اسلام ويب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

من فقه الدعاء يقول سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "أنا لا أحمل همَّ الإجابة، وإنما أحمل همَّّ الدعاء، فإذا أُلهمت الدعاء كانت الإجابة معه". وهذا فهم عميق أصيل ، فليس كل دعاء مجابًا، فمن الناس من يدعو على الآخرين طالبًا إنزال الأذى بهم ؛ لأنهم ينافسونه في تجارة ، أو لأن رزقهم أوسع منه ، وكل دعاء من هذا القبيل ، مردود على صاحبه لأنه باطل وعدوان على الآخرين. والدعاء مخ العبادة ، وقمة الإيمان ، وسرّ المناجاة بين العبد وربه ، والدعاء سهم من سهام الله ، ودعاء السحر سهام القدر، فإذا انطلق من قلوب ناظرة إلى ربها ، راغبة فيما عنده ، لم يكن لها دون عرش الله مكان. جلس عمر بن الخطاب يومًا على كومة من الرمل ، بعد أن أجهده السعي والطواف على الرعية ، والنظر في مصالح المسلمين ، ثم اتجه إلى الله وقال: "اللهم قد كبرت سني ، ووهنت قوتي ، وفشت رعيتي ، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفتون ، واكتب لي الشهادة في سبيلك ، والموت في بلد رسولك". انظر إلى هذا الدعاء ، أي طلب من الدنيا طلبه عمر، وأي شهوة من شهوات الدنيا في هذا الدعاء ، إنها الهمم العالية ، والنفوس الكبيرة ، لا تتعلق أبدًا بشيء من عرض هذه الحياة ، وصعد هذا الدعاء من قلب رجل يسوس الشرق والغرب ، ويخطب وده الجميع ، حتى قال فيه القائل: يا من رأى عمرًا تكسوه بردته ** والزيت أدم له والكوخ مأواه يهتز كسرى على كرسيه فرقًا ** من بأسه وملوك الروم تخشاه ماذا يرجو عمر من الله في دعائه ؟ إنه يشكو إليه ضعف قوته ، وثقل الواجبات والأعباء ، ويدعو ربه أن يحفظه من الفتن ، والتقصير في حق الأمة ، ثم يتطلع إلى منزلة الشهادة في سبيله ، والموت في بلد رسوله ، فما أجمل هذه الغاية ، وما أعظم هذه العاطفة التي تمتلئ حبًا وحنينًا إلى رسول الله - صل الله عليهلم -: (أن يكون مثواه بجواره). يقول معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: "يا بن آدم أنت محتاج إلى نصيبك من الدنيا ، وأنت إلى نصيبك من الآخرة أحوج ، فإن بدأت بنصيبك من الآخرة ، مرّ بنصيبك من الدنيا فانتظمها انتظامًا ، وإن بدأت بنصيبك من الدنيا ، فائت نصيبك من الآخرة ، وأنت من الدنيا على خطر). وروى الترمذي بسنده عن النبي - صل الله عليهلم -: أنه قال: ((من أصبح والآخرة أكبر همه جمع الله له شمله ، وجعل غناه في قلبه ، وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومن أصبح والدنيا أكبر همه فرَّق الله عليه ضيعته ، وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتب له)). وأخيرًا .. أرأيت كيف أُلهم عمر الدعاء وكانت الإجابة معه ، وصدق الله العظيم إذ يقول: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (186)" (البقرة:186).


 

 أقوال ساعة الموت

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة


avatar


نقــاط : 100265
أقوال ساعة الموت  Oooo14
أقوال ساعة الموت  User_o10

أقوال ساعة الموت  Empty
مُساهمةموضوع: أقوال ساعة الموت    أقوال ساعة الموت  Emptyالسبت 9 مارس 2013 - 6:39

خطبة الجمعة
الخطبة 0850 : خ1 - أقوال ساعة الموت ، خ2 - البعوضة.
لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 2002-09-06
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله نحمده، ونستعين به ونسترشده، ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل لـه، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إقراراً بربوبيته، وإرغـاماً لمن جحد به وكفر، وأشهد أن سيدنا محمد صلى الله عليه وسـلم رسول اللـه سـيد الخلق والبشر، مـا اتصلت عين بنظر، أو سمعت أذن بخبر، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وأصحابه، وعلى ذريته ومن والاه ومن تبعه إلى يوم الدين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.

أيها الإخوة الكرام، يشعر الإنسان أحياناً أن نفسه تستعصي، وتتمرد عليه، وتتأبى أن تخضع لمنهج الله عز وجل، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

((أَكْثِرُوا ذِكْرَ هَاذِمِ اللَّذَّاتِ يَعْنِي الْمَوْتَ))

(سنن الترمذي)
عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب ما شئت فإنك مفارق واعمل ما شئت فإنك مجزي به.
أيها الإخوة الكرام، كان من الممكن أن نأتي الدنيا جميعاً دفعة واحدة، ونغادرها دفعة واحدة، أي لا موت ولا حزن، ولكن حكمة الله تقتضي أن نأتي الدنيا تباعاً، ونغادرها تباعاً ليتّعظ بعضنا ببعض، الإنسان كما تعلمون في أدق تعريفاته بضعة أيام، كلما انقضى يوم منه انقضى بضع منه، إنه زمن، وهذا الزمن هو رأس ماله، وأثمن شيء يملكه هو الزمن، وأن هذا الزمن الذي هو حقيقة الإنسان ينفق على طريقتين، ينفق على طريقة الشاردين عن الله إنفاقاً استهلاكياً، نأكل، ونشرب، وننام، ونسترخي، ونعطي أنفسنا حظوظها كاملة إلى أن نفاجأ بالأجل من دون استعداد له.

﴿فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (42)﴾

(سورة المعارج)
هذا اليوم يصعق فيه الإنسان، لا يملك إلا أن يقول: يا ليتني قدمت لحياتي.
أيها الإخوة، لا يستطيع أحد أن ينكر حدث الموت، لكن الناس يتفاوتون لا في إنكار أو تصديق بل يتفاوتون في مدى الاستعداد للموت، يستعد للموت بالتوبة الصادقة والعمل الصالح، وبطلب العلم، وبالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبالدعوة لله عز وجل، وبتربية الأولاد.
الناس يتفاوتون لا في تصديقهم أو تكذيبهم بحدث الموت، ولكنهم يتفاوتون في مدى الاستعداد للموت.
أيها الإخوة الكرام، الإنسان حينما يمسك مئة ألف ليرة، ويحرقها بماذا نحكم عليه جميعاً ؟ بالسفه والجنون، وهذا يقتضي أن تحجر تصرفاته، ولأن الإنسان رُكِّب في أعماق أعماقه أن الوقت أثمن من المال بدليل أن الإنسان يبيع بيته الوحيد الذي لا يملك غيره من أجل أن يجري عملية جراحية قد توهمه أن عمره قد يمتد بضع سنوات أخرى !
ما معنى ذلك ؟ أنه يبيع كل ما يملك من أجل أن يعيش زمن أطول، فالوقت أثمن عند أي إنسان من المال، فالذي يتلف المال بين يديه يعد سفيهاً، فكيف الذي يتلف الوقت بين يديه ؟ كيف بالذي يمضي ساعات طويلة القيل والقال ؟ في الغيبة والنميمة ؟ في الحديث في المعاصي والمنكرات ؟ في متابعة المسلسلات ؟ في متابعة موضوع لا يغني ولا يسمن من جوع ؟ في الدخول في جزئيات لا تعطيه إلا أنها تشغله عن الهدف الكبير الذي خلق من أجله.
أيها الإخوة الكرام: كما قال النبي عليه الصلاة والسلام:

((إن أكيسكم أكثركم للموت ذكراً وإن أحذركم أشدكم استعداداً له، ألا وإن من علامات العقل التجافي عن دار الغرور والإنابة إلى دار الخلود والتزود لسكنَ القبور والتأهب ليوم النشور ))

(ورد في الأثر)
أيها الإخوة الأحباب، تصور بلداً فيه قانون إيجار عجيب، مالك البيت يطرد المستأجر في أية لحظة ومن دون سابق إنذار، ولا يستطيع المستأجر أن يأخذ من البيت شيئاً، ولو في الساعة الثانية ليلاً، وهذا المستأجر يضع كل دخله الكبير في تحسين وتزيين البيت وزخرفته ولا يدري في أية لحظة يكون خارج البيت، ولهذا المستأجر بيت بعيد على الهيكل، هل تقتضي الحكمة أن يدفع كل دخله في تزيين بيت لا يعرف في أية لحظة هو مغادره ؟ أم تقتضي الحكمة أن يعتني ببيت مصيره مآله إليه ؟ هذا حال معظم أهل الدنيا أيها الإخوة ! يضع البيض كله في سلة واحدة فإذا توقف قلبه فجأة، أو انسدت بعض شرايينه، أو نمت خلاياه، أو تجلط الدم في عروقه كان شخصاً فصار خبراً، كان رجلاً فأصبح نعيا، كان شيئاً مذكوراً فصار بضاعة، لو نقلت من بلد إلى بلد لاحتاجت إلى أوراق.
كنت مرة في سفر بعيد، وفي توقف في بعض المدن في أفريقيا وجدت البضائع تنزل من الطائرة على درج كهربائي فإذا بنعش فيه ميت، تكون رجلاً فتصبح بضاعة تحتاج لأوراق تخليص، بين الموت والإنسان ثانية واحدة، ومن عد غداً من أجله فقد أساء صحبة الموت.
هذه مقدمة لموضوع أردت أن أضعه بين أيديكم حول أقوال بعض الصحابة الكرام وحول بعض خلفاء وعلماء المسلمين وهم على فراش الموت.
الإنسان في مقتبل حياته قد يظن المال شيئاً كبيراً، وفي منتصف عمره يرى المال شيئا وليس كل شيء، أما على فراش الموت فلا يرى إلا العمل الصالح، فإن حققه فقد نجا وأفلح، وإن قصر به فقد هلك.
سيدنا الصديق رضوان الله عليه حين وفاته تلا قوله تعالى:

﴿وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ (19)﴾

(سورة ق)
لابد من أن يأتي ملك الموت بعدت المسافة أو قصرت.
أيها الإخوة الكرام، الكلام الواقعي ربما كان مؤلماً نحن جميعاً، وأنا معكم هل يمكن أن نستيقظ كل يوم كاليوم السابق إلى ما شاء الله ؟ مستحيل ! لابد لكل واحد منا أن يستيقظ في أحد الأيام على تطور في جسمه لم يكن من قبل، فإن كان هذا التطور بداية لبوابة الخروج تفاقم الأمر وانتهى بالموت، فهل نحن مستعدون لهذه اللحظة ؟
لماذا يشيب شعر الإنسان ؟ لماذا يضعف بصره ؟ لماذا تضعف أعضائه ؟ لماذا تلتهب مفاصله ؟ لماذا ينحني ظهره ؟ إنها إشارات لطيفة جداً من الله أن يا عبدي قد اقترب اللقاء، فهل أنت مستعد له ؟ الإمام القرطبي رحمه الله تعالى يقول في تفسيره: في شرح قوله تعالى:

﴿أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ﴾

(سورة فاطر)
قال: النذير هو النبي عليه الصلاة والسلام، لقول الله عز وجل:

﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً (45)﴾

(سورة الأحزاب)
والنذير هو القرآن، لأن القرآن فيه شرح لما سيكون، قبل أن يكون الذي يكون سوف يكون، والعقل يقتضي أن تصل إلى الشيء قبل أن تصل إليه، ينبغي أن نتوقع الموت قبل أن نموت، ينبغي أن نستعد له قبل أن نفاجأ به، ينبغي أن نصلي قبل أن يصلى علينا، ينبغي أن ندخل إلى المسجد لنصلي قبل أن ندخل في نعش ليصلى علينا.
أيها الإخوة الأحباب: النذير هو سن الأربعين وسن الستين وقد جاء في الأثر: من بلغ الأربعين ولم يغلب خيره شره فليتجهز إلى النار، ومن دخل في الأربعين دخل في أسواق الآخرة.
أرأيت إن كنت في نزهة لعشرة أيام في اليوم الثامن تتغير الخطة ! تقطع تذاكر العودة وتجمع الحوائج وتشتري الهدايا وصرت في بلدك نفسياً، فمن دخل في الأربعين دخل في أسواق الآخرة.
والنذير الشيب، ورد في الأثر:

((عبدي قد ضعف جسمك، وضعف بصرك، وانحنى ظهرك، وشاب شعرك فاستحي مني فأنا أستحي منك )).
إلى متى أنت باللذات مشغول وأنت عن كل ما قدمت مسؤول ؟
والنذير أيضاً المصائب ملفتات للنظر.

﴿مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآَمَنْتُمْ﴾

(سورة النساء)

﴿وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (21)﴾

(سورة السجدة)
المصائب من النذير، وموت الأقارب من النذير.
أيها الإخوة الكرام، أوصى الصديق رضي الله عنه عمر بن الخطاب رضي الله عنه أيضاً لما حضرته الوفاة قال:

(( إني أوصيك وصية، إن أنت قبلت عني، إن لله عز وجل عملاً بالليل لا يقبله بالنهار، وإن لله عملاً بالنهار لا يقبله بالليل، وإن الله جلّ في علاه لا يقبل النافلة حتى تؤدى الفريضة، وإنما ثقلت من ثقلت موازينه في الآخرة باتباعهم الحق في الدنيا، وحق لميزان يوضع فيه الحق أن يكون ثقيلاً، وإنما خفت موازيين من خفت موازينه في الآخرة باتباعهم الباطل وحق لميزان أن يوضع فيه الباطل أن يكون خفيفاً ))
هذه وصية الصديق لعمر بن الخطاب رضي الله عنه.
سيدنا عمر لما طعن جاء عبد الله بن عباس يقول: يا أمير المؤمنين أسلمت حين كفر الناس، وجاهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خذله الناس، وقتلت شهيداً ولم يختلف عليك اثنان، وتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو راض عنك فقال له عمر: أعد مقالتك فأعاد عليه فقال: المغرور من غررتموه، لو أن أهل الأرض بأكملهم يمدحوك ولم تكن في مستوى مديحهم لا تنجو من عذاب الله، ولو أن النبي عليه الصلاة والسلام أفتى لك من فمه الشريف ولم تكن محقاً لا تنجو من عذاب الله.
يقول هذا الخليفة الراشد: والله لو أن لي ما طلعت عليه الشمس أو غربت لافتديت به من هول المطلع هذا عمر وما أدراكم ما عمر، وقال عبد اله بن عمر: كان رأس عمر على فخذي في مرضه الذي مات فيه، فقال له أبوه: ضع رأسي على الأرض فقلت: ما عليك يا أبتِ إن كان على الأرض أو كان على فخذي ؟ قال: لا أم لك ضعه على الأرض، فقال عبد الله فوضعته على الأرض، فقال عمر: ويلي وويل أمي إن لم يرحمني ربي عز وجل.
هؤلاء الذين يأكلون المال الحرام، ويعتدون على الأعراض، ويقيمون على معاصي الله، ويغتابون، وهم غارقون في الآثام كيف يفكرون ؟ ماذا أعدوا لهذه الساعة التي لابد منها ؟
سيدنا عثمان رضي الله عنه حينما وافاه الأجل قال: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين كما قال يونس عليه السلام.
لما فتشوا في خزانته وجدوا وصيته كتب فيها عثمان بن عفان يشهد أنه لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله وأن الجنة حق وأن الله يبعث من في القبور ليوم لا ريب فيه إن الله لا يخلف الميعاد عليها يحيى وعليها يموت وعليها يبعث إن شاء الله.
سيدنا علي رضي الله عنه حينما طعن قال: ما فعل بضاربي ؟ قالوا: أخذناه، قال: أطعموه من طعامي واسقوه من شرابي، فإن أنا عشت رأيت فيه رأيي، وإن أنا مت فاضربوه ضربة واحدة لا تزيدوا عليها، مذكراً بقول النبي: لا تغالوا بالكفن فإنه يسلب سلباً سريعاً، وأوصى أن امشوا بي بين المشيتين لا تسرعوا بي ولا تبطئوا.
وسيدنا معاذ بن جبل رضي الله عنه وأرضاه قال: حينما حضرته الوفاة يا رب: إنني كنت أخافك، وأنا أرجوك الآن، اللهم إنك تعلم أنني ما كنت أحب الدنيا لجري الأنهار ولا لغرس الأشجار، وإنما لظمأ الهواجر، ومكابدة الساعات، ومزاحمة العلماء بالركب عند حلق العلم، ثم فاضت روحه بعد أن قال: لا إله إلا الله.
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

((نعم الرجل معاذ بن جبل))

(سنن الترمذي)
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

((أرحم الناس بأمتي أبو بكر، إلى أن قال: وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ ))

(صحيح البخاري)
وبلال بن رباح رضي الله عنه وأرضاه حينما أتاه الموت قالت زوجته: وا حزناه فكشف الغطاء عن وجهه، وهو في سكرات الموت، وقال: لا تقولي وا حزناه، بل قولي: وا فرحاه، غداً نلقى الأحبة ؛ محمداً وصحبه.
الصحابي الجليل أبو الدرداء رضي الله عنه وأرضاه لما جاءه الموت قال: ألا رجل يعمل لمثل مصرعي هذا ؟ ألا رجل يعمل لمثل يومي هذا ؟ ألا رجل يعمل لمثل ساعتي هذه ؟
والله أيها الإخوة: مرة كنت في تشييع جنازة فلما وضع الميت في القبر والله الذي لا إله إلا هو ما رأيت في الدنيا أعقل من رجل يعد لمثل هذه الساعة التي لا بد منها، بعدت أو قربت طالت أو قصرت، كل مخلوق يموت ولا يبقى إلا ذو العزة والجبروت

و الليل مهما طال لابد من طلوع الفجر
والعمر مهما طال لابـد من نزول القبر
كل ابن أثنى و إن طالت سلامته يوماً على آله حدباء محمول
فإذا حملت إلى القبور جــنازة فاعلم بأنك بعدها محــمول

أيها الإخوة الأحباب: سلمان الفارسي بكى عند موته فقيل له: ما يبكيك ؟ فقال: عهد لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكون زاد أحدنا كزاد الراكب وحولي هذه الأزواد، حوله متاع كثير لعلها أراضي وبساتين وبيوت، وبيوت كبيرة ما الذي كان حوله قال: حوله إيجانة إناء يجمع فيه الماء وجفنة قصعة يوضع فيها الماء والطعام ومطهرة إناء يتطهر به.
وعبد الله بن مسعود رضي الله عنه حينما حضره الموت دعا ابنه فقال يا عبد الرحمن إن عبد الله بن مسعود أوصيك بخمس خصال فاحفظهن عني أظهر اليأس للناس فإن ذلك غنى فاضل، ودع مطلب الحاجات إلى الناس فإن ذلك فقر حاضر ودع ما تعتذر منه من الأمور ولا تعمل به، وإن استطعت أن لا يأتي عليك يوم إلا و أنت خير منك بالأمس فافعل، وإذا صليت صلاة فصلي صلاة مودع كأنك لا تصلي بعدها، وسيد شباب الجنة لما حضره الموت قال: أخرجوا فراشي إلى صحن الدار فأخرج فقال اللهم إني أحتسب نفسي عندك فإني لم أصب بمثلها.
ومعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه عندما حضره الموت قال أجلسوني فأجلسوه فجلس يذكر الله ثم بكى، فقال: الآن يا معاوية جئت تذكر ربك بعد الانحطام أما كان هذا وغض الشباب نضير الريان ثم بكى وقال: يا رب، يا رب ارحم الشيخ العاصي ذا القلب القاسي، اللهم أقل العثرة واغفر الزلة وجد بحلمك على من لم يرجو غيرك ولا وثق بأحد سواك ثم فاضت روحه، والصحابي الجليل عمر بن العاص حينما حضره الموت بكى طويلاً وحول وجهه إلى الجدار فقال له ابنه: ما يبكيك يا أبتاه أما بشرك رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقبل عمر رضي الله عنه إليهم بوجهه وقال: إن أفضل ما نعد لهذه الساعة شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، إني كنت على أطباق ثلاثة لقد رأيتني (رأيت نفسي) وما أحد أشد بغضاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم مني فلو مت على تلك الحال لكنت من أهل النار فلما جعل الله الإسلام في قلبي أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت ابسط يمينك فلأبايعنك فبسط يمينه قال: فقبضت يدي فقال عليه الصلاة والسلام مالك يا عمر ؟ قال: أردت أن أشترط فقال النبي الكريم: تشترط ماذا ؟ قال: أن يغفر الله لي فقال: يا عمر أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله ؟ وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها، وأن الحج يهدم ما كان قبله ؟ وما كان أحد أحب إلي من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أحلى في عيني منه وما كنت أطيق أن أملأ عيني إجلالاً له، فلو قيل لي صفه لما استطعت أن أصفه لأني لم أكن أملأ عيني منه، ولو مت على تلك الحال لرجوت أن أكون من أهل الجنة ثم ولينا أشياء لا أدري ما حالي فيها، فإذا أنا مت فلا تصحبني نائحة ولا نار فإذا دفنتموني فأهيلوا علي التراب ثم أقيموا حول قبري قدر ما تنحر الجذور ويقسم لحمها حتى أستأنس بكم وأنظر ماذا أراجع به رسل ربي.
والصحابي الجليل أبو موسى الأشعري حينما حضرته الوفاة دعا فتيانه وقال: اذهبوا فاحفروا لي وأعمقوا ففعلوا فقال: اجلسوا بي فو الذي نفسي بيده إنها لإحدى المنزلتين إما ليوسعن قبري حتى تكون كل زاوية أربعين ذراعاً، وليفتحن لي باب من أبواب الجنة فلأنظرن إلى منزلي فيها، وإلى أزواجي، وإلى ما أعد الله عز وجل لي فيها من النعيم، ثم لأنا أهدى إلى منزلي في الجنة مني اليوم إلى أهلي، وليصبني من روحها وريحانها حتى أبعث، وإن كانت الأخرى ليضيقن علي قبري حتى تختلف منه أضلاعي حتى يكون أضيق من كذا وكذا، وليفتحن لي باب من أبواب جهنم فلأنظرن إلى مقعدي وإلى ما أعد الله عز وجل فيها من السلاسل والأغلال والقرناء، ثم لأنا إلى مقعدي من النار لأهدى مني اليوم إلى منزلي، ثم ليصبني من سمومها وحميمها حتى أبعث.
وسعد بن الربيع لما انتهت غزوة أحد قال عليه الصلاة والسلام:

((من يذهب فينظر ماذا فعل سعد بن الربيع ؟ فدار رجل من الصحابة بين القتلى فأبصر سعد بن الربيع قبل أن تفيض روحه فناداه ماذا تفعل ؟ قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم بعثني لأنظر ماذا فعلت ؟ فقال سعد: اقرأ على رسول الله صلى الله عليه وسلم مني السلام، وأخبره أني ميت، وأني قد طعنت اثنتي عشرة طعنة، ونفذت في، فأنا هالك لا محالة، واقرأ على قومي السلام، وقل لهم: يا قوم لا عذر لكم إذا خلص إلى نبيكم وفيكم عين تطرف))
وعبد الله بن عمر حينما فاضت روحه قال: ما آسى من الدنيا على شيء إلا على ثلاثة ظمأ الهواجر ومكابدة الليل ومراوحة الأقدام بالقيام لله عز وجل، وإني لم أقاتل الفئة الباغية التي نزلت.
أيها الإخوة الكرام، هذه مواقف الذين وافتهم المنية وهم على فراش الموت.
الإمام الشافعي قال: عند الموت أصبحت من الدنيا راحلاً، وللإخوان مفارقاً، ولسوء عملي ملاقيا، ولكأس المنية شارباً، وعلى الله واردا، ولا أدري أروحي تصل إلى الجنة فأهنيها أم غلى النار فأعزيها ؟ ثم قال:

لما قسا قلبي وضاقت مذاهبي جعلت رجائي نحو عفوك سلماً
تعاظمني ذنبي فـلما قـرنته بعفوك ربي فكان عفوك أعظم
فما زلت ذا عفو عن الذنب لم تـزل تجود وتعفو منة وتكرما

الإمام الحسن البصري قال: هذه منزلة صبر واستسلام.
عبد الله بن المبارك قال: لمثل هذا فليعمل العاملون، لا إله إلا الله ثم فاضت روحه.
الفضيل بن عياض العالم العابد لما حضرته الوفاة قال: وا بعد سفراه وا قلة زاداه، والإمام العالم محمد بن سيرين قال: أبكي لتفريطي في الأيام الخالية، وقلة عملي للجنة العالية، وما ينجيني من النار الحامية.
الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز قال: يا بني إني قد تركت لكم خيراً كثيراً، لا تمرون بأحد من المسلمين، أو من أهل ذمتهم إلا رأوا لكم حقاً، يا بني إني قد خيرت بين أمرين، إما أن تستغنوا، وأدخل النار، وإما أن تفتقروا وأدخل الجنة، فأرى أن تفتقروا إلى ذلك أحب إلي قوموا عصمكم الله قوموا رزقكم الله.
أيها الإخوة الكرام: المأمون الخليفة قال: أنزلوني من على السرير فأنزلوه على الأرض فوضع خده على التراب وقال: يا من لا يزول ملكه ارحم من قد زال ملكه.
عبد الله بن مروان قال: ارفعوني على شرف ففعلوا ذلك قال: يا دنيا ما أطيبك إن طويلك لقصير وإن كثيرك لحقير، وإن كنا منك لفي غرور.
هشام بن عبد الملك قال لأهله وهو على فراش الموت جاء هشام إليكم بالدنيا وجئتم له بالبكاء فقط ماذا تنفعونه ؟ وترك لكم ما جمع وتركتم له ما حمل، ما أعظم مصيبة هشام إن لم يرحمه الله.
الخليفة المعتصم قال وهو على فراش الموت: لو علمت أن عمري قصير هكذا ما فعلت الذي فعلت، الخليفة الزاهد هارون الرشيد قال: أحضروا لي أكفاناً فأحضروا له فقال: احفروا لي قبراً فحفروا له فنظر إلى القبر فقال: ما أغنى عني ماليه هلك عني سلطانيه.
أيها الإخوة الكرام، هذه ومضات من أقوال أناس كثيرين منهم الخلفاء، ومنهم العلماء، ومنهم الصحابة الأجلاء، ذا قالوا على فراش الموت ؟ونحن جميعاً سوف نصل إلى فراش الموت، كون تحت أطباق الثرى، غادر الدنيا، فالعبرة أن تصل إلى هذه الساعة بعقلك قبل أن تصل إليها بجسمك.
الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها، وتمنى على الله الأماني.
وأشهد أن لا إله الله ولي الصالحين، شهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، حب الخلق العظيم، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أيها الإخوة الكرام، وقع تحت يدي صفحات من موسوعة علمية حديثة جداً، الذي قرأته ومصوراً لما كنت أصدقه عن البعوضة ! وأنا أتحدث عنها كثيراً، لكني فوجئت بحقائق لم أكن أعرفها من قبل.
للبعوضة أكثر من مئة عين، وعيون البعوضة بالمجهر المكبر تشبه خلية النحل، وعندها مستقبلات حرارية واحد من الألف من درجة الحرارة تتحسسها البعوضة، وترى الشيء الحار بلون آخر، لذلك تتجه إلى جبين الصبي على فراشه دون أن تخطئه بفعل مستقبلات الحرارة التي زودت بها من قبل الله عز وجل، هذه المستقبلات تميز بين تطور حرارة يقل عن واحد بالألف من درجة الحرارة، وعندي صورة كيف أن البعوضة بهذه المستقبلات ترى الأشياء والألوان خاصة بحسب الحرارة، لذلك عبروا عن هذه الحقيقة بالرادار، تتجه إلى جبين الصبي.
أيها الإخوة الأكارم، من منا يصدق أن في خرطوم البعوضة ست سكاكين، أربعة سكاكين تقطع جلد الذي تلسعه، وسكينان تلتئمان مع بعضهما بعضاً فتكونان أنبوباً حاد الأطراف يغرس في جسم الغلام، أربع سكاكين تقطع اللحم بها وأنبوب أساسه، سكينان ملتئمان يغرس في جسم الطفل كي يمتص دمه، هذه البعوضة تملك مادة مخدرة ومعروف أن المواد المخدرة تصنع في أعقد المعامل، من وضع هذه المادة المخدرة في البعوضة لأنها لو لم تخدر هذا الإنسان لقتلها، وهي تمتص دمه، لكن بعد أن تطير يذهب التخدير فيشعر باللسعة فيضرب ضربة بلا فائدة تكون قد طارت، معها مواد مخدرة وجهاز رادار أساسه مستقبلات حرارية، وفي خرطومها ست سكاكين أربع لقطع اللحم، واثنتان لتكون أنبوباً لتمتص فيه الدم، ومعها مادة تميع الدم كي يجري في خرطومها الدقيق، ولها مائة عين وثلاثة قلوب، ولكل قلب أذينان وبطينان ودسامات قلب مركزي وقلب لكل جناح.
أيها الإخوة، هذه بعض الحقائق تستطيع البعوضة أن تشم رائحة عرق الإنسان من ستين كيلو متراً وليس في الأرض شيء أهون على الإنسان من بعوضة فعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

((لَوْ كَانَتِ الدُّنْيَا تَعْدِلُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ مَا سَقَى كَافِرًا مِنْهَا شَرْبَةَ مَاءٍ ))

(سنن الترمذي)
ولهذا قال جل جلاله:

﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا﴾

(سورة البقرة)
ثلاثة قلوب، مئة عين، محاجم كي تقف على سطح أملس، مخالب كي تقف على سطح خشن، مستقبلات حرارية تتحسس بواحد بالألف من درجة الحرارة، ترى الأجسام بألوان بحسب الحرارة، معها جهاز تحليل للدم، وجهاز تخدير، وجهاز رادار، وجهاز تمييع، ثم إن جناحيها يرفان بعدد لا يصدق، هذا الطنين الذي تسمعه إن رفات البعوضة بعدد كبير جداً في الثانية الواحدة.
أيها الإخوة الكرام:

﴿هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ﴾

(سورة لقمان)
اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولنا فيمن توليت، وبارك لنا فيما أعطيت، وقنا واصرف عنا شر ما قضيت، فإنك تقضي بالحق ولا يقضى عليك، وإنه لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت، ولك الحمد على ما قضيت، نستغفرك ونتوب إليك، اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر، مولانا رب العالمين، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمن سواك، اللهم لا تؤمنا مكرك ولا تهتك عنا سترك، ولا تنسنا ذكرك يا رب العالمين، اللهم بفضلك ورحمتك أعل كلمة الحق والدين، وانصر الإسلام وأعز المسلمين، وأذل الشرك والمشركين، اللهم دمر أعدائك أعداء الدين، اللهم شتت شملهم واجعل تدميرهم في تدبيرهم، واجعل الدائرة تدور عليهم يا رب العالمين، اللهم بفضلك ورحمتك وفق ولاة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها إلى ما تحب وترضى، اجمعهم على الحق والخير والهدى، إنك على ما تشاء قدير، وبالإجابة جدير.

والحمد لله رب العالمين
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
أقوال ساعة الموت
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اسلام ويب :: ۩✖ منتدي الاسلاميات العامه ۩✖ :: مقــــالات اســــلاميه :: خطب مقـــرؤه-
انتقل الى: