اسلام ويب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

من فقه الدعاء يقول سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "أنا لا أحمل همَّ الإجابة، وإنما أحمل همَّّ الدعاء، فإذا أُلهمت الدعاء كانت الإجابة معه". وهذا فهم عميق أصيل ، فليس كل دعاء مجابًا، فمن الناس من يدعو على الآخرين طالبًا إنزال الأذى بهم ؛ لأنهم ينافسونه في تجارة ، أو لأن رزقهم أوسع منه ، وكل دعاء من هذا القبيل ، مردود على صاحبه لأنه باطل وعدوان على الآخرين. والدعاء مخ العبادة ، وقمة الإيمان ، وسرّ المناجاة بين العبد وربه ، والدعاء سهم من سهام الله ، ودعاء السحر سهام القدر، فإذا انطلق من قلوب ناظرة إلى ربها ، راغبة فيما عنده ، لم يكن لها دون عرش الله مكان. جلس عمر بن الخطاب يومًا على كومة من الرمل ، بعد أن أجهده السعي والطواف على الرعية ، والنظر في مصالح المسلمين ، ثم اتجه إلى الله وقال: "اللهم قد كبرت سني ، ووهنت قوتي ، وفشت رعيتي ، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفتون ، واكتب لي الشهادة في سبيلك ، والموت في بلد رسولك". انظر إلى هذا الدعاء ، أي طلب من الدنيا طلبه عمر، وأي شهوة من شهوات الدنيا في هذا الدعاء ، إنها الهمم العالية ، والنفوس الكبيرة ، لا تتعلق أبدًا بشيء من عرض هذه الحياة ، وصعد هذا الدعاء من قلب رجل يسوس الشرق والغرب ، ويخطب وده الجميع ، حتى قال فيه القائل: يا من رأى عمرًا تكسوه بردته ** والزيت أدم له والكوخ مأواه يهتز كسرى على كرسيه فرقًا ** من بأسه وملوك الروم تخشاه ماذا يرجو عمر من الله في دعائه ؟ إنه يشكو إليه ضعف قوته ، وثقل الواجبات والأعباء ، ويدعو ربه أن يحفظه من الفتن ، والتقصير في حق الأمة ، ثم يتطلع إلى منزلة الشهادة في سبيله ، والموت في بلد رسوله ، فما أجمل هذه الغاية ، وما أعظم هذه العاطفة التي تمتلئ حبًا وحنينًا إلى رسول الله - صل الله عليهلم -: (أن يكون مثواه بجواره). يقول معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: "يا بن آدم أنت محتاج إلى نصيبك من الدنيا ، وأنت إلى نصيبك من الآخرة أحوج ، فإن بدأت بنصيبك من الآخرة ، مرّ بنصيبك من الدنيا فانتظمها انتظامًا ، وإن بدأت بنصيبك من الدنيا ، فائت نصيبك من الآخرة ، وأنت من الدنيا على خطر). وروى الترمذي بسنده عن النبي - صل الله عليهلم -: أنه قال: ((من أصبح والآخرة أكبر همه جمع الله له شمله ، وجعل غناه في قلبه ، وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومن أصبح والدنيا أكبر همه فرَّق الله عليه ضيعته ، وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتب له)). وأخيرًا .. أرأيت كيف أُلهم عمر الدعاء وكانت الإجابة معه ، وصدق الله العظيم إذ يقول: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (186)" (البقرة:186).


 

 الدعوة إلى صحوة المسلمين

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة


avatar


نقــاط : 100165
الدعوة إلى صحوة المسلمين Oooo14
الدعوة إلى صحوة المسلمين User_o10

الدعوة إلى صحوة المسلمين Empty
مُساهمةموضوع: الدعوة إلى صحوة المسلمين   الدعوة إلى صحوة المسلمين Emptyالسبت 9 مارس 2013 - 5:25

خطبة الجمعة
الخطبة 1047 : خ 1 - الدعوة إلى صحوة المسلمين ، خ 2 - الصلح مع الله
لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 2007-08-17
بسم الله الرحمن الرحيم

الخطبة الأولى
الحمد لله نحمده، ونستعين به، ونسترشده، ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إقراراً بربوبيته، وإرغاماً لمن جحد به وكفر، وأشهد أن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم رسول الله، سيد الخلق والبشر، ما اتصلت عين بنظر، أو سمعت أذن بخبر، اللهم صلِ وسلم، وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه، وعلى ذريته ومن والاه، ومن تبعه إلى يوم الدين، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، و اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين، أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
أيها الإخوة الكرام، قبل أن أبدأ الموضوع الذي اخترته لكم هناك مقدمة لهذا الموضوع موقظة محرقة.

من روائع مستشفى الملك المنصور
في المستشفى المنصور الكبير الذي أنشأه في مصر الملِك المنصور سيف الدين قلوون عام ألف ومئتين وأربعة وثمانين ميلادية، وكان آية من آيات الدنيا في التنظيم والترتيب، جعل الدخول إليه والانتفاع منه مباحاً لجميع الناس من ذكر وأنثى، وحر وعبد، وملِك ورعية، وجعل لمن يخرج منه من المرضى عند برءه كسوة كاملة، ومن مات جهز وكفن ودفن، وعيّن في هذا المستشفى الأطباء من مختلف فروع الطب، كما وظف له الفراشون والخدمة لخدمة المرضى، وإصلاح أمكنتهم، وتنظيفها، وغسل ملابسهم، أنا أنقل من التاريخ نصًّا تاريخيا، وغسل ثيابهم وخدمتهم في الحمام، حيث كان لكل مريض شخصان يقومان بخدمته، وجعل لكل مريض سريراً وفراشاً كاملاً، وأفرد لكل طائفة من المرضى أماكن تختص به، أقسامًا أقساما، أمراض جهاز الهضم، أمراض جهاز التنفس، ورتب به مكانا يجلس فيه رئيس الأطباء لإلقاء دروس الطب على الطلبة، مستشفى علاجي وتعليمي، ومن أروع ما فيه أن الاستفادة من هذا المستشفى ليست مقصورة على من يقيم فيه من المرضى، بل هناك عيادات خارجية، ورتب لمن يطلب وهو في منزله ما يحتاج من الأدوية والأغذية والأشربة ما يلبي حاجته.
وأدى هذا المستشفى عمله الإنساني الجليل حتى أخبر بعض أطباء العيون الذين عملوا فيه أنه كان يعالج فيه كل يوم من المرضى الداخلين إليه والناقهين الخارجين أعداداً كبيرة جداً، ولا يخرج منه كل من يبرأ من مرض حتى يعطى كسوة كاملة، ودراهم لنفقاته في أيام نقاهته، حتى لا يضطر للالتجاء للعمل الشاق فور خروجه.
ومن أروع ما فيه أيضاً النص على وقفيته، خدمات مستمرة على أن يقدَّم طعام كل مريض بطبق خاص له، خوفاً من العدوى، ويستخدم مرة واحدة، ووجوب تغطيتها وإيصالها إلى المريض بهذا الشكل.
ومن أروع ما فيه أن المؤرقين الذين لا ينامون الليل كانوا يعانون من العزلة، ويوضعون في قاعة منفردة يشنفون أسماعهم بأصوات الابتهالات والأناشيد، أو يتسلون باستماع القصص يلقيها عليهم بعض الوعاظ، وكان الناقهون يرفهون، وكان المؤذنون في المسجد الملاصق يؤذنون في السَّحر قبل ميعاد الفجر، وينشدون الأناشيد بأصوات ندية تخفيفاً لآلامهم التي كانت تضجرهم.
هذا مستشفى أنشأه الناصر قلوون في عام ألف ومئتين وأربعة وثمانين ميلادية، هكذا كان الإسلام، هذا المستشفى بالذات، ثم اندثر هذا المستشفى، وتلاشى، وتحول هذا الصرح العظيم بسبب الجهل المرعب إلى حال لا تصدق، فقد زار هذا المستشفى أحد الباحثين في أواسط القرن التاسع عشر فقال عنه: " ولقد تخرب، ولم يبق منه سوى قبر مؤسسه، وبعض حاجاته، يأتي إليها المرضى يزورون قبر السلطان بقصد الشفاء، فيمسّون عمامته لشفاء أوجاع الرأس، وقفطانه للشفاء من الحميات المتقطعة، وتجتمع الشابات من النساء والأمهات، ومعهن أولادهم فتطلب الواحدة منهن من الله أن يرزقها ولداً ذكراً، فتأتي النساء فينزعن اللباس عن أنفسهن، ويكررن القفز مراراً حتى يتعبن، وكان كثير من النسوة يأتون بالأطفال الصغار حتى قبل أن تقوى على المشي أجسامهم، ويطلب فك عقدة لسانهم، ماذا يفعلون ؟ يأتون بحامض الليمون ويصبونه على بعض الأعمدة التي فيها حجر حديد، فيصبح لونُ السائل أحمر، فيلحسه هذا الطفل فيتألم السائل فيصيح، إذاً نطق، هكذا صار إليه حال المستشفى.
لذلك أيها الإخوة، هذه النقلة المخيفة من مستشفى حضاري إنساني قام على العلم إلى مستشفى قام على الخزعبلات والترهات، والأساطير والشعوذة والسحر.

الإسلام أخلاق ومعاملات
الإسلام أيها الإخوة دين الله، الإسلام وحي السماء، الإسلام خُلق، الإسلام التزام، الإسلام أمانة، الإسلام صدق، الإسلام بناء، الإسلام إيجابي، ليس هناك إسلام سكوني، ولا إسلام فيه إعجاب سلبي، ولا إسلام متقوقع، ولا إسلام ينسحب من الحياة هكذا كان الإسلام، مثَّلته بهذا المستشفى، وهكذا صار الإسلام مثّلته بالبدع والخرافات، والسحر والشعوذة والأوهام، طبعاً لا أعمم، التعميم من العمى، لكن أنا أقصد الخط العريض في المجتمع عوام الناس.
تحولت شعائر الإسلام لدى البعض إلى ممارسة البدع والخرافات
فلذلك أيها الإخوة، الكلمة الدقيقة: الآن نحن ندين بدين وحي السماء، هذا الدين فيه القرآن الكريم، وفيه تفاسير هذا القرآن الكريم، وفيه الحديث الشريف الصحيح، وفيه شرح لهذه الأحاديث، وفيه أحكام الفقه، وأحكام المعاملات، والسيرة، والعقيدة، وما على ذلك، العالم الذي شن علينا حرباً عالمية ثالثة لا يمكن أن يقرأ كتبنا، ولا يعبأ بها إطلاقاً، هو يرى مجتمعا متخلفا، يرى مجتمعا فيه بطالة، قد تصل إلى ستين بالمئة، يرى مجتمعا فيه عنوسة قد تصل إلى خمسين بالمئة، يرى مجتمعا في جهل، يرى مجتمعا فيه أمية عالية، جداً فما لم نبحث عن حلول لمشكلاتنا فلا يمكن أن يلتفت إلينا أحد، هذه حقيقة، أن تقول: أنا معي منهج إلهي، على العين والرأس، لكن هل هو مطبق ؟ ما قيمة منهج لا يطبق، لا تقل: أنا من أمة سيدنا محمد، الذين قالوا:

﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ ﴾

( سورة المائدة )
بماذا رد الله عليهم ؟

﴿ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ ﴾

( سورة المائدة )
الإسلام أعمال جليلة وبطولات
الإسلام حضاري، الإسلام أعمال جليلة، الإسلام بطولات، سيدنا عبد الله بن رواحة أرسله النبي عليه الصلاة والسلام إلى يهود خيبر ليقيّم تمرهم، أغروه بحلي نسائهم، فعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قَالَ:

(( أَفَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ خَيْبَرَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَقَرَّهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا كَانُوا، وَجَعَلَهَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ، فَبَعَثَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ فَخَرَصَهَا عَلَيْهِمْ، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: يَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ، أَنْتُمْ أَبْغَضُ الْخَلْقِ إِلَيَّ،

قَتَلْتُمْ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَكَذَبْتُمْ عَلَى اللَّهِ، وَلَيْسَ يَحْمِلُنِي بُغْضِي إِيَّاكُمْ عَلَى أَنْ أَحِيفَ عَلَيْكُمْ، قَدْ خَرَصْتُ عِشْرِينَ أَلْفَ وَسْقٍ مِنْ تَمْرٍ، فَإِنْ شِئْتُمْ فَلَكُمْ، وَإِنْ أَبَيْتُمْ فَلِي، فَقَالُوا: بِهَذَا قَامَتْ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ، قَدْ أَخَذْنَا فَاخْرُجُوا عَنَّا ))

[ أحمد ]
لن نغلب أعداءنا إلا بالتمسك بديننا، أما أن نتباهى به، أما أن نتغنى بالآباء والأجداد، والله هذا لا يقدم ولا يؤخر.
ذكرت لكم كثيراً أن رسالة إلكترونية وردتني مرة تأثرت لها تأثراً كبيراً، لأنها معبرة، عن إمام مسجد في لندن نقل إلى بلدة في ظاهر لندن إلى مانشستر، فاضطر أن يركب مركبة، وفي إحدى المرات أعطى السائق قطعة نقد كبيرة فردّ له السائق البقية، عدّها فإذا هي تزيد عشرين بنساً عما يستحق، لأنه إمام مسجد، قال: ينبغي أن أعيد المبلغ إلى السائق، فلما جلس على مقعده جاءه خاطر ؛ أن هذه شركة عملاقة، ودخلها فلكي، وأن هذا المبلغ يسير، لا يقدم ولا يؤخر، وأنا في أمسّ الحاجة إليه، فلا علي أن آخذه، هكذا استقر رأيه، فلما أراد أن يغادر المركبة دون أن يشعر مدّ يده إلى جيبه، وأعطى السائق العشرين بنساً، قال: هذه لك، ابتسم السائق، لماذا ابتسم ؟ قال له: ألست أنت إمام هذا المسجد ؟ قال له: بلى، قال: حدثت نفسي قبل يومين أن آتيك في المسجد لأتعبد الله، ولكنني أردت أن أمتحنك قبل أن آتي إليك، هذا الإمام وقع مغشيا عليه، لأنه تصور عظم الجريمة التي كاد يرتكبها لو أبقى المبلغ في جيبه، فلما صحا من غفوته قال: يا رب كدت أبيع الإسلام كله بعشرين سنتاً.
لا تعتبوا على الأعداء، إنهم أعداء، قال الله عنهم:

﴿ هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ ﴾

( سورة آل عمران)

لا تعتبوا على الأعداء
لا تعتبوا على خططتم، ولا على احتلال بلاد أخرى، ولا على نهب ثرواتها، ولا على قتل أبنائها، هذا شأن الأعداء، ولكن المسلمين اليوم يعدون المليار والخمسمئة مليون، وهم يحتلون أخطر مواقع في الأرض، ومتربعون على ثروات لا يعلمها إلا الله، ومع ذلك هم فقراء، وأمرهم ليس بيدهم، وليست كلمتهم هي العليا، لأنهم تركوا منهج الله عز وجل، وجعلوه وراء ظهرهم، قال تعالى:

﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً ﴾

( سورة مريم)

لا بد من المسلم العملي
من المخجل أن تنتشر العنوسة
أيها الإخوة الكرام، لا يجدي أن نحضر، وأن نستمع، لا يجدي أن نشيد بهذا الدين العظيم، لا يجدي أن نتحدث عن وحي السماء، الآن يجدي أن نحمل هم الأمة، أن ننهض لحل مشكلاتها، أليس عاراً وشناراً أن نِصْف سكان هذا البلد من النساء ليس لهن أزواج، ألا ترون أنها نسبة مرعبة، أن تكون العنوسة خمسين بالمئة ؟ أليس هذا وصمة عار بحق الأمة، أن تكون نسب العنوسة خمسين بالمئة ؟ ما الذي يقوينا ؟ هناك بطالة، وضياع الشباب، الشباب بحاجة إلى عناية بالغة، بحاجة إلى فرص عمل، بحاجة إلى تزويج، بحاجة إلى مساكن.
يا أيها الإخوة الكرام، مرة ثانية: كنت في أستراليا، وفي أثناء مغادرتي هذا البلد ألقيت كلمة في الإذاعة، قلت فيها أخاطب سبعمئة ألف مسلم، قلت لواحد منهم: هذا الأسترالي لا يمكن أن يفتح القرآن الكريم، ولا أن يطلع على تفسير آية، ولا أن يفتح فتح الباري في شرح صحيح البخاري، هذا الأسترالي لا يعرف الإسلام إلا منك أيها المسلم، فإن غششت، أو أديت تصريحاً كاذباً، أو أهملت عملك، أو فعلت شيئاً لا يليق بمسلم سقط الإسلام من أعينهم عن طريقك، وأنت أيها المسلم على ثغرة من ثغر الإسلام فلا يؤتين من قِبَلك.
أقسم لكم بالله ولا أحنث ـ إن شاء الله ـ إن الجاليات الإسلامية في أنحاء الأرض لو أنها طبقت الإسلام لكان موقف الغربيين من الإسلام غير هذا الموقف، حتى هذا الذي رسم نبينا عليه الصلاة والسلام بصورة مشينة لما عوتب، وحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما كنت أظنه هكذا، كنت أظنه كأتباعه، نحن مقصرون تقصيراً شديداً، نحن لا نتعاون، وأعداؤنا يتعاونون، أعداؤنا ألعاب أطفالهم وهم في السنتين أو الثلاثة أساسها التعاون نحن نتنافس بدل أن نتعاون
نحن نتنافس لا نتعاون، نحن لا نؤمن بفريق العمل، نؤمن بأن كل واحد يحطم مَن حوله حتى يصبح العشرة واحداً، نحن انتماءنا فردي لا إلى المجموع، كل إنسان يبحث عن حلول مشكلاته فقط، ولا تعنيه مشكلات الأمة، لذلك بيت شعر يعد أهجى بيت قالته العرب هو الآن شعار كل إنسان:

دع المكارم لا ترحل لبغيتها و اقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي
* * *
أيها الإخوة الكرام، أوقفوا المديح، أرجوكم أوقفوا مديح المسلمين، ابحثوا في أخطائهم، في سلبياتهم، في انتماءاتهم الفردية، في نزاعاتهم، أعداءنا يتعاونون، وبينهم خمسة بالمئة قواسم مشتركة، ونحن الذين حولنا يتقاتلون، وبينهم خمسة وتسعون بالمئة قواسم مشتركة، أليس هذا وصمة عار في حق الأمة ؟
أيها الإخوة الكرام، آن لنا أن نصحو من غفلتنا، آن لنا أن ندع المديح لأمتنا.

ألهى بني تغلب عن كل مكرمة قصيدة قالها عمرو بن كلثوم
* * *
التغني بالآباء والأجداد مفيد إذا كان الحاضر امتدادا للماضي، أما إذا كان هناك انقطاع كبير بين الماضي والحاضر فلا ينفع شيء.

