اسلام ويب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

من فقه الدعاء يقول سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "أنا لا أحمل همَّ الإجابة، وإنما أحمل همَّّ الدعاء، فإذا أُلهمت الدعاء كانت الإجابة معه". وهذا فهم عميق أصيل ، فليس كل دعاء مجابًا، فمن الناس من يدعو على الآخرين طالبًا إنزال الأذى بهم ؛ لأنهم ينافسونه في تجارة ، أو لأن رزقهم أوسع منه ، وكل دعاء من هذا القبيل ، مردود على صاحبه لأنه باطل وعدوان على الآخرين. والدعاء مخ العبادة ، وقمة الإيمان ، وسرّ المناجاة بين العبد وربه ، والدعاء سهم من سهام الله ، ودعاء السحر سهام القدر، فإذا انطلق من قلوب ناظرة إلى ربها ، راغبة فيما عنده ، لم يكن لها دون عرش الله مكان. جلس عمر بن الخطاب يومًا على كومة من الرمل ، بعد أن أجهده السعي والطواف على الرعية ، والنظر في مصالح المسلمين ، ثم اتجه إلى الله وقال: "اللهم قد كبرت سني ، ووهنت قوتي ، وفشت رعيتي ، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفتون ، واكتب لي الشهادة في سبيلك ، والموت في بلد رسولك". انظر إلى هذا الدعاء ، أي طلب من الدنيا طلبه عمر، وأي شهوة من شهوات الدنيا في هذا الدعاء ، إنها الهمم العالية ، والنفوس الكبيرة ، لا تتعلق أبدًا بشيء من عرض هذه الحياة ، وصعد هذا الدعاء من قلب رجل يسوس الشرق والغرب ، ويخطب وده الجميع ، حتى قال فيه القائل: يا من رأى عمرًا تكسوه بردته ** والزيت أدم له والكوخ مأواه يهتز كسرى على كرسيه فرقًا ** من بأسه وملوك الروم تخشاه ماذا يرجو عمر من الله في دعائه ؟ إنه يشكو إليه ضعف قوته ، وثقل الواجبات والأعباء ، ويدعو ربه أن يحفظه من الفتن ، والتقصير في حق الأمة ، ثم يتطلع إلى منزلة الشهادة في سبيله ، والموت في بلد رسوله ، فما أجمل هذه الغاية ، وما أعظم هذه العاطفة التي تمتلئ حبًا وحنينًا إلى رسول الله - صل الله عليهلم -: (أن يكون مثواه بجواره). يقول معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: "يا بن آدم أنت محتاج إلى نصيبك من الدنيا ، وأنت إلى نصيبك من الآخرة أحوج ، فإن بدأت بنصيبك من الآخرة ، مرّ بنصيبك من الدنيا فانتظمها انتظامًا ، وإن بدأت بنصيبك من الدنيا ، فائت نصيبك من الآخرة ، وأنت من الدنيا على خطر). وروى الترمذي بسنده عن النبي - صل الله عليهلم -: أنه قال: ((من أصبح والآخرة أكبر همه جمع الله له شمله ، وجعل غناه في قلبه ، وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومن أصبح والدنيا أكبر همه فرَّق الله عليه ضيعته ، وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتب له)). وأخيرًا .. أرأيت كيف أُلهم عمر الدعاء وكانت الإجابة معه ، وصدق الله العظيم إذ يقول: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (186)" (البقرة:186).


 

  لماذا المرأة؟

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة


avatar


نقــاط : 100260
 لماذا المرأة؟  Oooo14
 لماذا المرأة؟  User_o10

 لماذا المرأة؟  Empty
مُساهمةموضوع: لماذا المرأة؟     لماذا المرأة؟  Emptyالجمعة 15 مارس 2013 - 15:07

لماذا المرأة؟

الخطبة الأولى:

إن الحمد لله... أما بعد:

أيها المسلمون: لا تزال حلقاتُ الكيدِ بالمسلمين تتتابَع، ومكرُ المتربِّصين يتسارع، (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِّنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا) [سورة الفرقان:31]، وقال - تعالى -: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ) [سورة الأنعام:112].

ويظهر في الأمة بعض الحشرات ليُظهر دخيلةَ أهل النفاق والشّقاق وسوءَ طويَّتهم، وصدق الله ومن أصدق من الله قيلا: (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَن لَّن يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ * وَلَوْ نَشَاء لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ) [سورة محمد:29- 30]، ويأتي الهجومُ على المرأة المسلمة اليوم، والذي كان متخفياً في السابق فصار الآن معلَناً، ليؤكِّد بجلاءٍ أنَّ مِن بين صفوف الأمّة أدعياء أخفياءَ، كاذبون في الولاء والانتماء، سلكوا مسالكَ عدائيّة، وطرحوا على أوراق الصّحف أفكارًا علمانيّة لا دينيّة، شمَخَ كلُّ واحدٍ منهم بأنفٍ من الجهل طويل، واحتسى مِن قيح الخُبث وقبيح الأباطيل، ونطق بالزّور وافترى الأقاويل، قومٌ بُهت، دنَّسوا وجهَ ما كتبوا عليه من قِرطاس، ولطَّخوه بعقائدِ الشكِّ والجُحود والوسواس.

مقالاتٌ شوهاء وكلِمات عرجاء وحماقاتٌ خرقاء، تبَّت يدا من خطَّها وتَبّ، ما أقبحَ فعلَه وما كسَب. يريدونَها حياةً عوجاء، أقزامٌ تطاولت، وأقلام مأجورَة تهافَتت على الزور وتعاهدت، فكان حقًا على كلِّ مسلم أن يكشفَ ضلالَهم، ويدفعَ باطلهم، أفّاكون جاؤوا ببضاعة غربيّةٍ اسمُها العلمانيّة، وحقيقتها اللادينيّة، وهدفُها إزاحة الإسلام عن الحياة بالكليّة، يدعون أمَّتهم إلى مذاهبِ الغرب في الحُكم والإدارة، وسلوك مسالكهم في الوضع والتشريع، يعشقون حياةَ الفجور والفسوق والانحراف، ويُبغِضون حياةَ الطّهر والعفاف، يهاجِمون الحجابَ والجلباب، ويطالبون بالسّفور والاختلاط، وينادون بمساواة الرّجل بالمرأة، وعملِ المرأة، وحريّة المرأة، وقيادة المرأة، وتخصيص محلات نسائية تبيع فيها المرأة للمرأة، فأيَّ مساواة يريدون؟! وأيّ عمل يقصدون؟! وأيّ حريّة ينشدون؟! أهي المساواة التي تتوافق مع الفِطرة وتتناسق مع طبيعة المرأة، أم هي مساواة الشذَّاذ؟!.

إنّ المساواةَ عندهم هِي أن تكونَ المرأة سلعةً في يدِ عُبَّاد المادّة والمال، مستعبدةً في يد الرجل، يستمتِع بها ويستذلُّها ويدنِّسها ويهين كرامتَها وينتهِك عِرضَها وشرفها، ثمّ يلفظها لفظَ النّواة.

المرأةُ عندهم عارضةٌ في دور الأزياء، راقصة في دور البِغاء، غانية في دور الدّعارة والتمثيل، عامِلة برجلَيها وثديَيها، ندٌّ للرّجل ومماثلة له ومتصارعة معه ومزاحمة له، هذه هي المساواة عندَهم.

أمّا المساواةُ في الإسلام فأرِع سمعَك لقول الله - عز وجل -: (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُواْ إِصْلاَحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ) [سورة البقرة:228]، المساواةُ في الإسلام قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((إنّما النّساء شقائق الرّجال)) [أخرجه أحمد والترمذي]، فالمرأة شقيقة الرّجل، تكمِّله ويكمِّلها، هو رجلٌ برجولته وقِوامَته، وهي امرأة بأنوثتها وعفّتها.

المرأة عند الغرب وأذنابهم من العلمانيين بغيٌّ من البغايا وأمة من الإماء، والمرأة عندنا أمّ رؤوم وزوجٌ حنون وأختٌ كريمة، طهرٌ وحشمة وعفاف، وحياء وشرف وإباء، مربِّية أجيال، وصانعة أبطال، وغارسة فضائل، ومرضعة مكارم، وبانية أُمَم وأمجاد، هذه هي المرأة عندنا، فلينهلِ العالم الكافر من نظام الإسلام وعدله وحكمتِه ورحمته، إنّا ندعو العالمَ أن يزيحَ الظلمَ الذي أوقعَه على المرأة يومَ استعبدَها وأشقاها وأضناها وأشقى البشريّة معها.

أيّها المسلمون: وتمتدّ الهجمة الحاقدةُ من أهل العلمنَة والنّفاق لتُحارِب عقيدة الولاء والبراء التي هي أوثق عُرى الإيمان، فعن ابن عباس - رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأبي ذر: ((أيّ الإيمان أوثق؟ قال: الله ورسوله أعلم، قال - صلى الله عليه وسلم -: أوثقُ عُرى الإيمان الموالاة في الله والمعاداة في الله، والحبّ في الله والبغض في الله)) [أخرجه الطبراني]، لماذا سيحاربون الولاء والبراء؟! ولمن يريدون أن يكونَ الولاء والبراء؟! نوالي من ونعادي من؟! نحبُّ مَن ونبغضُ من؟! إنّهم يحاربون الولاءَ والبراء ليوقِعونا في ولاءٍ وبراء، ولاءٌ لما يحبّون، وبراء ممّا يكرهون، يريدون أن نبرأ مِن أخلاقِنا وقِيَمنا وتاريخنا وأمجادِنا، لنواليَ تيار التغريب والعلمنة في أخلاقَها وقيمَها وحياتها.

ولكي يسير مخطط التغريب والعلمنة وإفساد المرأة على النهج الذي رسموا له، فلا بد من أمور يفتعلونها لدعم مرادهم، فيلمِزون بالعلماءَ والصّلَحاء، ويسخرون ويستهزئون، ويحاربون أهلَ الحسبة ورجالَ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويلفّقون التُّهمَ ضدَّهم، ويضخِّمون أخطاءهم، وينتهكون أعراضَهم، ويكتمون إنجازاتِهم، ويسكتون عن حسناتِهم، وكل هذا ينشرونه عبر مقالات وكتابات، سلِمت من ألسنتُهم وأقلامُهم القنواتُ الفضائية الخليعة والمجلاّت الهابِطة ودورُ الأفلام والغناء مع أن عددَ ضحاياها لا يُحصى، وعددَ قتلاها لا يستقصى، ولم تسلم منهم كتبُ التوحيد والعقيدة والمواد الشرعيّة، فطالبوا بتقليصها وتقليل نصابها، مع أنّه لا يوجد على وجهِ الأرض مناهجُ ترعى الحقوقَ وتحقّق الأمن والعدلَ كما تراه جليًّا في المناهج المستمدَة من كتاب الله وسنّة رسوله - صلى الله عليه وسلم -. تخبُّطٌ ظاهر وظلمٌ جائر، وانتكاسة جليّة وحرب عقديّة، يدعون إلى التّسامح وهم يسلكون مسالكَ عدائيّة، ويطرحون أفكارًا تبعَث على الإثارة والشحناء، ويكتمون الرأيَ الآخر ويعادونه ويصادرونه، ويدعون إلى الوسطيّة بأبشع ما ترى من تطرُّف وغلوّ وانحراف وشطَط.

أيها المسلمون: إن تيار العلمانية في العالم الإسلامي تيار قديم جديد، إنهم ينظرون إلى أمّتهم بازدراء، وإلى تاريخها باحتِقار، وإلى قيَمها وأخلاقها بإهانةٍ واستصغار، وذلك يحكي واقعَ الذلّ والخنوع والانصهار والذّوبان الذي يعيشونه مع الغرب، ويريدون أن تعيشَه الأمّة مثلهم، يدَّعون الصدقَ والإصلاح والتجديد، ويرمون غيرَهم بالرجعيّة والتعصّب والجمود والتطرّف والإرهاب، (كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا) [سورة الكهف:5]، (وَلَيَحْلِفَنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ الْحُسْنَى وَاللّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ) [سورة التوبة:107]، (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لاَّ يَشْعُرُونَ) [سورة البقرة:11- 12].

لقد زُرعت هذه النّبتةُ الخبيثة والشّجرة الملعونة في بلاد الإسلام وامتدّت أغصانها، وسُلِّمت لها قيادةُ التعليم والإعلام والاقتصاد والجيش والإدارة والتشريع لأكثر مِن قرن ونصف القرن، فماذا كانت النّتيجة؟! سوءٌ في الاقتصاد، وتخلّف في التكنلوجيا، وفسادٌ في الإدارة، وانحرافٌ في الإعلام والأجيال، وهزائمُ متتابعة في ميادين القتال، هؤلاء هُم العلمانيّون، وهذه نتائجُهم، وتلك ثمارُهم، من جادَل عنهم فقد جادل عن الباطل، ومن أعانهم فقد أعان على هدمِ الإسلام.

فاحذروهم ولا تقعوا في شراكهم وشباكهم، ولا يصدّونكم عن دينِكم بشبهِهم وزُخرف قولِهم، يقول حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه-: ((كان النّاس يسألون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الخير وكنت أسأله عن الشرّ مخافة أن يدركَني، فقلت: يا رسول الله، إنّا كنّا في جاهليّة وشرّ فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟ فقال: نعم، قلت: هل بعد هذا الشرّ من خير؟ قال: نعم، وفيه دخن، قلت: وما دخنُه؟ قال: قومٌ يهدون بغير هديي، تعرفُ منهم وتنكر، فقلت: فهل بعد ذلك الخير من شرّ؟ قال: نعم، دعاةٌ على أبواب جهنّم، من أجابهم إليها قذفوه فيها، قلت: يا رسول الله، صِفهم لنا، قال: هم من جلدتِنا ويتكلّمون بألسنتِنا)) [أخرجه البخاري].

أيّها المسلمون: إنَّ أيَّ مشروع للإصلاح لا ينبُع من عقيدة الأمّة وكتاب ربّها وسنّة نبيّها محمّد - صلى الله عليه وسلم -، وتوجيه أهلِ العلم والصلاح فيها هو إصلاحٌ موهوم، وتغيير مذموم، وإفساد معلوم، يقول أبو بكر بن عيّاش - رحمه الله - تعالى-: " إنّ الله بعث محمّدًا - صلى الله عليه وسلم - إلى أهل الأرض وهم في فساد، فأصلحهم الله بمحمّد - صلى الله عليه وسلم -، فمن دعا إلى خلاف ما جاء به محمّد - صلى الله عليه وسلم - كان من المفسدين في الأرض".

مَن رام هدًى في غير الإسلام ضلّ، ومَن رام إصلاحًا بغير الإسلام زلّ، ومَن رام عِزًّا في غير الإسلام ذلّ، ومن أراد أمنًا بدون التوحيد ضاع أمنه واختلّ، " نحن قومٌ أعزّنا الله بالإسلام، فمتى ابتغينا العزّة في غيره أذلّنا الله"، لن يكونَ للباطل نماء ولا لأهل الزيغ بقاءٌ ما دُمنا للحقّ دعاة وللعالَم هداةً وللخير بناة، ومتى كنّا آمرين بالمعروف صِدقًا ناهين عن المنكر حقًا فإنّ الباطلَ إلى اندحار، وأهلَه إلى انحدار، والحقّ إلى ظهور وانتشار، (وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ) [سورة يوسف:21].

أيّها المسلمون: هناك حملة شرسة محمومة الآن على المرأة، وتيار التغريب يدرك جيداً أن تغيير المجتمعات، وإفساد الناس لابد أن يمر عبر بوابة المرأة، علموا أن المرأة من أعظم أسباب القوة في المجتمع الإسلامي، وهم يعلمون أنها سلاح ذو حدين، وأنها قابلة لأن يكون أخطر أسلحة الفتنة والتدمير، ومن هنا كان لها النصيب الأكبر من حجم المؤامرات على تمزيق الأمة وتضييع طاقاتها، لقد أراد هؤلاء أن يفتنوا المسلمين عن دينهم فجعلوا من المرأة أهم معاول الهدم، وهم يتظاهرون بالشفقة عليها والحرص على حقوقها، وخُدعت نساء من نساء المسلمين بذلك لجهلهن بدينهم.

إن المرأة تملك مجموعة من المواهب الضخمة الجديرة بأن تبني أمة وأن تهدم أمة، فعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء))، وعن أسامة بن زيد وسعيد بن زيد - رضي الله عنهما- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ما تركت بعدي في الناس فتنة أضر على الرجال من النساء)).

فالثباتَ الثباتَ يا أولياء أمور النساء أمام مستنقَع هذه التغيرات الكبيرة التي يمر بها مجتمعاتنا، يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: ((إنّ مِن ورائكم أيّام الصبر، الصبرُ فيه مِثل قبضٍ على الجَمر، للعامِل فيهم مثل أجر خمسين رجلاً يعملون مثلَ عمله، قيل: يا رسول الله، أجر خمسين منهم؟ قال: أجر خمسين منكم)) [أخرجه أبو داود وابن ماجه]، فاستمسِكوا بدينكم، وعضّوا عليه بنواجذكم، وانقادُوا لحُكمه، واخضَعوا لإرشادِه، تسلموا مِن الفتن، وتنجوا من المِحن، وتعيشوا سعداء، وتموتوا لدينكم أوفيَاء، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) [سورة آل عمران:102]، فنسأل الله الثبات حتى الممات...

بارك الله لي ولكم في القرآن والسنّة، ونفعني وإيّاكم بما فيهما من البيّنات والحكمة، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة، فاستغفروه إنّه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله على إحسانه... أما بعد:

أيها المسلمون، ويا أولياء أمور النساء: الجميع صار يدرك الآن أن هناك حملة شرسة على المرأة في مجتمعاتنا هذه الأيام، يريدون أن يقفزوا بالمجتمع قفزاً نحو الهاوية والدمار، يرفع رايتها أناس لا خلاق لهم، لهم في ذلك وسائلَ لتحقيق مآربهم، وتمريرِ أفكارِهم في المجتمع.

فمن أبرزِ وسائلهِم، والتي ركزوا عليها جهدَهم: وسائلُ الإعلامِ المختلفة، سواءً كانت مسموعةً أم مقروءةً أم مرئية، لقد دأب الإعلامُ بوسائلهِ المختلفةِ، على تصويرِ المفاهيمِ الإسلاميةِ الخاصةِ بالمرأةِ تصويراً يحطُّ من قدرِها، وينتقصُ من صلاحيتِها، ويشككُ في قدرتهِا على الاستجابةِ لمتطلباتِ الحياةِ العصريةِ، ويُحقِّرُ من شأنهِا، بالإضافة إلى إلقاءِ شُبهاتٍ حول أحكامٍ إسلاميةٍ معينة، تُزرع في حسِ المرأةِ لتراها عبئاً ثقيلاً، تتمنى الخلاصَ منه! في مقدمتها حجاب المرأة وسترها، وانتهت بتسخير الإعلام في إقناع الناس بفتح محلات بيع نسائية في المجمعات العامة والله يشهد إنهم لكاذبون.

ومن حيلهم أنَّ كثيراً من مطالبهِم تُغلفُ بحرصهِم على خصوصيةِ المرأةِ، وعدمِ تعريضِها للرجال، كما قال - تعالى -: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لاَّ يَشْعُرُونَ).

وصدق القائل:

أختاه كيف ظننتِ أنَّ معربداً *** يسعى بمؤمنةٍ لأمرٍ سام؟

قد يدعي معنى العفافِ مخادعٌ *** ويصوغُ فلسفةَ الأمانِ حرامِ

ومن وسائلهم: محاولةُ نشرِ الاختلاطِ في المجتمع، وتعويدِ رؤيةِ الناسِ له، والمطالبةُ بإلغاءِ أن يكونَ هُناك يومٌ للرجالِ وآخرُ للنساءِ، في أماكنِ النـزهةِ والمعارض ونحوها، والضربُ على هذا الوترِ من خلالِ المشاهدِ الساخرةِ في التلفازِ والكتابةِ في الصحف، ومن ذلك: الاستفادةُ من الأقوالِ المرجوحةِ من فتاوى العلماءِ التي توافقُ أهواءَهم، لتمريرِ أهدافِهم في المجتمع المسلمِ، الذي لا يثقُ إلاَّ في كلامِ العلماءِ، حتى وصل الأمر أن سمعنا من يطالب بفتح نوادي النسائية.

أيّها المسلمون: العلماءُ هم حرّاس الأمّة، الصادقون في نصحِها، العارفون بمصالِحها، العالِمون بأدلّة الشريعة وبراهينها، ومقتضيات العقيدة ولوازِمها، وهُم أقدر النّاس على استنباط الأحكام ومعرفة الحلال والحرام، نظرُهم عميق، ورأيهم وثيق، وفكرُهم دقيق، فيه علامة التّسديد والتوفيق، علَّمتهم الوقائع والتجاربُ مكنونَ المآلات والعواقب، فاسألوهم عمَّا أشكل، وشاوِروهم عمّا أقفل، واعرضوا عليهم ما حلّ ونزل، وإيّاكم والتفرّد بالرّأي أو ألأخذ بكل رأي يصدر من وزير أو مسئول.

وصلّوا وسلِّموا على خير البريّة وأزكى البشريّة، فقد أمركم الله بذلك فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [سورة الأحزاب:56]، اللهمَّ صلِّ وسلِّم على عبدك ورسولك محمّد، وارض اللهمّ عن الخلفاء الراشدين...
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
لماذا المرأة؟
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  لماذا الخوف من تحرير المرأة ؟
»  لماذا تتبرج المرأة وتنساق مع الأزياء الماجنة
»  الهرمونات التعويضية .. لماذا تحتاجها المرأة في سن اليأس?
»  كيف أرد على من يقول لي: أنت ناقصة عقل ودين، لماذا أذم؟ لماذا أعاب؟!
» عورة المرأة مع المرأة اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اسلام ويب :: ۩✖ منتدي الاسلاميات العامه ۩✖ :: مقــــالات اســــلاميه :: خطب مقـــرؤه-
انتقل الى: