الهدف من وراء خروج المرأة
حرص أعداء الإسلام على استغلال المرأة المسلمة لهدم مبادئ الأمة الإسلامية من الداخل، ولقد تعددت المداخل التي دخلوا منها للمرأة المسلمة، ومن أهمِ تلك المداخل:
حثُّ المرأة المسلمة على الخروج من البيت، إما للعمل أو لمزاولة نشاطاتٍ في عدد من المجالات المختلفة، وقد تمت تهيئة مختلف وسائل الاختلاط بين المرأة والرجل الأجنبي عنها، مع ضعف الضوابط التي تضبطُ المرأة.
وقد بدأت عملية إخراج المرأة من بيتها بغرض وظائف متعددة للنساء، ووضع المميزات والمغريات المادية، التي تحفزهنَّ للعمل، وأصبحت النساء ينافسن الرجال في أعمال لم يخلقن لمثلها، وقد فتحت الأقسام النسائية في عددٍ من الأماكن، التي كان من الممكن شغرها بالرجال الذين ضاقت عليهم سبل العيش، ولا يجدُ الواحد منهم مالاً يكتسب منه قوته ويلم شعثه، ويحصنُ نفسه بالزواج، ويكون أسرةً مسلمةً لها مردودها الإيجابي على المجتمع كافة، ومن هذا يدخل في عالم الفراغ، ويغلبهُ ضعفُ الإيمان في قلبه، وتغلبه شهوته، ليبدأ أعماله الإجرامية كالسرقة, والزنا, واللواط، وتعاطي المخدرات.
ونتيجةً لهذا يحكم عليه بالإجرام، ويقضى على عنصرٍ فعالٍ في المجتمع، وما ذلك إلاَّ نتيجة استجابتنا لنداءاتٍ مغلفةٍ بغلافٍ براق، يسلب الناظر إليه عقله، ومن خلف هذا البريق يكمن الخطر.
وقد نجد بيتاً يقوم عليه شاب فقد أباه، وتحمل أعباء أسرته كاملة، والتي تضمُ أمه وإخوانه وأخواته، وهذا الشاب المسكين يتقلبُ يمنةً ويسرةً للبحث عن عمل يستطيع أن يكفَّ به حاجة أسرته فلا يجد، وفي المقابل نجد بيتاً يقومُ عليه رجلٌ يتمتع بمركزٍ وظيفي مرموق، يفيضُ دخلهُ عن حاجته، ونجد زوجتهُ وبناته يعملنَّ أيضاً، فيكون لديهم من الدخل ما يكفي لإنقاذ أسرٍ متعددة، ولا مانع في أن يكون عمل المرأة قصر على الحاجة الملحة، كأن تكون معلمةً, أو مطببةً لبنات جنسها، وماعدا ذلك فهو من اختصاص الرجال ولا ينبغي أن تشاركهم فيه النساء، ولو طبق هذا لكان الخطبُ أهون، لكننا نجدُ الأمة تنساق وراءَ تيارٍ جارف، يدعونا الميثاق الذي أخذهُ الله علينا لانتشالها منه، فالمخطط واضحٌ ومكشوف، والأهمُّ من ذلك عملهم في إبعاد المعوقات التي قد تواجهُ المرأة، فمثلا.
المرأة التي يعوقها أطفالها عن العمل، نجد دور الحضانة قد هيئت لذلك، ونجد التعليم في بلاد المسلمين وغيرها إنما يهيئُ المرأة للعمل، لا لتكون ربة بيت.
وإلى هذا أشار أحد رجال الفكر من الكفار أنفسهم في كتاب ألفهُ، والذي نال إعجابهم لدرجة أنَّهُ حاز على جائزة نوبل للأدب، وهذا يعني إقرار منهم لما جاءَ فيه من أراء، والمؤلفُ اسمه (ألكسس كارين) وقد سمَّى كتابه (الإنسان ذل المجهول)، وقد نقد التعليم عندهم قائلا: (يجبُ أن تحسب قوانين التعليم وبخاصةً تلك التي تتعلقُ بالبنات، والزواج, والطلاق، حساب مصلحة الأطفال قبل كل شيء، وينبغي أن تتلقى النساءُ تعليماً أعلى، لا لكي يصبحنَ طبيباتٍ, أو محامياتٍ, أو أستاذات، ولكن لكي يربين أولادهنَّ حتى يكونوا قوماً نافعين) ويقول أيضاً: (أليس من العجيبِ أنَّ برامج تعليم البنات لا تشتملُ بصفة عامة على أيةِ دراسةٍ مستفيضةٍ للصغار والأطفال، وصفاتهم الفسيولوجية والعقلية؟! يجبُ أن تعادَ للمرأة وظيفتها الطبيعية، التي لا تشتملُ الغربيين على الحمل فقط، بل أيضاً على رعاية صغارها)، ونحنُ نذكرُ هذا لا لحاجتنا إليه، فديننا الإسلامي ولله الحمد قد بين كل شيء، ولكن نذكره لمن يسودُ وجهه إذا سمع المقالة صدرت عن أحدٍ من أعلام المسلمين، وتهلل وجههُ فرحاً إذا ذكرت له مقولةً لأحد الغربيين، فيقول هاهُم العقلاء.
وأصحابُ تلك البلاد ينتقدون هذه الأوضاع التي جلبوها إلى بلادنا، ليبدؤوا بنا من حيث انتهوا هم، وليساوونا بهم، مع أن وضعنا يختلف عن وضعهم، فإن كانت المرأة في الغرب معذورةً لأنَّها لا تجدُ الدين الذي يحفظ لها حقها، ولا الرجل الذي يقوم برعايتها، ولا تجد المجتمع الذي يحتضنها إذا عجزت وخارت قواها، فما عذر المرأة في ديار الإسلام وقد أكرمها الله أماً، وبنتاً، وزوجةً، وذات رحم، ألم يكفل الله لها حقوقها؟ فحقها كأم مقدمٌ على حق الأبِ كما جاءَ في حديث النبي- صلى الله علية وسلم- إذ جاءه رجلٌ فقال: (يا رسول الله! من أحق الناس بحسن صحابتي؟ فقال: أمك، قال ثم من؟ قال: أمك، قال ثم من قال أمك، قال ثم من؟ فقال: أبوك).
وكفل لها حقها وهي طفلة، عندما أنقذها من براثنِ الجاهلية التي كانت تفتكُ بها وتغتالها، (وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ* بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ) (سورة التكوير: 9،
[1].
وكفل اللهُ - سبحانه وتعالى - للمرأةِ حقها وهي زوجة، ففي الصحيحين عنهُ - صلى الله عليه وسلم - قال: (استوصوا بالنساء خيرا), وفي الحديث الصحيح عن الترمذي وغيره، عنه- صلى الله علية وسلم- قال: (خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي). وفي الصحيحين عنه- صلى الله علية وسلم- قال: (إذا أنفق الرجل على أهله نفقةً يحتسبها فهي لهُ صدقه).
ولو ذهبنا نتبعُ النصوص الشرعية الواردة في بر الوالدين، وفي الإحسان للبناتِ, والزوجةِ, والأقارب، لطالَ المقامُ بنا، وهذا أمرٌ لا يكاد يخفى، بل إنَّ حالَ الغرب كحالنا بل هو أشد وطأة، ووضعهم الاجتماعي في غايةٍ من التفكك.
----------------------------------------
[1] سورة التكوير آية رقم (8، 9).