة إن اعتقدتِ مُرورها بسَلام، فتتبعينها بأخرى، ورُبَّ كذبة جالبة لقلّة ثقة، بل رُبَّ كلمة لا تُلقي لها بالا فتعودُ عليكِ بالوبال.

كُوني ممن يُوثَقُ بخبرهم، كُوني ممن لا يُقدَحون في صِدقهم ولا يُتَّهَمون في ما يقولون، في هذا اليوم وفي سائر الأيَّام.

ولله در زياد بن أبيه حين قال في خطبته البتراء: ((إنَّ كِذْبَةَ المِنبر بلقاءُ مَشْهُورةٌ، فإذا تعلَّقتم عليَّ بكِذبةٍ فقد حلّت لكم معصيتي، وإذا سمعتموها مِنّي فاغتمزُوها فيَّ واعلموا أنَّ عندي أمثالَها))[4]، لقد أدرك جيِّدا ما يجرُّه الكذب على صاحبه، ومِقدار ما يحط من مكانة الرَّجل عند قومه ورعِيَّته، فمن وَقع في الكذب مرّة هَان عليه فعلُه مرّات.

بل كل من له نخوة وعِزَّة نجدُه يمقتُ الكذب ولا يُداريه، فهذا أبو سفيان قبل إسْلامه حينَ كان مُعاديًا لنبيِّنا - صلى الله عليه وسلم - في أوَّل الأمر، قد ارتحلَ إلى الشام مُتاجراً رُفقة ركب من قُريش، فلما سمع بهم هِرَقْل ملك الروم دعاهُمْ فِي مجلسه وحوله عُظماء الرُّوم، وَدعا بترجمانه وسأل أبا سفيان عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فقال: " فَوَاللَّهِ لَوْلاَ الحَيَاءُ مِنْ أَنْ يَأْثِرُوا عَلَيَّ كَذِبًا لَكَذَبْتُ عَنْهُ" [5]، لقد خَشي أن تُؤثر عليه كذبة، فما بالُ المسلمين يسعوْن إلى الكذب سَعْيا؟ وقد نهاهم دينهم عنه؟

فلا يزالُ بِسَاطُ الرّيبة والشكِّ مطْويّاً بينكِ وبين من تتعاملين معهم، مادام نهجك الحقّ وطبعكِ صِدق المقال يا أخيّة.

قد يكون ردّك: لستُ سوى مازحة، أنتِ من تُضخِّمين المسألة وتهوّلينها وتُعطينها أكثر من حجمها!

لو كان هذا ردُّك لذكَّرتُ نفسي وذكَّرتُك بقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: ((إِنِّي لَأَمْزَحُ، وَلَا أَقُولُ إِلَّا حَقًّا))[6]، أليس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قُدوتي وقُدوتُك؟ ألَسْنا مأمُورين بطاعته؟ ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا)﴾ [النساء: 59].

تعالي يرحمك الله- لنقرأ سويّا هذا الحديث الذي قال فيه الرَسُولُ - صلى الله عليه وسلم -: ((أَنَا زَعِيمٌ بِبَيْتٍ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا، وَبِبَيْتٍ فِي وَسطِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ وَإِنْ كَانَ مَازِحًا وَبِبَيْتٍ فِي أَعْلَى الْجَنَّةِ لِمَنْ حَسَّنَ خُلُقَهُ))[7].

أفلا ترغبين ببيتٍ في وسط الجِنان رسول الله زعيمه؟! يا الله ما أروعها من نعمة!

لا يَعترِضُني شكٌّ في رغبتك بل وشوقك لجنَّة عرضُها السَّماوات والأرض-جعلني الله وإيَّاكِ من سُكانها- فاتركي عنكِ إذن الكذبة مازحة، وليكن ديدنكِ الصِّدق في حديثك، في جدّك وهزلك.

عن عبد الله بن عامر، أنه قال: " دَعَتْنِي أُمِّي يَوْمًا وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَاعِدٌ فِي بَيْتِنَا، فَقَالَتْ: هَا تَعَالَ أُعْطِيكَ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((وَمَا أَرَدْتِ أَنْ تُعْطِيهِ؟ قَالَتْ: أُعْطِيهِ تَمْرًا، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((أَمَا إِنَّكِ لَوْ لَمْ تُعْطِهِ شَيْئًا كُتِبَتْ عَلَيْكِ كِذْبَةٌ))[8]، إن كان الحذر من الكذب مطلوبٌ مع الصبيان أثناء مُلاعبهم؛ خوفاً من أن يُكتب على صاحبه كذبة، فكيف مع الكبار؟ وكيف لو كان متعمّدا مع سبق إصرار من الفاعل؟

أيا أخيَّة، ما أقبح خبرا لم يُعِرهُ الصِّدق نُورَه! وما أحسن كلاما تنزّهتْ صاحبته فيه عن الباطل، تتلقفه الأسماع من غير شكٍّ ولا ريبة!

قد يكون ردّك: مجرَّد رغبة في إضحاك أخواتي أو زميلاتي أو أفراد أسرتي.

يقول - عليه الصلاة والسلام -: ((وَيْلٌ لِلَّذِي يُحَدِّثُ فَيَكْذِبُ لِيُضْحِكَ بِهِ الْقَوْمَ، وَيْلٌ لَهُ وَيْلٌ لَهُ))[9] كرّر - صلى الله عليه وسلم – ((وَيْلٌ لَهُ)) إيذاناً بشِدّة هلاك المحدِّث الذي كذب بُغية إضحاك القوم.

هل ترضين أخيّتي بدور الضحيّة؟ وهل ترضين أن تتّخذك صُويحباتك هُزُؤاً؟

لعلّك تعلمين أختي في الله أنه لا يحلُّ للمسلم أن يهجُر أخاه فوق ثلاث، فهل تعلمين أيضا أنه لا يحلُّ له أن يروّعه؟ وإلا كيف نسمي الهلع والخوف والجزع الذي يُصيب مَن يقع في مصْيدة يوم كذبة أبريل؟!

فكل الفخاخ مُتاحة وكلُّ الوسائل مُباحة، بل حبّذا تفنّن في إبداع الحيّل واختلاق الكذبة!

وليتها تكون مدبّرة بطريقة ذكيَّة محكمة النَّسج، ويا ليتَ الخبر يُصاغ ويُلفَّق بكثير من الحرْص والإحكام حتى تُخدع الضحيّة، ويُرى المكذوب عليه وقد وقع في الفخّ مع درجة الامتياز للكاذب!

وكيف لا يكون حاذقا ماهرا بهِمَّة قصِيَّة المرمى، لعلَّه تذكَّر الإتقان والإحسان، ولعلَّه يظفر بكلمة مدح وإطراء واستحسان: أَحْسنَ الرَّجل فيما صنع!

إنه لا يعدو أن يكون نسّاج كذب، صوَّاغ باطل، سَرَّاجا مَرَّاجا للأحاديث.

واعجبا لمن يروِّع الآمن ويستغفله لمجرّد الترفيه والضَّحك والترويح عن النفس؟! ويؤكد: إنها رخصة!

كفانا يا أخواتي في الله بحديث نبيّنا واعظا، قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِمًا))[10].

ومن باب الترويع أن يأخذ أحدنا متاع آخر والحُجة المزاح والمداعبة، ناسياً ما قد يحدثه هذا التصرف -الذي نحسبه عادياً من غفلتنا- من تشتيت للذهن، وجدّ وجُهد في البحث عن الضالّة، يقُولُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((لَا يَأْخُذَنَّ أَحَدُكُمْ مَتَاعَ أَخِيهِ لَاعِبًا، وَلَا جَادًّا))[11].

فكيف لو كان ترويعكِ لأخواتكِ بأمر جلل، كأن تقولي: فلانة أو فلان مات، أو حصل مع زوجكِ كذا أو رأيتُ زوجك مع فلانة، أو تعرضت عائلتكِ لحادث سيارة، أو أي فكرة مستطيرة الشَّرر، تُلبس ضحيّتكِ الرُّعب وتسلبها الأمان، وكم سمعتُ وسمعتِ من أخبار بدأت بمزحة أبريل وانقلبت جحيما، وعاد الكاذب ليقول: لم تكن سوى كذبة أبريل! لكن متى؟ حين لا ينفع عضُّ البنان ولا يُغني النَّدم!

وما أدراكِ؟ قد لا تتجاوز عنكِ من روَّعتها مازحة، وقد لا تصفح عنكِ، فتتكوَّن العداوة وتجد الضغينة مكانا لها في القلوب، وتحلّ الشَّحناء مكان الوفاق.

تخيّلي لو كنتِ أنتِ من نُسجت حبال الخديعة حولها؟ هل كنت ترضين؟

ربّما تضربين عن إِساءة أخيّتك صفحاً جميلا، وتغضين عن كذبتها الطَّرف، وربما تفقدين الثقة بكلامها، وربما يُقطع حبل الوِصال الأخويّ بينكما فلم كلُّ هذا؟

لله در عبد الله بن مسعود - رحمه الله - حين ارْتَقَى الصَّفَا فأخذَ بلسانه فقال: " يَا لِسَانُ، قُلْ خَيْرًا تَغْنَمْ، وَاسْكُتْ عَنْ شَرٍّ تَسْلَمْ، مِنْ قَبْلِ أَنْ تَنْدَم"[12].

فقُولي خيراً، وأعْرضي عن كذبة أبريل تسلمي، فلا شيء يعدلُ السّلامة، وهنا يصدُق قول الشّاعر:

الصدقُ أَفْضَلُ شيء أَنْتَ فاعِلُه *** لا شيءَ كالصِّدق لا فخرٌ ولا حَسَبُ[13].

والكذب في ما ذكرتُه لكِ، وذكّرتُ به نفسي وإيّاك، منعدمٌ نفعه، وبالٌ على المخاطِب والمخاطَب، محرّم شرعاً، مع الإشارة أن من الكذب ما هو مُباحٌ لضرورة أو حاجة مع انعدام الطُّرق الأخرى التّي تفي بنفس الغرض، كالذي يُرجى به الإصلاح بين النّاس، أو في الحرب إرهاباً لأعداء الله محقّقاً مصلحة للمسلمين، أو حديث الزوجين تطييباً للخاطر وزَرْعاً للألفَة والمحبّة بينهُما، وإلا فالأصل كما ذكرتُ والكَذِبُ حرامٌ في أبريل وفي غَيرِه، فأين تحقيقُ هذه المصالح الشَّرعية من كذبة أبريل تلك؟

واعلمي أيا حبيبة أن ديننا دين يُسر، وكلُّه خير، ولا مانع من المزاح الخفيف، بل الترويح عن القلوب مطلوب مرغوب لأجل طرد الملل، أو لتَطييب المجالس بضوابط -لا مجال لبسطِها كلِّها- أهمها ألا يكون المزاح إلا صِدقا، وأن لا يكون من باب الترويع والتخويف.

يبقى أن ألقى منكِ ردّاً كثيراً ما يطرق سمعي، فيُحدث في القلب ألماً يعتصره: مجرّد تقليد!

بالمقابل لا أفتأ أردّد كلام خير البشر، وهو يخاطب أُمَّته عليه صلوات من ربي وسلام، قائلا: ((لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ، وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ))، قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ: اليَهُودَ، وَالنَّصَارَى قَالَ: ((فَمَنْ))[14]، إنّ التشبُّه بالكفرة منهيٌّ عنه في ديننا بل الواجب مُخالفتهم لا محاكاتهم وتقليدهم، فهل عَمِيتْ عليكِ وُجُوه الرُّشْد يا حفيدة خديجة وعائشة؟

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ))[15]، ألا بُعدا لتشبُّه يجعلكِ من هؤلاء القوم!

نعم، إيّاك أعني يا فتاة الإسلام، إنَّ كذبة أبريل/نيسان، تقليد غربي محض، يُطلق عليه بالفرنسية: (poisson d'avril) وبالإنجليزية: (April Fool's Day)، لم أقف عند قول فصل بخصوص تاريخها، لوجود آراء مختلفة حول نشأة هذا التصرّف الغريب في المجتمعات الغربية، فيُقال أنها استحدثت بفرنسا حوالي سنة 1582م، مع احتفالات حلول فصل الربيع، ثم انتشر هذا التقليد لبقية أوروبا على شاكلة بريطانيا واسكتلندا في القرن 18 للميلاد، إلى أن أصبح يتَّصف بالدوْلية.

وأما الترجمة الحرفية لهذا الموروث الغربي من الفرنسية فهي: (سمكة أبريل)، دلالة على انتقال الشمس فيه من برج الحُوت الذي ينتهي يوم 20 مارس/آذار- إلى برج الحمل- الذي يبدأ يوم 21 مارس/آذار-، وقد يكون دلالة على اصطياد المغفَّلين مثلما تُصطاد السّمكة! وقيل أيضاً أن هذا الاحتفال من بقايا طُقوس وثنية[16].

وفي كلِّ الأحوال فهو تقليدٌ أوروبي يقوم على إشاعة الأكاذيب بين النَّاس في اليوم الأوَّل من أبريل، ويكون فيه من يُصدِّق هذه الأكاذيب ضحيَّة كذبة أبريل، فهم بين كاذب وكذبة وضحيَّة أحمق مُغفَّل في عُرفهم، يصيِّرونه أحدوثة الآخرين!

أنتِ لست طوع أمر الغرب يا أخيّة، لا تكوني سهلة الانقياد لعاداتهم، فلا أحد يُرغمك على الكذب، ولا أحد يجبرك عليه، فلم تفعلينه طوْعاً؟

فالكذب محرّم، ولا يجوز ولو مزاحاً، كما لا يجوز ولو مرَّة واحدة، وتقليد الكُفار منهيُّ عنه فتأملي....!

وأخيراً: ما أحوجنا إلى حُسن الخُلق فيما بيننا! فإنه أرْجى منفعَة، وأتمُّ عائدة.

فَإِذا رُزِقت خَليقَةً مَحمودَةً *** فَقَدِ اِصطَفاك مُقَسِّمُ الأَرزاقِ[17]

واهًا لمن اصطفاها مقسّم الأرزاق... !!

أوصيكِ ونفسي بتقوى الله وطاعته في السِرِّ والعلن، ( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) [فصلت: 46]، ونسأله - جل وعلا - أن يُجنبنا منكرات الأخلاق والفواحِشَ ما ظهر منها وما بطن، وأن يجعلنا من الصادقين في إيماننا وجميع أقوالنا وأفعالنا.

ــــــــــــــــــــــــــــ

[1]البيت الشعري لأحمد شوقي.

[2] صحيح مسلم، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 4/2013.

[3] صحيح البخاري، تحقيق: محمد زهير بن ناصر الناصر، دار طوق النجاة ط1، 1422هـ، 1/16 صحيح مسلم، 1/78.

[4]الجاحظ، البيان والتبيين، دار ومكتبة الهلال، بيروت، 1423 هـ، 2/41.

[5] البخاري، 1/8.

[6]الطبراني، المعجم الكبير، تحقيق: حمدي بن عبد المجيد السلفي، مكتبة ابن تيمية، القاهرة، ط2، 12/391، والحديث صحّحه الشيخ الألباني

[7]سنن أبي داود، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، المكتبة العصرية، صيدا، بيروت، 4/253، الحديث حسّنه الألباني.

[8]سنن أبي داود، 4/298، الحديث حسّنه الشيخ الألباني.

[9] سنن أبي داود، 4/297، الحديث حسّنه الشيخ الألباني.

[10] سنن أبي داود، 4/301، الحديث صحّحه الشيخ الألباني.

[11] سنن أبي داود، 4/301، الحديث حسّنه الشيخ الألباني.

[12]الطبراني، المعجم الكبير، 10/197.

[13] البيت الشعري للشاعر مسكين الدّارمي.

[14] صحيح البخاري، 4/169.

[15]سنن أبي داود، 4/44، الحديث صحّحه وحسّنه الشيخ الألباني.

[16] ينظر: الدكتور عاصم بن عبد الله القريوتي، كذبة إبريل نيسان (أصلها التاريخي وحُكمها الشرعي).

-Théodore De Jolimont، Monologie du mois d'avril (et de ses poissons).

- موقع (april-fools).

[17] البيت الشعري للشاعر حافظ إبراهيم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الحذر يا فتاة الإسلام من كذبة أبريل (نيسان)!
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» رسالة من فتاة أمريكية لبنات جنسها في الإسلام قصتي مع الإسلام
» رسالة من فتاة أمريكية لبنات جنسها في الإسلام
»  أفيقي يا فتاة الإسلام
»  رسالة إلى فتاة الإسلام
» "نداء إلى فتاة الإسلام"

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اسلام ويب :: ۩✖ المكتبه الاسلاميه والفتاوي الشرعيه ۩✖ :: المـــرأه المسلمه-
انتقل الى: