وسطية أهل السنة والجماعة
إن الحمد لله , نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونتوب إليه , ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له , ومن يضلل فلا هادي له , واشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له , واشهد أن محمدا عبده ورسوله،،،
أما بعد:-
فنحمد الله أن جعلنا جميعا من أهل السنة , ففي ذلك اصطفاء لنا واختيار تكريم من الله تبارك وتعالى , لمن كان كذلك، ونحمده أن جمعنا لنعرف بعضا من خصائصهم ومناقبهم العظيمة , التي ميزهم الله تبارك وتعالى بها عن سائر أهل الإسلام.
تعلمون أن الله تبارك وتعالى يخلق ما يشاء , ويختار، وقد اختار أمة محمد صلى الله عليه وسلم على سائر الأمم والملل، يقول تعالى : (ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا , فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق للخيرات بإذن الله).
ويقول تبارك وتعالى : (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون).
ويقول تبارك وتعالى : (وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا).
فهذه الأمة أوتيت الكتاب واصطفيت , وكانت خير أمة أخرجت للناس , وهي شهيدة على الناس يوم القيامة , حين يشهد عليها رسولها صلى الله عليه وسلم.
والله تبارك وتعالى اختص واختار من هذه الأمة المصطفاة المختارة , طائفة بعينها , هي في هذه الأمة , كأمة الإسلام بين أهل الأديان وسائر الملل , وهذه الفئة والطائفة , هي ما نسميه أهل السنة والجماعة.
ولهذه التسمية مدلولها ففيها وبها يتميز المنهج والخاصية العظمى لأهل السنة والجماعة.
أهل السنة والجماعة , كما يتضح من اسمهم , أول ما يميزهم واعظم خاصية لهم هي انهم يتمسكون بكتاب الله تبارك وتعالى وبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قولا وعملا واعتقادا ظاهرا وباطنا , فلا يأخذون دينهم وإيمانهم واعتقادهم من غير كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم , كائنا من كان ذلك المصدر , ولا يقدمون بين يدي الله ورسوله , ولا يرفعون أصواتهم فوق صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولا يرضون أن يرفع أحدا صوته فوق صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يحدث في هذا الدين أمرا مخالفا لهديه , مجانبا لسنته.
وبضدها تتميز الأشياء فإذا قارنا بين هذا المنهج العظيم وبين غيره من المناهج , فان ذلك الفرق يبدو جليا واضحا , ولسنا في صدد تبيان تلك المناهج بالتفصيل , ولكن لو نظرنا نظرة إجمالية , لوجدنا أن المناهج هي في الأصل ثلاثة:
المنهج الأول : هو ذلك المنهج الذي ينحى المنحى العقلي , الذي يدعي بزعمه العقل , وتحكيم العقل والمنطقية والنظريات العقلية.
والمنهج المضاد : هو ذلك المنهج الذي يستقي ويستمد , من الكشف أو من الذوق أو من الوجد وما شابه ذلك , أي المعايير غير العقلية معيار العاطفة , أو معيار الظن.
وبإيجاز نقول أن الأول هو منحى أهل الكلام عموما من معتزلو الأشعرية ومن جرى مجراهم , هذا المنحنى يجعل الدين والإيمان والعقيدة فكرة عقلية , فالإيمان عندهم فكرة عقلية.
والمنهج المضاد , هو منهج أهل التصوف والتفهم بغير المشروع , وهؤلاء يجعلون الإيمان والعقيدة تجربة روحية.
ولهذا يصعب حصر الطريقتين , لان العقول تختلف وتتباين , و التجارب الروحية الذاتية اكثر اختلافا واكثر تباينا.
وميز الله تبارك وتعالى أهل السنة والجماعة بالرجوع إلى الكتاب والسنة , فعرفوا للعقل قيمته ومنزلته , وعرفوا للحقائق والأذواق الإيمانية الحقة, قيمتها ومنزلتها.
والحكم في ذلك كله هو النص من الوحي من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم , كما قال الله تبارك وتعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قل إنما أنذركم بالوحي.
ولا يوجد عند أهل السنة والجماعة تصور معارضة أو تضاد بين العقل الصحيح السليم , وبين الوحي , ولا بين الذوق الإيماني الصحيح وبين الوحي , فضلا عن أن يقول كما قال أولئك : عند التعرض يقدم العقل , أو يقدم الكشف , أو يقدم أي شيء غير كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم
بل أن من أصول أهل السنة والجماعة , أن أقوال أئمة أهل السنة والجماعة ابتداء من الصحابة الكرام ومرورا بالتابعين ثم بالأئمة الأربعة والسلف الصالح أجمعين أقوال هؤلاء ( على الرغم من قدرهم وفضلهم ) لا يمكن بأية حالة من الأحوال أن يعارض بها نص من الكتاب والسنة على الإطلاق, وإنما هي في منزلة بعد منزلة النص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فلا يمكن أن يقدموا قول أحد , كائن من كان على قول رسول الله صلى الله عليه وسلم , وإن كان صحابيا ذا فضل , أو إماما مجتهدا , فضلا عن أن يقدموا على كلامه أحد المبتدعة أو الضالين أو أصحاب الكلام وأصحاب الأذواق والموازين والكشوفات الباطلة. وبهذا تميز منهج أهل السنة والجماعة.
وينقلنا إلى الميزة الأخرى , فمنهجهم قائم على العلم.
فهم في كل أمر , وفي كل حكم يطلبون الدليل من الكتاب والسنة , ولهذا نجد أن علماء السنة ( الذين كتبوا والذين لم يدونوا ) نجد أنهم جميعا من أهل السنة والجماعة.
أهل السنة والجماعة , أكثر طوائف الأمة حرصا على السنة وتدوينا لها , وحفظا.
وإن وجد من غيرهم من يهتم بها فهو لخدمة هوى في نفسه , أو ليخلط حقا بباطل , ولا يخلوا من ذلك.
أما أهل السنة والجماعة فيهتمون بكتاب الله عز وجل حفظا وتلاوة , ويهتمون بسنة النبي صلى الله عليه وسلم حفظا وفهما , وكذلك تصحيحا وتضعيفا.
فالحديث الضعيف , فضلا عن الموضوع لا يعتد به ولا يعمل به , فضلا عن الكشوفات , أو الآراء أو المنامات التي يعتمد عليها غيرهم.
فهم إذا يتميزون بالبصيرة وبالمنهج الصحيح , وهو منهج العلم المتلقي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بواسطة الرجال الثقات الذين لم تشهد أمة من الأمم على الإطلاق مثلهم في الحصر والضبط والدقة والفهم والاستنباط.
وما يميز أهل السنة والجماعة ويختصون به دون غيرهم من الطوائف , انهم أمة وسط , وهذه الوسطية تتجلى في أمور الإيمان والعقيدة جميعا.
وكما أن هذه الأمة ( أي أهل القبلة عموما ) جعلها الله تبارك وتعالى أمة وسطا.
فأهل السنة هم وسط أهل هذه الأمة وخيارها , وهم أصحاب المنهج الوسط في هذه الأمة.
ولو أخذنا نضرب الأمثلة من أبواب العقيدة بابا بابا , لطال بنا المقام , ولكن نوجز ذلك بما يتضح به المنهج القويم.
فمثلا , في صفات الله تبارك وتعالى:
نجد أن الطوائف قد ضلت , فمنهم من أثبت وغلا في الإثبات , حتى مثل الله تبارك وتعالى بخلقه , وهؤلاء هم أهل التمثيل , أو التشبيه وهؤلاء (ما عبر السلف) عباد صنم، لأنهم جعلوا صفات الله تبارك وتعالى مماثلة لصفات المخلوقين.
وفي المقابل نجد أولئك الذين نفوا صفات الله تبارك وتعالى , وغلوا بالتنزيه ( بزعمهم ) حتى لم يثبتوا له تبارك وتعالى شيئا من صفاته , أو أنكروا بعضا منها , وهؤلاء ( كما قال السلف ) المعطل عابد عدم.
الممثل عابد صنم , والمعطل عابد عدم وصفوا الله تبارك وتعالى بالعدم..!!
كما نقول مثلا في صفة العلو , نقول ونؤمن ونعتقد ( نحن أهل السنة والجماعة ) كما كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه , أن الله تبارك وتعالى على العرش استوى , وأنه فوق جميع المخلوقات.
فيقول هؤلاء ( أي الممثلة ) : استوى كالمخلوقين؟؟
ويقول أولئك ( أي المعطلة ) : لا داخل العالم ولا خارجه ولا فوقه ولا تحته ولا يمينه ولا شماله؟؟
نعوذ بالله من الزيغ والضلال.
فأهل السنة وسط , يثبتون لله تبارك وتعالى كلما أثبته لنفسه أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من الصفات , إثباتا لا تمثيل فيه , وينفون عن الله سبحانه وتعالى ما لا يليق به نفيا لا تعطيل فيه , من غير تحريف ومن غير تكييف.
وهذه هو المنهج السليم الصحيح الذي كان عليه أهل السنة والجماعة جميعا.
ولننتقل إلى باب آخر...
فمثلا في باب الإيمان والأحكام والأسماء , نجد أن بعض طوائف الأمة قد غلت , حتى كفرت من يرتكب ذنبا من الذنوب دون الكفر أو الشرك , أخرجته من الملة أو حكمت عليه بالخلود في النار.
ونجد في المقابل , من استهان وفرط في الأمر , حتى سل أهل المعاصي والكبائر والفجور وجعلهم مؤمنين كاملي الإيمان.
فالخوارج مثلا وتبعهم في ذلك المعتزلة , يقولون أن مرتكب الكبيرة كافر ( كما تقول الخوارج ), أو هو في منزلة بين الإيمان والكفر ( كما تقول المعتزلة ) , فغلوا في ذلك , فجاؤا إلى كل ما ذكر الله تبارك وتعالى أو رسوله صلى الله عليه وسلم من المعاصي والكبائر , كالزنى وشرب الخمر والسرقة وأمثالها , فجعلوا فاعل ذلك كافر , خارج عن الملة مثل من عبد غير الله تبارك وتعالى.
هذا غلو , رغم أن هذا الغلو كانت تصحبه العبادة , ويصحبه الزهد بالدنيا , كما سيأتي إن شاء الله فيما يتعلق في هذه الخاصية.
وأما المرجئة , فانهم قالوا أن العبد إذا قال لا اله إلا الله وشهد لله تعالى بالوحدانية واقر لمحمد صلى الله عليه وسلم بالرسالة , فانه مؤمن كامل الإيمان , وان عمل ما عمل , وأنكروا أن الإيمان يزيد وينقص . وكلا هذين الطرفين خرج عن الجادة الصحيحة وعن الصراط المستقيم , وعن ما جاء في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم . فمما هو معلوم , كما لا يخفى على أحد يقرا كتاب الله عز وجل , أن الله تارك وتعالى فرق في الحكم بين من يشرك به فيعبد غيره , وبين من يرتكب شيئا من هذه المعاصي , كما فرق النبي صلى الله عليه وسلم . والأدلة كثيرة , لا تحصى , وهو صلى الله عليه وسلم رجم الزاني وقطع يد السارق وجلد شارب الخمر . فلو كانت كل هذه الذنوب ردة وكفر كالكفر الأكبر المخرج من الملة , لكان حكمها واحد ولا تفريق بينها . وأيضا للمرجئة , لو كان العاصي والفاجر , كامل الإيمان , فما معنى تلك الآيات العظيمة التي جاءت في صفات المؤمنين وفي بيان أحوالهم وما يتميزون به عن غيرهم , وتلك الآيات الصريحة القطعية من كتاب الله تعالى في بيان أن الإيمان يزيد وينقص , وما جاء أيضا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فوفق الله تبارك وتعالى أهل السنة , فكانوا الأمة الوسط بين هؤلاء وهؤلاء.
وإذا انتقلنا إلى باب آخر من أبواب العقيدة والإيمان...
ننتقل إلى باب القدر , الذي ضلت فيه العقول والأفهام التي ابتعدت عن كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
وفق الله تبارك وتعالى أهل السنة والجماعة , فكانوا على الجادة والصراط المستقيم.
فإن القدرية ( أي الذين نفوا القدر ولم يثبتوه ) غلوا في تحميل العبد للمسؤولية عند فعل المعصية , فقالوا : العبد مسؤول عما يفعل من المعاصي وغلوا في ذلك حتى قالوا أن الله تعالى لم يقدر عليه هذه المعاصي ولم يخلقها , ثم غلوا حتى جعلوا جميع أفعال العبد , هو الذي يستأنفها من عند نفسه , والله تبارك وتعالى لم يكتبها عليه , ولم يقدرها عليه , وغلا بعضهم فقال لا يعلم الله بها إلا بعد وقوعها، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
كل ذلك غلو وجموح وجنوح عن الصراط القويم.
فقابلتهم الجبرية...
وقالوا لا حيلة للعبد ولا إرادة له ولا اختيار , وغلوا في إثبات القدر , حتى آل بهم الأمر إلى أن جعلوا الإنسان كالريشة في مهب الريح , لا إرادة له ولا اختيار , فكل الأمور بالقدر وكل تأمرون قدره الله , حتى إذا فعلوا المعاصي وانتهكوا حرمات قالوا : هذا بقدر الله , وليس لنا بذلك أي ذنب.
وهؤلاء في ضلال مبين وفق الله تبارك وتعالى أهل السنة والجماعة , فمشوا وتمشوا بصريح القران والسنة , فاثبتوا أن الله سبحانه وتعالى هو الخالق لأفعال العباد كما هو الخالق لكل تأمرون ( وخلقكم وما تعملون ) وفي نفس الوقت أثبتوا أن العبد هو الفاعل فالعبد هو الذي يفعل أفعاله كما هو في كتاب الله سبحانه وتعالى : (فمن يعمل مثقال ذرة خير يره ومن يعمل مثقال ذرة شر يره)
فالعبد هو الفاعل , والله تعالى هو الخالق , وفعل العبد بناء وبمقتضى مشيئة وإرادة خلقها الله تعالى فيه , وأعطاه إياها , وكما قال تعالى: (وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين).
فالمشيئة التي تنفذ وتتحقق ولا يردها تأمرون هي مشيئة الله تبارك وتعالى , والعبد مع أن له مشيئة يتصرف بها ويكون مسؤولا عما تمليه عليه من الأعمال, إلا أن هذه المشيئة لا تكون إلا بعد مشيئة الله سبحانه وتعالى , وكل ذلك في علمه تبارك وتعالى، فهو كما صرح في القران وفي الحديث.
فأهل السنة والجماعة لا يردون أي آية ولا حديث في القدر بحجة أنه يؤدي إلى الجبر , أو يؤدي إلى نفي مسؤولية العبد , ويؤمنون بالجميع.
وأما أولئك , فإنهم لا بد يردوا..!!!
فالقدرية النفاة , يردون كل حديث أو آية تدل على إثبات القدر ( في بدعتهم تدل على الجبر ) كقوله تعالى : (وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى).
وكالحديث الصحيح المتفق عليه في محاجة آدم وموسى عليهما السلام , عندما تحاجا فقال موسى لآدم ( أنت أبونا الذي خيبتنا وأخرجتنا من الجنة ) , فقال آدم عليه السلام ( أنت موسى الذي اصطفاك الله برسالته وبكلامه , تلومني بأمر قد كتبه الله علي قبل أن يخلقني بأربعين عاما ) , يقول صلى الله عليه وسلم : فحج آدم موسى.
وكذلك حديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه , وهو المسمى حديث الصادق المصدوق , الذي يقول في أوله : حدثني رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق , أن أحدكم ليجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما نطفة ثم يكون علقة مثل ذلك ثم مضغة مثل ذلك ثم يرسل الله تعالى الملك فيأمره بنفث الروح ويأمر بكتب أربع كلمات رزقه واجله وعمله وشقي أم سعيد , والله الذي لا اله غيره أن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها , وان أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها.
فأيضا أنكروا هذا الحديث , وأنكروا كثيرا من الأحاديث رغم ثبوتها وصحتها , لأنها بزعمهم تفضي إلى الجبر.
كما أن أولئك أنكروا كل ما يدل على استقلال العبد بفعله وانه هو الذي يفعل , وبذلك أنكروا كل ظواهر القران وصريحه في أن العبد هو الذي يعمل , كقوله تعالى: (فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى).
فأنكروا أن العبد هو الذي يعطي أو يصدق أو يكذب أو يبخل , وجعلوا الفعل كله له تبارك وتعالى.
المقصود أن الله تعالى وفق أهل السنة والجماعة , فآمنوا بكل الآيات وبكل الأحاديث وكانوا وسطا بين القدرية والجبرية.
إذا انتقلنا إلى موضوع آخر , نجد أيضا هذه الوسطية , وهو موضوع الصحابة الكرام , أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
فالرافضة , يلعنون أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم , بل يكفرونهم إلا نفر يسير معدودين , يقولون انهم علي وأصحابه الذين والوه , والخوارج بالمقابل يكفرون علي ابن أبي طالب وعثمان رضي الله تعالى عنهما ويكفرون من والاهما.
فوفق الله تبارك وتعالى أهل السنة والجماعة , أهل الدليل والاتباع والأثر , فهم يوالون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم جميعا ويترضون عنهم جميعا ولا يكفرون أحد منهم , وإنما يؤمنون ويقرون بما أتثبته الله تبارك وتعالى من فضلهم ومن الكرامة لهم , ومن السابقة ومن الإحسان ويؤمنون بان ترتيبهم في الفضل كترتيبهم في الخلافة , فلا يذموهم كما فعلت الرافضة ولا يكفرونهم , أو يكفرون بعض منهم , كما فعلت الخوارج , وأيضا لا يغلون في حب أحد منهم , حتى أبا بكر الصديق ( وهو أجلهم جميعا) لا يبالغون فيه ولا يرفعونه فوق درجته الحقيقية , كما فعلت الرافضة حين رفعت أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب رضي الله عنه إلى درجة الألوهية , فجعلوه إلها من دون الله وبعضهم جعله في منزلة النبوة، نسأل الله العفو والعافية.
الله سبحانه وتعالى وفق أهل السنة والجماعة , فكانوا على الطريق القويم والوسط , لا مع هؤلاء ولا مع هؤلاء.
وكذلك أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم يحبونهم ويوالونهم ولا يعظمونهم ويخرجوهم من منزلتهم التي هم عليها حقا.
ولا يرضون لما نالهم من الأذى , ولا يؤذونهم , بل يحبونهم المحبة الشرعية التي جعلها الله تبارك وتعالى لسائر المؤمنين وزيادة لقرابتهم من النبي صلى الله عليه وسلم.
من خصائص أهل السنة والجماعة , التي لا يشاركهم فيها غيرهم أنهم موعودون بالنجاة من عذاب الله تبارك وتعالى يوم القيامة , وذلك مبني على أنهم هم الطائفة المهتدية التي ثبتت على الصراط المستقيم في هذه الحياة الدنيا , وأن غيرهم متوعد بالهلاك وبالعقوبة في الآخرة , وعندما نقول أن أهل السنة موعودون بالنجاة وأن غيرهم متوعد بالهلاك , لا يعني ذلك أن كل فرد من أهل السنة والجماعة هو ممن يدخل الجنة ابتداء, كما لا يعني ذلك أن كل فرد من غير أهل السنة والجماعة لا يدخل الجنة انتهاء , أو لا يدخلها ابتداء , ولكن من حيث الجملة أهل السنة موعودون بالنجاة أهل البدع متوعدون بالهلاك.
ثم أهل البدع طوائف , فمن خرج عن الملة فهذا حكمه حكم المشركين والمنافقين في النار خالدا فيها مخلدا، نسأل الله السلامة والعافية.
وغيرهم , فإن الله سبحانه وتعالى ينصب الميزان يوم القيامة وتوضع حسناتهم وسيئاتهم في كفتي الميزان , فما رجح منها فان الله تعالى لا يظلم أحدا.
فهم يدخلون في أهل الكبائر الذين تنالهم شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم ابتداء وقد تنالهم بعد دخول النار فيخرجون منها.
أما أهل السنة والجماعة فمن كان منهم تام الاهتداء في الدنيا , فهو تام النجاة في الآخرة , كما قال تبارك وتعالى: (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون).
فمن كان تام الاهتداء منهم , تاركا للظلم الذي هو الشرك بطبيعة الحال , وليس في أهل السنة والجماعة مشرك.
وتاركا للظلم الأصغر وهو المعاصي والذنوب مجتنبا للكبائر , فهذا يكون ناجيا النجاة الكاملة يوم القيامة.
وأما من كان من أهل السنة والجماعة , ولكنه على معصية من المعاصي كالزنى والسرقة أو شرب الخمر أو ما شابه ذلك , فانه يدخل في الوعيد الذي توعد الله سبحانه وتعالى به من فعل ذلك , ولكنه مع دخوله في الوعيد.
الشفاعة له أرجى بلا شك ممن كان من أهل الكبائر من غير أهل السنة والجماعة.
فمن كان من أهل السنة والجماعة فهو أرجى واقرب إلى رحمة الله تبارك وتعالى من غيره.
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة , وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة , وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة , قيل: ومن هم يا رسول الله , قال : الجماعة.
وفي رواية , من كان على ما أنا عليه وأصحابي.
فهذا الوعيد لأهل الفرق , الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا , الذين خالفوا وصية الله سبحانه وتعالى: (وإن هذا صراطي مستقيم فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتضل بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون).
هؤلاء الذين خالفوا هذه الأوامر وأمثالها , يشملهم الوعيد , فهم من الثنتين والسبعين الذين متوعدون بالنار.
كلها في النار إلا واحدة , هذه الواحدة هي الجماعة , هي أهل السنة , هي من كان على مثل ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
فبذلك يتبين لنا معنى هذا الحديث وهذا ينقلنا إلى قضية المفاضلة بين أهل السنة والجماعة وغيرهم.
وهو أن يقال أن في غير أهل السنة والجماعة من أهل البدع التي لا تخرج عن الملة أهل الشبهات ولا سيما الشبهات العلمية التي قد تخفى على بعض الناس , كالإرجاء غير الغالي وما شابهها , هؤلاء فيهم من العبادة والزهد والجهاد والخير الشيء الكثير.
وهذا واقع.
ولكن نقول أنه من حيث الجملة , ما من خير ولا خصلة عند غير أهل السنة والجماعة , إلا ولأهل السنة والجماعة من ذلك النصيب الأوفر والكمال في هذه الصفة وفي هذه الخصلة.
فأهل السنة والجماعة , منهم المجاهدون ومنهم القراء ومنهم العلماء ومنهم الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر ومنهم الحافظون لحدود الله ومنهم الزهاد ومنهم كل أهل المناقب والفضل في هذه الأمة , فخيريتهم مطلقة , وأما غيرهم وان شاركهم في تأمرون من هذه الخيرية , فان ما شاركهم فيه عند أهل السنة والجماعة أكثر وأوفر ونصيب أكبر.
وأيضا سيئات بعض أفراد أهل السنة والجماعة , يوجد عند أهل البدع مثلها وأكبر منها.
وأهل السنة والجماعة وسط حتى في حياتهم العملية.
فمن أهل السنة والجماعة من كان يلي القضاء , ومن كان يلي بعض المناصب , ومن كان ذا مال وسعة وفضل.
وفي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الأسوة الكاملة , فقد كان فيهم أهل الثراء والغنى , كما كان في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أيضا أهل الفاقة والفقر , أهل الصبر والزهد , وكان في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أهل العبادة والذكر , كما كان فيهم أهل الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومن بعدهم حصل عندهم الاضطراب في ذلك , فبعضهم مال إلى الدنيا وركن إليها ولم يتحرز في قبول أي ولاية ولم يتحرز من قبول أي منصب ولا في التوسع في الدنيا والأخذ منها , وقالوا هذه خيرات وطيبات احلها الله فتوسعوا في ذلك توسعا أخرجهم عما كان عليه السلف من التقلل من الدنيا والرغبة في الآخرة وصدق التوجه إلى الله سبحانه وتعالى ومنهم طائفة مالت إلى العكس , فاخذوا بالزهد وتركوا متاع الحياة الدنيا , حتى انهم حرموا الطيبات , أو على الأقل نظروا إلى من يأخذ شيئا من الطيبات بأنه خارج عن الصواب وعن إصابة الحق فهذا الأمر وان كان أمرا واقعيا عمليا ( أي في التطبيق العملي ) إلا أنه يوصلنا ويدلنا على توسط أهل السنة والجماعة فيه خاصية عظمى يتميز بها أهل السنة والجماعة , وهي:
أنهم يدخلون في الإسلام كله ويجمعون الدين كله , وأما غيرهم فإن حاله كحال النصارى الذين قال الله تبارك وتعالى فيهم: (فنسوا حظا مما ذكروا به), فهؤلاء نسوا حظا مما ذكروا به فكان , (فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء), و وقع بينهم التنازع , فالصحابة الكرام ومن سار على منهجهم من أهل السنة والجماعة جمعوا الدين كله من جميع جوانبه , فكانوا كما قال الله تبارك وتعالى: (يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة), ادخلوا في الدين كله , آمنوا بآيات وأحاديث الوعيد , وآمنوا بآيات وأحاديث الوعد , آمنوا بالآيات والأحاديث التي تثبت صفات الله سبحانه وتعالى , وآمنوا بالآيات والأحاديث التي تنفي مشابهة الله سبحانه وتعالى لما خلقه من خلقه , وتثبت انه سبحانه وتعالى ليس كمثله تأمرون وهو السميع البصير , آمنوا بالآيات التي تدل على أن صاحب الكبيرة متوعد وانه معرض للخطر , وفي نفس الوقت آمنوا بالآيات التي تدل على أن المؤمنين المتقين المحسنين الأبرار في درجة عليا ومنزلة عظمى وبذلك كانوا أمة واحدة مجتمعة على الحق ومجتمعة على الهدى , رغم تباين انتباهاتهم الخاصة , فهم حققوا عبادة الله تبارك وتعالى , والتي لا تتحقق إلا بان يكون له جل شانه كمال الحب وكمال الخضوع وأن يخاف وأن يرجى.
لا بد أن تجتمع أوصاف الرجاء والحب والخضوع , فهذه هي العبودية الحقة , كما قال تعالى: (انهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين) , وكما روي عن انس ابن مالك رضي الله تعالى عنه , يقول : كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
فهذا كان شأنهم , أما غيرهم فإنهم أخذوا جزء من الدين وتركوا الباقي.
فالذين أخذوا جانب الحب وقالوا نعبده تعالى بالحب , قال فيهم السلف , من عبد الله تعالى بالحب وحده , فهو زنديق.
لأنهم قالوا أن المحب لا يؤاخذ المحب , فلهذا فعلوا ما شاءوا ونسوا الخوف والرجاء والخضوع.
والذين عبدوا الله تبارك وتعالى بالخوف فقط , وتركوا الرجاء وأهملوه كما فعلت الخوارج هؤلاء الحرورية , الخوارج قال السلف فيهم: ومن عبد الله بالخوف وحده فهو حروري.
يعبدون الله بالخوف , وينظرون إلى جانب الخوف فوصل ذلك بهم إلى تكفير مرتكب الكبيرة , وإلى القنوط وإلى اليأس من رحمة الله سبحانه وتعالى , وإلى سوء الظن بالله تبارك وتعالى , وإلى إنكار شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم وشفاعة عباد الله الصالحين , كل ذلك نتيجة أنهم أخذوا بجانب الخوف فقط وتركوا الرجاء.
والمرجئة عبدوا الله بالرجاء وحده وتركوا جانب الخوف فأصبحوا يرون أن من قال لا إله إلا الله فقد وجبت له الجنة , وإن عمل ما عمل , وأهدروا جانب الخوف الذي قال عنه السلف الخوف والرجاء كجناحي الطائر لو لم يكن له جناحان لما طار , فلا بد من وجودهما معا , لتكون الحركة متزنة صحيحة.
وفق الله أهل السنة والجماعة , فكانوا جامعين بين الخوف والرجاء وبين المحبة والخضوع , وهذه هي العبودية الحقة والتأله الصحيح لله تبارك وتعالى وظهر أثر الإيمان الحقيقي والصدق في العبودية في نصر الله تبارك وتعالى لأهل السنة وفي تأييده إياهم.
فإن الله سبحانه وتعالى أظهر أهل السنة والجماعة بالحجة والبرهان , فلم يوجد طائفة على الإطلاق من أهل الكلام أو من الخوارج أو من الرافضة أو المرجئة أو سائر الطوائف الضالة , طائفة أفحمت أهل السنة والجماعة بالحجة والبيان , بل جعل الله تعالى حجة أهل السنة ظاهرة وجعل كلمتهم هي العليا ( أي من حيث المنهج ومن حيث العلم وكذلك من حيث الجهاد ) , فإنه ما قامت دعوة التوحيد الصادق إلا ونصرها الله سبحانه وتعالى وأظهرها على جميع الأمة وعلى جميع الأعداء من غير الأمة.
وهذا ببركة ذلك التمسك بالدين كله والإيمان بالكتاب كله وعدم التفريق فيه , وفي ذلك تصديق قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تزال طائفة من هذه الأمة ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم أو من خذلهم" , وفي إحدى رواياته "يجاهدون في سبيل الله ويقاتلون ظاهرين حتى يأتي أمر الله". فمن خصائص أهل السنة والجماعة هذا الظهور وهذه الغلبة, وامتن الله تبارك وتعالى عليهم بأنهم باقون متصلون غير منقطعين إلى أن يأتي أمر الله (وهو الريح الطيبة التي تقبض أرواح المؤمنين قبيل قيام الساعة فلا يبقى إلا شرار الخلق وعليهم تقوم الساعة). عافانا الله وإياكم من أعمالهم وأن يدركنا ذلك الزمان.
فهذا الظهور للحجة والبرهان , يصحبه إظهار الله تبارك وتعالى لهم بالنصر والتأييد والتوفيق.
ومن أعظم ما يميز أهل السنة والجماعة ومن أهم خصائصهم وأجلاها , أنهم منتسبون إلى الرسول صلى الله عليه وسلم... فلو سألت أي طائفة من الطوائف إلى من تنتسبون ومن أول من أظهر أو أنشأ عقيدتكم , لأخبروك.
إلاّ أهل السنة والجماعة فإنهم يقولون: هذا ما كان عليه النبي صلى الله عليه وأصحابه.
لو نظرنا إلى الخوارج نجد أنهم حدثوا في زمن علي رضي الله تعالى عنه.
حين التحكيم حدثت الخوارج , والمرجئة حدثت بعد ذلك , فلم يكن في الصحابة رضوان الله عليهم خارجي , ولا مرجئي , فضلا من أن يكون فيهم رافضي.
والرافضة أخطر من الخوارج , ومن المرجئة , وأول من أنشئها رجل زنديق , هو عبد الله ابن سبا اليهودي.
المعتزلة , لو سئلوا لقالوا أن عمر ابن عبيد هو الذي أسس المنهج , والتاريخ شاهد بذلك , التاريخ المحايد , من أهل السنة وغيرهم.
لو نظرنا إلى أهل الكلام , نجد أن أصولهم ترجع إلى أصول أهل الاعتزال.
الصوفية , يقولون الجنيد سيد الطائفة , وإذا تعمقوا قليلا قالوا يبتدأ من الحسن البصري , وهذه دعوى منهم.
الأشعرية , يقولون نحن ننتمي إلى أبي الحسن الأشعري.
وهكذا كل طائفة , تنتسب إلى رجل ما , ظهر في وقت ما من الأوقات , ولكن أهل السنة والجماعة لا ينتسبون إلا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم , ولهذا لا يقال لهم أن أول من أوجد مذهبهم أو أنشئه أو أسسه فلان , بل ليس في مذهبهم أي تأمرون مما أسس , وإنما هو مذهب اتباع ولا ابتداع , فلا يوجد أصلا من أصول الدين في مذهب أهل السنة والجماعة إلا وهو مأخوذ من كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وإن وجد غير ذلك وسمي أصلا فهذا عند أهل البدع , أما عند أهل السنة والجماعة فهو بدعة محدثة ولا يعتبر من الدين أبدا , ما دام أنه قد حدث بعد النبي صلى الله عليه وسلم وبعد أصحابه.
نكتفي بهذه الميزات وهي ليست بالطبع كل خصائص أهل السنة والجماعة , وإنما هي بعض منها , ذكرناها في إيجاز وبتركيز شديدين , والعبرة العظمى التي تهمنا نحن المسلمين هي أن نؤمن بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم على منهج السلف الصالح , أهل السنة والجماعة ونتمسك بذلك قولا وعملا ونعض عليه بالنواجذ , ونعلم أنه لا نجاة للمسلمين ولا خير ولا فلاح في الدنيا ولا في الآخرة إلا بأن يكونوا على هذا المنهج السليم القويم , ويتمسكوا ويطيعوا قولا وعملا واعتقادا وجهادا ودعوة , تماما كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه والسلف الصالح الكرام , الذين ثبتوا عند المحنة والذين جددوا الدين ومن أبرزهم الأئمة الأعلام , الإمام أحمد رحمه الله تعالى , وشيخ الإسلام ابن تيمية في العصور الوسطى ثم شيخ الإسلام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى في العصر الأخير , وهم كثير والحمد لله , فهؤلاء معقود لهم لواء النصر إلى يوم القيامة , كما بشر النبي صلى الله عليه وسلم وهم أيضا موعودون بالنجاة يوم القيامة عند الله تعالى, كما أخبر بذلك الصادق المصدوق.
ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا وإياكم منهم إنه سميع مجيب..