السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا فتاة أبلغ من العمر 24 سنة, جامعية, وملتزمة, وطموحة, إلا أني واجهت الكثير من المشاكل في حياتي الأسرية, فقد فقدت أمي وأبي في سنة واحدة, ثم انتقلت للعيش مع أختي وزوجها في منزل يحتوي على الكثير من النزاعات والمشاكل والحقد والكراهية, ولا يسمح لنا بالخروج من المنزل إلا للضرورة القصوى.
ومشكلتي أني عبارة عن إسفنجة أمتص كل ما يدور حولي من خير وشر, ولم أكن حساسة من قبل, لكن حساسيتي الآن لا تطاق, فكل شيء يؤثر فيّ, حتى إن حصلت مشكلة بعيدة عني تمامًا أشعر بالذنب والضيق, ثم أبدأ بعقاب نفسي بالحبس والجوع وفعل أي شيء أكرهه, أفكر بالانتحار, وأتمنى انتهاء الحياة لكن خوفي من الله يمنعني, أرتدي نظارة سوداء لا أرى من هذا الكون إلا السلبيات مهما أقنعتني بالعكس.
حاليًا أنا على جرف هارٍ أصرخ للمساعدة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أروى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:
شكرًا لك على بذل الجهد في الكتابة إلينا بالرغم من معاناتك، ومن النظارة السوداء والنظرة السلبية، ومن المؤكد أن الأمر لم يكن سهلاً، فشكرًا لك, والله تعالى لن يضيّعك, وأنت عندك هذا الخوف منه تعالى؛ مما يمنعك من إيذاء نفسك.
لاشك أن هناك علاقة وثيقة بين ظروف تربيتك وأنت صغيرة وبين مشاعرك وعواطفك الحالية، ولاشك أن لهذا أيضًا علاقة وثيقة بفقدان الأب والأم في سنة واحدة، يا لها من تجربة قاسية مررت بها، - خفف الله عنك، وأمدك بالصبر والحلم -.
لكن أقول لك: افتحي المجال واسعًا لطموحاتك لتطير بك, وتأخذك بعيدًا بعيدًا عن الواقع القريب المحيط بك, فنحن أحيانًا نعيش ظروفًا في غاية القسوة من حولنا، وكأنها جدار يحبسنا وراءه, إلا أن الطموح والأهداف والرغبة في مرضاة الله تعالى وتحقيق ما يمكن أن ينفعنا وينفع الناس... كل هذا يمكن أن يأخذنا لما هو أبعد من اللحظة والمكان الذين نعيش فيهما.
حاولي وخلال الأسابيع القليلة القادمة أن تركزي على الإيجابيات في حياتك، وهي لاشك كثيرة، إلا أن النظارة السوداء قد تحجب عنك رؤيتها بالشكل الطبيعي والواقعي، فتخلصي منها.
ذكري نفسك مجددًا بهواياتك والأعمال التي تحبين القيام بها، وذكري نفسك أيضًا بالصفات النفسية أو المادية التي تتحلين بها، حاولي أن تري جمال الكون والجانب المشرق في حياتنا وحياة الناس من حولنا.
وإذا حاولت فعل كل هذا، ولم يتحسن الحال بشكل ملحوظ فأرجو أن لا تطيلي معاناتك دون الإسراع في استشارة طبيب أو أخصائي نفسي، والحديث معه أو معها عما في نفسك؛ ليساعدك على الخروج من هذه الحالة التي أنت فيها.
عافاك الله, وشرح صدرك للخير، وجعلك من الموفقات والمتفوقات.