مفهومات لا بد منها
الحفاظ على الوقت مفهوم حضاري
أيها الإخوة الكرام، مفهوم التعاون، مفهوم التآخي، مفهوم الحب، مفهوم لا: يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه، مفهوم الحفاظ على الوقت، مفهوم إتقان العمل، مفهوم العمل ضمن المتاح، مفهوم ترشيد الطاقة، ترشيد الاستهلاك، هذا مفهوم حضاري، وهذا من أصل الدين، النبي عليه الصلاة والسلام توضأ من قعب ففضلت فضلة، قال: ردوها في الساقية ينفع الله بها قوماً آخرين.
هذا الترشيد، وهذا الوعي، والانتماء للمجموع، وإدارة الوقت، وإتقان العمل، والعمل على حمل همّ المسلمين، والتخفيف عنهم، هذا واجب المسلمين اليوم، وإلا أنا لا أبالغ، وأعلم ـ إن شاء الله ـ أن هناك خططاً لأعدائنا يصعب أن تتصوروها، آخر قرار بإبادتنا، وقبل الإبادة الإفقار، وبعد الإفقار الإضلال، وبعد الإضلال الإفساد، وبعد الإفساد الإذلال، هذه حقائق لا ينبغي أن نكون كالنعامة نغمس رأسنا في الرمال، ولا نعبأ بها، الله عز وجل يقول:

﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾

( سورة الحجرات)

﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً ﴾

( سورة مريم)

ما الخلاص مما نحن فيه ؟
وقد لقي المسلمون ذلك الغي، إياكم أن تيأسوا، الله معنا، ولكن يجب أن نكون معه، إياكم أي تقنطوا الله عز وجل، لا يتخلى عنا، ولكن بشرط أن نصطلح معه، والكرة في ملعبنا، وخلاصنا بيدنا، والله الذي لا إله إلا هو هذه القوى الكبيرة هي قوى كبيرة عند الجهلاء، أما عند الله فلا شيء، كن فيكون، زل فيزول، لذلك، قال تعالى:

﴿ إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ ﴾

( سورة آل عمران)

﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً ﴾

( سورة النور)
الواقع نحن لسنا مستخلفين، ولسنا ممكنين، ولسنا آمنين، لأنه:

﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً ﴾

( سورة مريم)
أيها الإخوة، قد يقول أحدكم: ما الخلاص ؟ الخلاص:

﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ﴾

[ سورة الأنفال]
ما كان من أشد صيغ النفي، فمستحيل وألف ألف مستحيل، هذا نفي الشأن لا نفي الحدث، لو قال لك أحدهم: هل أنت جائع ؟ تقول له: لا، فقط، لو قال لك ـ لا سمح الله ـ وأنت مؤمن: هل أنت سارق ؟ لا تقول: لا، تقول: ما كان لي أن أسرق، يعني مستحيل أن أرضى، أو أن أشجع، أو أن أبارك، أو أن أوافق، أو أن أسكت، أو أن أعمل أو أن.. هذا نفي الشأن، يصل إلى عشرة أفعال، الله عز وجل يقول:

﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ﴾

( سورة الأنفال)
مستحيل وألف ألف مستحيل أن يعذب المسلمون، وفيهم منهج رسول الله مطبق في حياتهم، بل إن الله عز وجل لم يقبل دعوى محبته إلا بالدليل، قال تعالى:

﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي ﴾

( سورة آل عمران)
والدليل: اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل إن الله عز وجل عدّ عدم الاستجابة للنبي رفضاً لمنهج الله، قال تعالى:

﴿ فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ ﴾

( سورة القصص)

﴿ إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ ﴾

( سورة الأنعام)

لا بد من تغيير جذري لأنماط حياتنا
إتقان العمل مفهوم حضاري
أيها الإخوة الكرام، لا بد من تغير جذري لأنماط حياتنا، لا بد من رفض الشخصية السلبية، لا تعمل، ولا تقدم، ولا تهتم، انتماءك فردي، تنتقد، وتنصب نفسها وصية على الآخرين، هذا النموذج مرفوض، بإمكان كل واحد منا أن يساهم في تخفيف هموم المسلمين بإتقان عمله، بإعطاء سعر معتدل، الموظف بإمكانه أن يخفف متاعب المسلمين إذا استقبل المراجع بوجه باش، وسهل له مهمته، لا وضع العصي في العجلات كي يبتز ماله، ما مِن إنسان بأي حرفة إلا يقدر أن يخفف متاعب المسلمين، والله يوفقه، إن كنت موظفاً، إن كنت طبيباً، إن كنت محامياً، إن كنت بائعاً، إن كنت تاجراً، إن كنت مزارعاً، فأنا لا أكلفكم ما لا تطيقون، لست مكلفا بأن ترد عدوان الغرب، هذا فوق طاقة الدول الإسلامية كلها، أنت مكلف أن تكون مؤمناً مستقيماً، إن كنت مستقيماً كانت هناك شريحة من المؤمنين قوية متماسكة البطولة، وألاّ ينفرد الباطل في الساحة.
فيا أيها الإخوة الكرام، أردت من قصة المستشفى كيف كان حضارة وعطاء وعلما وإنسانية وعدالة، ثم كيف أصبح هذه المستشفى الآن مكان للشعوذة والدجل والسحر والخرافات، والأشياء التي لا ترضي لا الإنسان ولا المجموع.

هذا ما يمكن أن تفعله لخدمة المسلمين
أفضل شفاعة أن تشفع بين اثنين في نكاح
أيها الإخوة الكرام، هناك مشكلات تسهم أنت في حلها، يكفي أن تسعى لتزويج شاب بفتاة، اسعَ لهذا العمل، أفضل شفاعة أن تشفع بين اثنين في نكاح، يكفي أن تسعى لتزويج أبنائك، لا تقل: أنا عصامي، أريد منهم أن يكونوا عصاميين، الآن الأمور صعبة جداً، لما تحمل همّ تزويج الشباب، لما تعمل عملا، وتهيئ فرص عمل للشباب فقد قدمت خيرا كبيرا.
أيها الإخوة الكرام، الطرائق إلى الخالق بعدد أنفاس الخلائق، وكل واحد منا يقدر أن يعمل عملاً عظيماً، والله بإمكان كل واحد منا أن يعمل عملاً مذهلاً، والعالم كله ضد الإسلام، والعالم كله يحارب الإسلام.
لذلك أيها الإخوة، أسأل الله أن تكون هذه القصة قصة المستشفى درس بليغ لنا، كيف كنا، وكيف أصبحنا كيف كانت مجتمعاتنا مجتمعات حضارية، مجتمعات متقدمة، مجتمعات خيرة، مجتمعات إنسانية، يسودها العدل، يسودها الرحمة، وكيف أصبحت مجتمعاتنا بؤرة للبدع والضلالات، والخرافات، والله السحر والشعوذة منتشرة في انتشار يفوق حد الخيال، فضائيات تعرض الشعوذة والسحر، إذاعات تعرض التنجيم، الحظ هذا الأسبوع، بأي برج أنت، خرافات لا يعلمها إلا الله، جهات تعتني بهذه البرامج، وذات نفقات عالية جداً، وهناك من يصدق.
يا أيها الإخوة الكرام، نحتاج إلى صحوة، ونحتاج إلى ترشيد هذه الصحوة.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه يغفر لكم، فيا فوز المستغفرين، أستغفر الله.

* * *

الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.

خلايا العقل والقلب لا تتغير
أيها الإخوة الكرام، زارنا قبل يومين داعية من الدعاة إلى الله عز وجل، وهو متخصص بالإعجاز العلمي كان بيني وبينه لقاء طويل، أو لقاءان، لكن أنقل لكم بعض ما سمعت منه، الذي أعرفه قديماً، وذكرته كثيراً أن كل شيء في جسم الإنسان يتغير كل خمس سنوات، أقصر عمر خلية زغابات الأمعاء الداخلية، تتغير كل ثمان وأربعين ساعة بالضبط، وأطول عمر، عمر الخلية العظمية كل خمس سنوات، فأنت كل خمس سنوات إنسان آخر في هيكلك العظيم، في عضلاتك، في أوعيتك، في أجهزتك، في حواسك، إنسان آخر، ليس شيء من خلاياك في أي نسيج، وفي أي جهاز هو جديد عدا عضوين، لحكمة بالغة هما الدماغ والقلب، أما الدماغ فواضح جداً الحكمة البالغة من عدم تغيره، لأنه إذا تغير فقدت كل اختصاصك، ومعلوماتك، وذكرياتك، ومهاراتك، وكل شيء تملكه في الدماغ، اختصاصك، معلوماتك، لغتك، مهاراتك العملية، فلحكمة بالغة الدماغ لا يتغير، أما القلب فلا يتغير، أنا كنت أظن أنه مضخة فقط، أما قوله تعالى:

﴿ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا ﴾

( سورة الحج)

القلب يعقل ويشعر
القلب مكان المشاعر والأحاسيس
هذا قلب النفس مركز النفس، أما أن يتحد مركز النفس مع القلب فهذا شيء جديد، فقد اكتشف مؤخراً أن هناك خلايا عصبية تحيط بالقلب هي التي تأمر الدماغ، هي المسيطرة على الدماغ نفسه، ولها قوة تزيد مئتي ضعف، تزيد على خلايا الدماغ بقوة تأثيرها، على كل إذا كان الدماغ مركز المعلومات القلب مركز الأحاسيس والمشاعر في ثماني حالات في العالم، شاب مات بحادث، قبل أن يموت أخذوا قلبه، وزرعوه بعد قليل لإنسان في الثمانين، كل مشاعر هذا الشاب انتقلت لهذا الإنسان الثاني، ذكر ثماني حالات لا تدع مجالاً للشك أبداً أن القلب مكان المشاعر والأحاسيس، فلذلك حفاظاً على أفكارك واختصاصك، ولغتك ومهاراتك، وقدراتك وخبراتك المتراكمة يبقى الدماغ سالماً، وحفاظاً على ميولك ومشاعرك وقيمك، وما تحب، وما تكره يبقى القلب سالماً، هذه حكمة بالغة، ولم يعد القلب المضخة الصنوبرية التي تضخ الدم، ليس غير، بل أصبح كما قال الله عز وجل:

﴿ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا ﴾

( سورة الحج)
قال الله عز وجل:

﴿ فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ﴾

( سورة الحج)
كلما تقدم العلم كشف عن جانب من جوانب هذا الخلق المدهش المعجز.

