اسلام ويب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

من فقه الدعاء يقول سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "أنا لا أحمل همَّ الإجابة، وإنما أحمل همَّّ الدعاء، فإذا أُلهمت الدعاء كانت الإجابة معه". وهذا فهم عميق أصيل ، فليس كل دعاء مجابًا، فمن الناس من يدعو على الآخرين طالبًا إنزال الأذى بهم ؛ لأنهم ينافسونه في تجارة ، أو لأن رزقهم أوسع منه ، وكل دعاء من هذا القبيل ، مردود على صاحبه لأنه باطل وعدوان على الآخرين. والدعاء مخ العبادة ، وقمة الإيمان ، وسرّ المناجاة بين العبد وربه ، والدعاء سهم من سهام الله ، ودعاء السحر سهام القدر، فإذا انطلق من قلوب ناظرة إلى ربها ، راغبة فيما عنده ، لم يكن لها دون عرش الله مكان. جلس عمر بن الخطاب يومًا على كومة من الرمل ، بعد أن أجهده السعي والطواف على الرعية ، والنظر في مصالح المسلمين ، ثم اتجه إلى الله وقال: "اللهم قد كبرت سني ، ووهنت قوتي ، وفشت رعيتي ، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفتون ، واكتب لي الشهادة في سبيلك ، والموت في بلد رسولك". انظر إلى هذا الدعاء ، أي طلب من الدنيا طلبه عمر، وأي شهوة من شهوات الدنيا في هذا الدعاء ، إنها الهمم العالية ، والنفوس الكبيرة ، لا تتعلق أبدًا بشيء من عرض هذه الحياة ، وصعد هذا الدعاء من قلب رجل يسوس الشرق والغرب ، ويخطب وده الجميع ، حتى قال فيه القائل: يا من رأى عمرًا تكسوه بردته ** والزيت أدم له والكوخ مأواه يهتز كسرى على كرسيه فرقًا ** من بأسه وملوك الروم تخشاه ماذا يرجو عمر من الله في دعائه ؟ إنه يشكو إليه ضعف قوته ، وثقل الواجبات والأعباء ، ويدعو ربه أن يحفظه من الفتن ، والتقصير في حق الأمة ، ثم يتطلع إلى منزلة الشهادة في سبيله ، والموت في بلد رسوله ، فما أجمل هذه الغاية ، وما أعظم هذه العاطفة التي تمتلئ حبًا وحنينًا إلى رسول الله - صل الله عليهلم -: (أن يكون مثواه بجواره). يقول معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: "يا بن آدم أنت محتاج إلى نصيبك من الدنيا ، وأنت إلى نصيبك من الآخرة أحوج ، فإن بدأت بنصيبك من الآخرة ، مرّ بنصيبك من الدنيا فانتظمها انتظامًا ، وإن بدأت بنصيبك من الدنيا ، فائت نصيبك من الآخرة ، وأنت من الدنيا على خطر). وروى الترمذي بسنده عن النبي - صل الله عليهلم -: أنه قال: ((من أصبح والآخرة أكبر همه جمع الله له شمله ، وجعل غناه في قلبه ، وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومن أصبح والدنيا أكبر همه فرَّق الله عليه ضيعته ، وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتب له)). وأخيرًا .. أرأيت كيف أُلهم عمر الدعاء وكانت الإجابة معه ، وصدق الله العظيم إذ يقول: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (186)" (البقرة:186).


 

  تعليم المرأة أهميته خصوصيته وضوابطه

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة


avatar


نقــاط : 100210
 تعليم المرأة أهميته خصوصيته وضوابطه  Oooo14
 تعليم المرأة أهميته خصوصيته وضوابطه  User_o10

 تعليم المرأة أهميته خصوصيته وضوابطه  Empty
مُساهمةموضوع: تعليم المرأة أهميته خصوصيته وضوابطه     تعليم المرأة أهميته خصوصيته وضوابطه  Emptyالجمعة 15 مارس 2013 - 15:09

تعليم المرأة أهميته خصوصيته وضوابطه

الخطبة الأولى

الحمد لله، وبعد:

فقد كرم الله المرأة تكريماً لم تعرف البشرية له مثيلاً، وعاشت قروناً طويلة تتفيأ نعمة الله عليها بالإسلام فغدت مصونة مكرمة، أبدلها ربها بخوفها أمناً، وبذلها عزاً، وبجهلها علماً.

وإن قضية تعليم المرأة وحسن تربيتها وتأهيلها لتقوم بما أوجب الله عليها لمن كبرى القضايا وعظائم المهمات.

وقد وعد النبي - صلى الله عليه وسلم - من فعل ذلك بالجنة، قال - صلى الله عليه وسلم -: ((من ابتلي بجاريتين رباهن فأحسن تربيتهن وأدبهن فأحسن تأديبهن كن له حجاباً من النار)) أو كما قال - صلى الله عليه وسلم -.

كما وعده بمضاعفة الأجر وإجزال المثوبة، قال - صلى الله عليه وسلم -: ((أيما رجل كانت عنده وليدة فعلمها فأحسن تعليمها وأدبها فأحسن تأديبها ثم أعتقها وتزوجها فله أجران)) رواه البخاري ومسلم وأحمد.

وكان - صلى الله عليه وسلم - حريصاً على تعليم المرأة وإسماعها الخير.

فعن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - قال: قام النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الفطر فصلى فبدأ بالصلاة ثم خطب فلما فرغ نزل فأتى النساء فذكرهن وهو يتوكأ على يد بلال وبلال باسط ثوبه يلقي فيه النساء الصدقة".

وفي رواية ابن عباس: "فظن أنه لم يسمع النساء فوعظهن وأمرهن بالصدقة".

وقال ابن جريج لعطاء وهما من رواة الحديث عن جابر: أترى حقاً على الإمام أن يذكرهن؟ قال: إنه لحق عليهم وما لهم لا يفعلونه؟.

وقد بلغ حرص المسلمات الأوائل على العلم أن طلبن من النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يعقد لهن مجالس خاصة بهن لتعليمهن.

عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: "جاءت امرأة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله ذهب الرجال بحديثك فاجعل لنا من نفسك يوماً نأتيك فيه تعلمنا مما علمك الله؟، فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((اجتمعن في يوم كذا وكذا في مكان كذا))، فاجتمعن فأتاهن فعلمهن مما علمه الله " رواه البخاري ومسلم.

فالعلم نعمة من الله ونور وهدى يتفضل الله به على من يشاء من عباده، وسبب لرفعة أهله وعزتهم في الدنيا والآخرة: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ ءامَنُواْ مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ دَرَجَـاتٍ).

ومن شرفه أن الله استشهد بأهله في أعظم مقام وهو مقام توحيده - سبحانه -: (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلَـائِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَائِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).

وقد حفظ لنا التاريخ الإسلامي سيرة نوابغ من النساء برعن في كافة الفنون والعلوم، وتراجمهن حافلة في الكتب ووجد منهن الفقيهات والمفسرات والأديبات والشاعرات والعالمات في سائر علوم الدين واللغة، وكانت العروس لا تجهز إلا ومعها بعض الكتب الشرعية النافعة، فقد ذكر الذهبي - رحمه الله - أن البكر كان في جهازها عند زفافها نسخة من كتاب مختصر المزني.

وهذه الحادثة تسجل للمرأة المسلمة مفخرة عظيمة اعترف بها الأعداء قبل الأصدقاء، فقد ذكر غوستاف لوبون أنه كثر في العهد العباسي في المشرق وفي ظل الأمويين في الأندلس اللواتي اشتهرن بمعارفهن العلمية والأدبية وعدَّ ذلك من الأدلة على أهمية دور النساء أيام نضارة حضارة العرب.

إن أمة الإسلام أمة خاصة في طبيعتها ومنهجها وأهدافها، أمة ذات مبدأ وعقيدة، ورسالة ودعوة وجهاد، ويجب أن تكون تربية الفتاة المسلمة وتعليمها خاضعين لمبادئ الأمة وعقيدتها ورسالتها ودعوتها، وكل تعليم لا يحمل ذلك ولا يتضمنه فهو خيانة للأمة وخفر بالذمة.

وبناء على ذلك فيجب الحذر من أن تتحكم بالتعليم والتربية اجتهادات بشرية ناقصة، أو أن تخضع لمن تستهويهم المبادئ المستوردة وتأسرهم الأفكار الوافدة التي تأخذهم ذات اليمين تارة، وذات الشمال تارة، ما بين رجعية وتقدمية، وإشتراكية ورأسمالية، وفي مدرسة كذا، وعند مبادئ كذا، ونظرية فلان، وقانون علاّن.

التعليم ليس بضاعة للتصدير، والاستيراد، ولكنه لباس يفصل على قامة الأمة؛ ليعكس حقيقتها في الباطن، وملامحها في الظاهر.

إن تعليم المرأة المسلمة أمر يجسد الأهداف التي تعيش من أجلها، وتسعى لتحقيقها، يجسد العقيدة المستقرة في فؤادها، واللغة التي تنسج بها حضارتها، والمثل الأعلى الذي تـتطلع إليه، والتاريخ الذي تغار عليه والمستقبل الذي نريدها أن تصنعه.

* خصوصية تعليم المرأة: إن تعليم المرأة نظام تربوي وسياسة تعليمية تناسب طبيعتها، وتسير مع مثلها العليا في عقيدتها وشريعتها وخصوصياتها وشفافيتها. وهو نظام شامل تقوم عليها حياتها من أولها إلى آخرها، وفي كل ظروفها وأحوالها.

إن تعليم المرأة هو تربية إسلامية منهجية، تنتظم كل سنوات العمر ومراحل الدراسة؛ من رياض الأطفال حتى منتهى الدراسات العليا، يكون التغيير بها عملياً إلى الصلاح والإصلاح واستعادة العزة وتثبيت الكرامة.

هو تربية شاملة تصلح القلوب، وتطبب النفوس، وتزكي العقول في تقدير للمواهب، واعتراف بالفروق بين الأفراد، فكل ميسر لما خلق له.

إن تعليمها تربية لها تعينها على صناعة الرجال، وصياغة العقول، وصيانة السلوك، لتكون قادرةً على حسن السير في حياتها وفق أهدافٍ نبيلة وغاياتٍ سامية.

إنه تربية تـتعهد بإصلاح عقيدتها وعباداتها وأخلاقها وتصون لها حياءها عن الخدش والتلوث.

إنه تربية تسعى إلى إصلاح حياتها في كل جوانبها لتبلغ سعادتها في الدنيا والآخرة.

إنه منهج يحفظ لها قيمها التي تحيا لأجلها، وتموت لأجلها، وتـنقلها بأمانة إلى الأجيال القادمة.

* ضوابطه:

- لابد من ضبط التعليم بحيث يكون موافقاً لما في كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - جامعاً لمبادئ الإسلام العظيمة التي تحث على التقوى والرحمة والإيثار والعفو والأخوة، والقيام بحقوق الله وحقوق الوالدين والأقربين وحق الكبير والضعيف؛ وآداب السلام والاستئذان وآداب الحديث والطعام وطلب العلم والزيارة وعيادة المريض، وحسن العبارة وأدب المناصحة، مع رعاية ووقاية من أمراض القلوب من الكبر والحقد والحسد والرياء والغرور وسوء الظن وحب الدنيا وغلبة الهوى والشح.

- الحذر من الاختلاط حتى في المراحل الابتدائية ودور الحضانة: فهي من أخطر ما يواجهه تعليم بنات المسلمين، فالشريعة لم تمنع من اختلاط الرجال بالنساء فحسب بل تشددت في منعه، قال - تعالى -: (وقَــرْنَ في بُيوتكن ولا تبرجنَ تبرج الجاهلية الأولى). وقال - تعالى -: (وإذا سألتُمُوهُن مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وراءِ حِجَابٍ ذلكُمْ أَطهَرُ لقلُوبكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ).

في هذه الآيات الكريمات دلالة ظاهرة على شرعية لزوم النساء لبيوتهن وعدم الاختلاط بالرجال حذراً من الفتنة بهن إلا من حاجة تدعو إلى الخروج.

وكانت النساء في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يختلطن بالرجال لا في المساجد ولا في الأسواق، بل كن في مسجده - صلى الله عليه وسلم - يصلين خلف الرجال، في صفوف متأخرة عنهم، وكان - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها)) رواه مسلم، لئلا يفتتن آخر صفوف الرجال بأول صفوف النساء، وكان الرجال في عهده - صلى الله عليه وسلم - يؤمرون بالتريث في الانصراف حتى يمضي النساء ويخرجن من المسجد لئلا يختلط بهن الرجال في أبواب المساجد، مع ما هم عليه جميعا رجالاً ونساء من الإيمان والتقوى. وكانت النساء يُــنهَــين أن يتوسطن الطريق ويُـؤمَرن بلزوم حافات الطريق حذراً من الاحتكاك بالرجال والفتنة بمماسة بعضهم بعضاً، وأمر الله - سبحانه - نساء المؤمنين أن يدنين عليهن من جلابيبهن حتى يغطين بها زينتهن حذرا من الفتنة بهن، ونهاهن - سبحانه - عن إبداء زينتهن لغير من سمى الله - سبحانه - في كتابه العظيم حسما لأسباب الفتنة وترغيبا في أسباب العفة والبعد عن مظاهر الفساد والاختلاط.

قال العلامة ابن باز - رحمه الله - راداً على من قال: "إن المسلمين منذ عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - كانوا يؤدون الصلاة في مسجد واحد الرجل والمرأة، ولذلك فإن التعليم لابد أن يكون في مكان واحد".

قال: فالجواب عن ذلك أن يقال هذا صحيح، لكن كانت النساء في مؤخرة المساجد مع الحجاب والعناية والتحفظ مما يسبب الفتنة، والرجال في مقدم المسجد، فيسمعن المواعظ والخطب ويشاركن في الصلاة ويتعلمن أحكام دينهن مما يسمعن ويشاهدن، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - في يوم العيد يذهب إليهن بعد ما يعظ الرجال فيعظهن ويذكرهن لبعدهن عن سماع خطبته، وهذا كله لا إشكال فيه ولا حرج، وإنما الإشكال في قول القائل: (ولذلك فإن التعليم لابد أن يكون في مكان واحد)، فكيف يجوز أن يشبه التعليم في عصرنا بصلاة الرجال في مسجد واحد مع أن الفرق شاسع بين واقع التعليم المعروف اليوم وبين واقع صلاة النساء خلف الرجال في عهده - صلى الله عليه وسلم -، ولهذا دعا المصلحون إلى إفراد النساء عن الرجال في دور التعليم، وأن يكن على حدة، والشباب على حدة حتى يتمكنَّ من تلقي العلم من المدرسات بكل راحة من غير حجاب ولا مشقة؛ لأن زمن التعليم يطول بخلاف زمن الصلاة، ولأن تلقي العلوم من المدرِّسات في محل خاص أصون للجميع وأبعد لهن من أسباب الفتنة وأسلم للشباب من الفتنة، ولأن انفراد الشباب في دور التعليم بعيداً عن الفتيات مع كونه أسلم لهم من الفتنة فهو أقرب إلى عنايتهم بدروسهم وشغلهم بها وحسن الاستماع إلى الأساتذة وتلقي العلوم عنهم بعيدين عن ملاحظة الفتيات والانشغال بهن وتبادل النظرات المسمومة والكلمات الداعية إلى الفجور أ هـ. - رحمه الله -.

وورد في دراسة غربية عن واقع الاختلاط في المدارس: إن الطالبة لا تفكر إلا بعواطفها والوسائل التي تتجاوب مع هذه العاطفة، إن أكثر من 60 % من الطالبات رسبن في الامتحانات، وتعود أسباب الفشل إلى أنهن يفكرن في شهواتهن أكثر من دروسهن وحتى مستقبلهن بسبب الاختلاط بالشباب على مقاعد الدراسة.

ولهذا بدأت الدعوات تتعالى بضرورة فصل الشباب عن البنات في الدراسة في كافة المراحل لما في ذلك من آثار سلبية على مستوى التحصيل العلمي لدى كلا الجنسين.

- ينبغي أن يكون تدريس الفتاة ما يوافق طبيعتها ويلائم أنوثتها من كل علم نافع يرتقي بتفكيرها وينمي دورها ويعزز رسالتها.

- كما ينبغي تجنب إدراج المناهج الفاسدة والدخيلة وإن سميت زوراً وبهتاناً علوماً كالتمثيل والموسيقى وغيرها.

ومما يذكر في هذا المقام ويشكر، ويذكر به وينوه: ما تقوم عليه هذه البلاد من سياسة تعليمية مستمدة من كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، كما هو شأنها في أمرها كله.

إنها تتبع سياسة تعليمية تربوية تحتذى من مبادئ تجسد دينها وأخلاقها وأهدافها ومصالحها الحقيقية، سياسة ترسم الخطوط العامة التي تقوم عليها عملية التربية والتعليم، أداءً للواجب في تعريف الفرد بربه ودينه وإقامة سلوكه على شرعه، وتلبية لحاجات المجتمع وتحقيقاً لأهداف الأمة الشاملة.

إن المسؤولين عن التربية والتعليم هم المسؤولون عن تطبيق هذه السياسة، والظن بهم أنهم حريصون على البعد عن التأثر بأي أفكار مستوردة تعارض هذه السياسة أو تناقضها، فبلادنا بحمد الله وفضله رائدة في التزام الشريعة وتطبيقها ونموذج في نهج التربية الإسلامية.

وفَّق الله أمة الإسلام جميعها بشعوبها وقادتها وعلمائها ومربيها، ورزقهم نور البصيرة وصفاء السريرة وسداد الرأي وصدق القول وحسن العمل وسلامة التخطيط والتزام صراط الله المستقيم، إنه سميع مجيب.

أيها المسلمون: إن التعليم شرف لأهله إن هم قاموا بواجبه وأدوا حقه على الوجه الذي يرضي الله - تعالى -، وهو رسالة عظيمة شريفة لمن كان مخلصاً لله في أقواله وأعماله.

وإلى كل من حمله الله أمانة تعليم أعراض المسلمين من مسؤولين وإداريين ومعلمات أقول: إن الواجب عظيم، وإن المهمة ثقيلة، ويجب عليكم أمور: أولاً: ليتق الله كل واحد في نفسه، وليكن قدوة حسنة لغيره، وليتخلق بأخلاق المسلمين، وليتأدب بآداب الإسلام، وليعلم أن أقواله وأعماله تُتلقى عنه.

ذلك لأن وظيفة التعليم ليست كسائر الوظائف فهي وظيفة عظيمة إن استقام أهلها استقام نشؤنا وصلحوا بتوفيق من الله.

ولتعلم المعلمة أن الطالبات سينظرن إليها على أنها قدوة لهن، فإن كانت ذات خلق نبيل واستقامة فإن ذلك سينعكس على سلوكهن.

فالطالبات مرآة تعكس أخلاق المعلمة، فلتتق ربها في ذلك، ولتحرص على أن تكون أقوالها وأعمالها موزونة بميزانٍ شرعي، فبذلك تؤدي واجبها وتبرئ ذمتها.

وأمر آخر عليها أن تتحلى بالانضباط في الوقت وأداء الواجب الملقى عليها حتى تـنقل الأجيال عنها تلك الأمانة والمحافظة على المسؤولية، وأمرٌ ثالث: أن تعلم أن تعليمها دعوة إلى الله إن هي احتسبت وأخلصت، فأعظم الدعوة إلى الله مجال التعليم، لأنه مكان خصب للدعوة إلى الله وإرشاد المتعلمات إلى الخير والأخذ بأيديهن لما يحب الله ويرضاه، وتغرس في نفوسهن الأخلاق والفضائل والأعمال الطيبة والأقوال الحسنة فينشأن معظمات للإسلام متبعات لأوامره مجتنبات لنواهيه متأدبات بآدابه متخلقات بأخلاقه.

كم هو التأثير كبير عندما تدخل المعلمة على الطالبات وهي في حالةٍ مستقيمة متمسكةً بآداب الإسلام في ملبسها، وفي مظهرها، وفي كل أحوالها فيرين منها حقيقة التمسك بالإسلام، إن نطقت فبخير، وإن أمرت فبخير، وإن سكتت فعلى خير، يرين إنسانةً متمسكةً بدينها متأدبةً بآداب نبيها - صلى الله عليه وسلم -، خجلةً من أن تـراها الطالبات بعيدة عن أخلاق الإسلام في مظهرها وحركاتها وتصرفاتها.

فيا أيتها المعلمة: اتقِ الله في نشء المسلمين، علميهن الخير وزكي نفوسهن بالأعمال الصالحة، وكوني قدوة حسنة لهن يتأسين بك قال - صلى الله عليه وسلم -: ((من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه إلى يوم القيامة لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الوزر مثل أوزار من تبعه إلى يوم القيامة لا ينقص ذلك من أوزارهم شيئاً)) متفق عليه.

إن بناتنا يواجهن غزواً فكرياً إلحادياً قائماً على أشده من خلال كل الوسائل التي يراها أعداء الإسلام مؤثرةً عليهن، هذا الغزو الضال المكثف لا يمكن أن نتداركه إلا بتحصينهن بالتربية الإسلامية الصادقة، وتربيتهن على الخير، وتحذيرهن من الشر ووسائله، والنأي بهن عن طرق الضلال والغواية.

قد تسمع المدرسات من الصغار والكبار من البنات ما يكون قد ترسب في أذهانهن من مشاهدة بعض القنوات، أو قراءة بعض المجلات الهابطة، أو سماع بعض القصص المنحرفة أو النظر إلى بعض المسلسلات فإذا سمعن ذلك: فليحرصن على تـدارك الوضع، وإصلاح الأخطاء، وتوجيه الفتيات التوجيه السليم.

والواجب على المعلمات في كل المراحل التعليمية أن يتحسسن مشاكل الفتيات ويحذروهن من الأخلاق السيئة، والعادات الرذيلة، والأعمال المنحرفة.

لابد من التربية الصالحة والاستفادة من الوقت والعمل على ألا تضيع الفتاة خلف الإعلام الجائر الذي يحاول إبعادها عن دينها، لابد أن نحذرها من الحملات السيئة التي تحملها القنوات وما شاكلها من دعوة إلى الرذيلة وإبعاد عن الفضيلة، لابد من توجيه سليم وقيامٍ بهذه المهمة فإن هذا واجب المؤسسة التعليمية وواجب من أنيط بهن مهمة التعليم. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم.

الخطبة الثانية:

لكل أمة عقائدها الإيمانية، وشعائرها التعبدية، وأعرافها المرعية، وضوابط علاقاتها الاجتماعية، وكل أمة تضع لنفسها من المبادئ التربوية، والمناهج التعليمية ما يكفل المناخ السليم لإعداد أجيالها؛ لتلقي هذه العقائد والمبادئ والدعوة إليها.

إن للعلوم والمناهج حيويتها وروحها، وأثرها وتأثيرها، هذه الروح هي حقائق هذه العلوم وآثارها العميقة، فالعلوم التي أنشأها الإسلام وصاغها في قالبه تسري فيها روح الإيمان بالله، وتقواه وخشيته، والإيمان بالغيب، والإيمان باليوم الآخر، والسامي من الأخلاق والفضائل. أما العلوم التي وضعتها الأمم الوثنية: من يونانية ورومانية وغيرها فهي تشتمل على الخرافة وروح الجاهلية، وتعدد الآلهة، وقل مثل ذلك من العلوم التي وضعتها الحضارة الغربية المبنية على الإلحاد والزندقة والانحصار في الماديات والمحسوسات الجامدة المجردة، وقلة الاكتراث بما لا يدخل تحت الحس والتجربة، أو يحقق المنفعة العاجلة الآنية، سرت هذه الروح من علوم واضعيها ومناهجهم ونظرياتهم وفلسفاتهم، وشِعرهم وقصصهم وأدبهم. فمناهج الأمم والحضارات اللادينية غير مناهج الأمم الدينية، ولا تصلح إحداهما للأخرى ولا تتوافق معها البتة.

يا رجال التربية: جدير بالعاقل المنصف المحب لدينه وأمته ووطنه: أن ينظر في مسيرة التعليم والتربية في كثير من الأقطار الإسلامية، في نظرة تقويمية في حساب الربح والخسارة في هذه السياسات التعليمية من مدارسها ومعاهدها وجامعاتها، ما مقدار ما تحقق من التقدم المنشود؟! من مقابل ما صرف من أموال وجهود في المنشآت والمناهج والوظائف وماذا كانت الحصيلة لفلذات الأكباد؟! ما هي أسباب الفوضى الفكرية الهائلة، والتناقض في الأفكار والآراء والشك والارتياب في الدين، والتهاون في الفرائض والواجبات، والتمرد على الآداب والأخلاق والتقليد والتبعية القاتلة في الظواهر والقشور؟! ففي معظم هذه الأقطار نرى أجيالاً وأفواجاً فارغي الأكواب، ظامئي الشفاه، مظلمي الأرواح، كليلي الأبصار، ينكرون أنفسهم، ويؤمنون بغيرهم، يموت الأمل في صدورهم، مبهورون بإنتاج غيرهم، يمدون أيديهم يستجدون اللقمة، يلوكون رطانة، ويتكسرون في مشية، لم تزرع فيهم التربية الثقة بأنفسهم، بل لم تعرّفهم أنفسهم، ولم تبين له منزلتهم، ولم تشحذ همتهم، لم تبن فيهم الشعور بمسؤوليتهم، قُتلوا من غير حرب، كل قلوبهم ونفوسهم حول الماديات تحوم، وبالقشور والهندام تتعلق. لقد ثبت فشل النظم التربوية الدخيلة، وبان عجزها عن تربية الفرد والمجتمع، لقد قامت هذه المناهج المستوردة في التربية على أحد أمرين: إما التنكر للدين، وإما الفصل بين الدين والدنيا، وعلى هذا قامت دراساتهم، وبنيت نظرياتهم؛ فجاءت التطبيقات والمناهج على أمور الدنيا وحدها، وفصلت أمور الدين عن التربية.

يا رجال التربية: إن العلوم والآداب والمناهج ونظريات التربية التي ظهرت في الغرب و في الشرق ما هي إلا تجارب بشرية يخطئ أصحابها ويصيبون، ويمشون ويتعثرون، يؤخذ منها ما ينفع بعد أن تجرد مما يقترن بها من عوامل الإلحاد والإفساد والاستخفاف بالقيم، ثم تصبغ بصبغة الإيمان (صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً) ليس من العقل ولا من الحكمة والنصح للأمة أن تنقل هذه العلوم والنظريات بعلاّتها وبما فيها من عوامل الإفساد، بل يجب أن تهذّب وتقوم وينزع الغث منها لتقود إلى والتقوى والخشية، (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء).

وتبعث الإيمان واليقين فتنشأ أجيال تفكر بعقل مسلم، وتكتب بقلم مسلم، وتدير دفة أمورها بسيرة رجل مسلم، وتقوم على شؤونها كلها بحنكة مسلم وبصيرة مسلم.

والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
تعليم المرأة أهميته خصوصيته وضوابطه
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  حكم تعليم المرأة التلاوة والتجويد للرجال
» الوقت أهميته والسؤال عنه
»  الاستقرار.. أهميته وأسبابه
»  الاحتياط الشرعي.. حقيقته وضوابطه
»  التكفير وضوابطه لسفر الحوالي المؤلف الشيخ سفر الحوالي

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اسلام ويب :: ۩✖ منتدي الاسلاميات العامه ۩✖ :: مقــــالات اســــلاميه :: خطب مقـــرؤه-
انتقل الى: