ربنا تقبل منا
لما كان إبراهيم - عليه السلام - يبني الكعبة مع ابنه إسماعيل كان يدعو ربه بقوله: (رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)[البقرة: 127].
وعندما كان وهيب بن الورد يقرأ القرآن مر على قوله - تعالى -: (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا)[البقرة: 127]، فبكى حتى بل لحيته - رحمه الله - وقال: " يا خليل الرحمن! ترفع قوائم بيت الرحمن، وأنت مشغول أن لا يتقبل منك".
وهذا هو حال عباد الله الصالحين المخلصين كما قال الله: (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا)[المؤمنون: 60] أي: يعطون ما أعطوا من الصدقات والنفقات والقربات: (وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ)[المؤمنون: 60]، أي: خائفة أن لا يتقبل منهم.
وفي الآية الأخرى يقول الرب - تعالى -: (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ)[المائدة: 27]، وكلما علم المرء بذلك فإنه يجاهد نفسه على تحقيق التقوى؛ لكي يتقبل الله منه عمله.
وهكذا كان الأبرار والأتقياء؛ كانوا يعملون ويجتهدون ويخافون من عدم القبول، أما نحن فجمعنا بين التقصير والأمن.
فينبغي للمؤمن أن يتحلى بهذه الصفة، ويشعر قلبه بالخوف من عدم القبول حتى يجتهد ويعمل الكثير.
وينبغي كذلك للمؤمن أن يدعو ربه بالقبول، فهذا هو خليل الرحمن يدعو ربه: (رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا)[البقرة: 127].
ونحن مأمورون بالاقتداء بهم وبهديهم كما في قوله - تعالى -
أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ)[الأنعام: 90].