قصة وعبرة
النقطة الثانية: أستاذ في الجامعة في بلد إسلامي جاءته قوات أجنبية، وحدثني ما رأى بأم عينه، القوات الأجنبية استفزت المسلمين استفزازاً لا يصدق، أن تدخل فتاة بثياب متبذلة جداً إلى مسجد، إلى البيوت، مركبات بلا أرقام، تدهس طفلاً، لا أحد يحاسبها، استفزوا المسلمين استفزازاً يخرج من جلد المؤمن، فلما همّ طلابه بعمل كردّ على هذا العمل هدأهم، وقال: عرّفوهم بالإسلام، واتصل بالقائد العسكري لهذه القوة في منطقة في بلد إسلامي، وقال له: أنتم ضيوفنا، هل تسمحون لنا أن نعرفكم بهذا الدين، ألقى محاضرات لستة أشهر، عدد الذين أسلموا عشرون ألفا، وأخذهم بنفسه إلى بلادهم الأصلية بعد عامين من انتهاء خدمتهم، وزعهم على مراكز إسلامية.
يا أيها الإخوة الكرام، مرة جاء إنسان أمريكي إلى الحج، وفي منى ألقى هذه المحاضرة، أنا أحفظ منها جملة رائعة جداً، قال: نحن أقوى قوة في العالم إن أقنعتمونا بإسلامكم، كانت قوتنا لكم، نحن مقصرون، أقسم لي بالله وهو عندي صادق أنه أسلم على يده عشرون ألف إنسان من هذه القوات التي تستفز المسلمون، يا أخي، علموا الناس، بينوا لهم هذا الإسلام العظيم.

الدعوة فرض
يا أيها الإخوة، نحن مقصرون، أؤكد لكم أن الدعوة إلى الله فرض عين على كل مسلم، فرض عين، لا تقل: فرض كفائي، التبحر والتعمق والتفرغ فرض كفائي، أما أن تستمع إلى تفسير آية، إلى تفسير حديث، انقل هذا التفسير إلى إخوانك، إلى أصدقائك، إلى جيرانك، إلى أهل بيتك، إلى أولادك، إلى من يلوذ بك.

(( بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً ))

[ البخاري عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ]
هذا كلام حبيب الخلق، وسيد الخلق.

الذي لا يعمل لا يخظئ
لا تكن مسلما متقوقعا
لذلك أيها الإخوة، لا تكن مسلماً سكونياً، لا تكن مسلماً متقوقعاً، لا تنصب نفسك وصياً، وتنتقد كل المسلمين، ولم تفعل شيئاً.
أنا أقول كلمة دائماً: كلكم جميعاً تموتون محبة في إنسان لا يخطئ، فمَن هو ؟ هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقول لكم: ينبغي أن نموت احتقاراً لإنسان آخر لا يخطئ، من هو ؟ الذي لا يعمل، الذي لا يقدم شيئًا، لا يحمل همّ لا يسعى لهداية إنسان، لا يقدم مبلغا من المال، لا يزور مريضا، هذا الذي لا يعمل لا يخطئ، يجب أن نحتقره، والذي يعمل يخطئ، يجب أن ننبهه بلطف، نقول له: جزاك الله خيراً على هذا العمل، والإنسان القناص ما عنده إيجابيات أبداً، فقد يكون إنسان مقدِّما جبالا من الأعمال، ولخطإ طفيف جداً يقيم عليه الدنيا ولا يقعدها، هذا النموذج يجب أن يحتقر، والقناص هو الذي لا يرى إلا السلبيات.
أيها الإخوة، نحن أحياء، والقلب ينبض، ونستمع للحق، لا نعفى من المسؤولية، الله سيحاسبنا جميعاً، فكر ماذا قدمت للمسلمين، والله بإمكانك أن تقدم كل شيء، إتقان عملك وحده هديةٌ للمسلمين، سعر معتدل يكفي، أما السعر عشرة أضعاف، واستغلال إنسان يبيع مضطراً فنأخذ بضاعته نهباً فلا.

انتشار الظلم حجاب عن النصر
ما دام هناك ظلم فلن نشم رائحة النصر
يا أيها الإخوة، الخطأ في بنيتنا التحتية، والله دعونا من الكبار، ارتاحوا منهم، والله خطأنا في أنفسنا، والله في بيوتات المسلمين ظلم لا يعلمه إلا الله، والله أقول لكم هذه الكلمة، سامحوني: والله لا نشم رائحة النصر إذا كان ظلم داخلي بيننا، إذا كانت بيوتنا فيها ظلم، فتاة تظلم ظلما شديدا، تسحق، طلّقها، لماذا ؟ ما جاءت على مزاج أمّه، والزوجة مؤمنة طاهرة محجبة، تقول أمه: طلقها، وإلاّ أغضب عليك، والله عندنا ظلم في البيوت لا يعلمه إلا الله، وظلم في البيع والشراء بالاستغلال، فمادام هناك ظلم فلن نشم رائحة النصر، إن الله ينصر الدولة الكافرة العادلة على الدولة المسلمة الظالمة، مجتمع فيه ظلم في العمل، تسمع قصصا تخرج من جلدك منها، مسلم يصلي يتفنن في إذلال زوجته، في ضربها أمام أولادها، وهو في المسجد في الصف الأول، كيف يتوازن ؟ أين الإسلام ؟ أين قول النبي عليه الصلاة والسلام :

(( خَيْرُكُمْ خَيرُكُمْ لِأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي ))

[ الترمذي عن عائشة ]
دعوكم من الكبار، أتكلم عن البنية التحتية، عن عامة المسلمين، فما لم يعدلوا، أنا قلت كلمة مرة: الرجل الذي يرى أن له ما ليس لزوجته، هو يتفنن في إذلال أهلها، وإن تكلمت كلمة بحق أمه طلقها، هذا عنصري، هذا ليس مسلماً، الذي يرضى أن تعامل زوجة ابنه في البيت معاملة لا يرضاها لابنته في بيت أهل زوجها عنصري.
قال لي أحدهم: عندي شاب ذكي جدا، طلب مني ساعة قبل الدوام ليغادر حتى يدرس ليلف ليأخذ الكفاءة، قال لي: هو يتيم، ما سمحت له، قال: وضعت لابني مليوني ليرة لدروس خاصة حتى يجعله طبيبا، ابنك طبيب بمليونين ليرة، وهذا اليتيم طلب منك ساعة قبل الدوام ليغادر لا تسمح له، والله لا نشم رائحة النصر، فإذا كنت لا تعامل هذا الإنسان كما تعامل ابنك فلست مسلما، إذا ما كنت تعامل زوجة ابنك كما تتمنى أن تعامل ابنتك فلست مسلما.
نحن عندنا ظلم كثير، لا تعتبوا على الله، نحن خرجنا عن منهج الله، نحن إسلامنا إطار، مساجد، تكبير صوت، خطب رنانة، مؤلفات، مؤتمرات، ادخل إلى البيوت لا إسلام فيه أبداً، أنا لا أعمم، التعميم من العمى، فهناك بيوت ملء السمع و البصر، ولكن أتكلم بشكل عام، الخط العريض، لأن الله لا ينصرنا أبداً، كل يوم خبر سيئ، إلى متى ؟ لا بد من صلح مع الله.

الدعاء
اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولنا فيمن توليت، وبارك لنا فيما أعطيت، وقنا واصرف عنا شر ما قضيت، فإنك تقضي بالحق، ولا يقضى عليك، وإنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت، ولك الحمد على ما قضيت، نستغفرك و نتوب إليك، اللهم اهدنا لصالح الأعمال لا يهدي لصالحها إلا أنت، اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر، مولانا رب العالمين، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمن سواك، اللهم بفضلك ورحمتك أعل كلمة الحق والدين، وانصر الإسلام، وأعز المسلمين، وأذل الشرك والمشركين، خذ بيد ولاة المسلمين لما تحب وترضى يا رب العالمين، إنك على ما تشاء قدير، اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، لا تأخذنا بالسنين، ولا تعاملنا بفعل المسيئين يا رب العالمين، اللهم اسقنا الغيث، ولا تجعلنا من القانطين، اللهم اسقنا الغيث، ولا تجعلنا من القانطين، اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أعل كلمة الحق والدين، وانصر الإسلام، وأعز المسلمين، وأذل الشرك والمشركين، دمر أعداءك أعداء الدين اجعل تدميرهم في تدبيرهم، اجعل الدائرة تدور عليهم يا رب العالمين، انصر عبادك المؤمنين في مشارق الأرض ومغاربها، وفي شمالها وجنوبها، إنك على ما تشاء قدير، وبالإجابة جدير.

والحمد لله رب العالمين
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الدعوة إلى صحوة المسلمين
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  الرفق مع المسلمين الجدد من الحكمة في الدعوة إلى الله
»  الدعوة إلى الواجبات آكد من الدعوة إلى المستحبات
» سلسلة مكارم الأخلاق (61) العدل والإنصاف (3) إنصاف المسلمين لغير المسلمين
» حركة تحرير المراه فتنة زرعها الغرب في عقول المسلمين لهدم الدين بيد المسلمين
» سلسلة مكارم الأخلاق (62) العدل والإنصاف (4) جور غير المسلمين على المسلمين

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اسلام ويب :: ۩✖ منتدي الاسلاميات العامه ۩✖ :: مقــــالات اســــلاميه :: خطب مقـــرؤه-
انتقل الى: