اسلام ويب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

من فقه الدعاء يقول سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "أنا لا أحمل همَّ الإجابة، وإنما أحمل همَّّ الدعاء، فإذا أُلهمت الدعاء كانت الإجابة معه". وهذا فهم عميق أصيل ، فليس كل دعاء مجابًا، فمن الناس من يدعو على الآخرين طالبًا إنزال الأذى بهم ؛ لأنهم ينافسونه في تجارة ، أو لأن رزقهم أوسع منه ، وكل دعاء من هذا القبيل ، مردود على صاحبه لأنه باطل وعدوان على الآخرين. والدعاء مخ العبادة ، وقمة الإيمان ، وسرّ المناجاة بين العبد وربه ، والدعاء سهم من سهام الله ، ودعاء السحر سهام القدر، فإذا انطلق من قلوب ناظرة إلى ربها ، راغبة فيما عنده ، لم يكن لها دون عرش الله مكان. جلس عمر بن الخطاب يومًا على كومة من الرمل ، بعد أن أجهده السعي والطواف على الرعية ، والنظر في مصالح المسلمين ، ثم اتجه إلى الله وقال: "اللهم قد كبرت سني ، ووهنت قوتي ، وفشت رعيتي ، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفتون ، واكتب لي الشهادة في سبيلك ، والموت في بلد رسولك". انظر إلى هذا الدعاء ، أي طلب من الدنيا طلبه عمر، وأي شهوة من شهوات الدنيا في هذا الدعاء ، إنها الهمم العالية ، والنفوس الكبيرة ، لا تتعلق أبدًا بشيء من عرض هذه الحياة ، وصعد هذا الدعاء من قلب رجل يسوس الشرق والغرب ، ويخطب وده الجميع ، حتى قال فيه القائل: يا من رأى عمرًا تكسوه بردته ** والزيت أدم له والكوخ مأواه يهتز كسرى على كرسيه فرقًا ** من بأسه وملوك الروم تخشاه ماذا يرجو عمر من الله في دعائه ؟ إنه يشكو إليه ضعف قوته ، وثقل الواجبات والأعباء ، ويدعو ربه أن يحفظه من الفتن ، والتقصير في حق الأمة ، ثم يتطلع إلى منزلة الشهادة في سبيله ، والموت في بلد رسوله ، فما أجمل هذه الغاية ، وما أعظم هذه العاطفة التي تمتلئ حبًا وحنينًا إلى رسول الله - صل الله عليهلم -: (أن يكون مثواه بجواره). يقول معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: "يا بن آدم أنت محتاج إلى نصيبك من الدنيا ، وأنت إلى نصيبك من الآخرة أحوج ، فإن بدأت بنصيبك من الآخرة ، مرّ بنصيبك من الدنيا فانتظمها انتظامًا ، وإن بدأت بنصيبك من الدنيا ، فائت نصيبك من الآخرة ، وأنت من الدنيا على خطر). وروى الترمذي بسنده عن النبي - صل الله عليهلم -: أنه قال: ((من أصبح والآخرة أكبر همه جمع الله له شمله ، وجعل غناه في قلبه ، وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومن أصبح والدنيا أكبر همه فرَّق الله عليه ضيعته ، وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتب له)). وأخيرًا .. أرأيت كيف أُلهم عمر الدعاء وكانت الإجابة معه ، وصدق الله العظيم إذ يقول: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (186)" (البقرة:186).


 

 تربية الأولاد في ضوء الكتاب و السنة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة


avatar


نقــاط : 100210
تربية الأولاد في ضوء الكتاب و السنة Oooo14
تربية الأولاد في ضوء الكتاب و السنة User_o10

تربية الأولاد في ضوء الكتاب و السنة Empty
مُساهمةموضوع: تربية الأولاد في ضوء الكتاب و السنة   تربية الأولاد في ضوء الكتاب و السنة Emptyالسبت 9 مارس 2013 - 5:13

خطبة الجمعة
الخطبة 1092 : خ1 - تربية الأولاد في ضوء الكتاب و السنة ، خ 2 - تربية الأولاد تربية إسلامية تغرس فيهم حب دينهم إلى نهاية حياتهم .
لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 2008-11-14
بسم الله الرحمن الرحيم

الخــطــبـة الأولــى :

الحمد لله نحمده، ونستعين به، ونسترشده، ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إقراراً بربوبيته، وإرغاماً لمن جحد به وكفر، وأشهد أن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم رسول الله، سيد الخلق والبشر، ما اتصلت عين بنظر، أو سمعت أذن بخبر، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين أمناء دعوته وقادة ألويته و ارضَ عنا وعنهم يا رب العالمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم، إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.

أشقى الناس من لم يكن أولاده كما يتمنى :

أيها الأخوة الكرام، في حياة الإنسان أشياء مرتبطة به ارتباطاً عضوياً، من هذه الموضوعات أولاده، مهما جمعت ثروة، ومهما اعتليت مرتبة، ومهما كنت متفوقاً، إن لم يكن أولادك كما تتمنى فأنت أشقى الناس، هناك ملمح في القرآن الكريم في قوله تعالى:

﴿ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى (117) ﴾

( سورة طه )
بحسب السياق اللغوي فتشقيا، لكن القرآن فيه إيجاز وبلاغة، شقاء الزوج شقاء حكمي لزوجته، وشقاء الأولاد شقاء حكمي لأبيهما وأمهما، فلذلك هناك أناس شردوا عن الله، أرادوا الدنيا وخسروا أولادهم، يدخل عليهم من الألم ما لا يوصف لأنهم خسروا أثمن شيء يملكونه، لأن ابنك امتداد لك.

ارتباط استمرار وجود الإنسان بتربية أولاده :

أيها الأخوة، ما منا واحد إلا وقد جبل على حبّ وجوده، وعلى حبّ سلامة وجوده، وعلى حبّ كمال وجوده، وعلى حبّ استمرار وجوده، سلامة وجودك في طاعة الله، وكمال وجودك في العمل الصالح، لكن استمرار وجودك في تربية أولادك، إذا صحّ أن أقول لم يبق للمسلمين في أيديهم من ورقة رابحة إلا أولادهم، فإذا كانت شاشات الصغار فيها 58% من مشاهد الجنس في شاشات الكبار، و37 % سحر وشعوذة، والباقي أعمال عنف ماذا تنتظر من هذا الجيل الذي تعقد عليه الأمة كل آمالها ؟ هذه الأمة ببعثة النبي عليه الصلاة والسلام كانوا رعاة للغنم، فصاروا قادة للأمم، والآن تداعى علينا الأمم كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها، بكل دولة إسلامية في ثلاثين دولة حليفة محتلة.
أيها الأخوة، قضية المسلمين اليوم قضية نكون أو لا نكون، قضية بقاء أو فناء، لأن الطرف الآخر يريد إفقارنا، وإضلالنا، وإفسادنا، وإذلالنا، وإبادتنا، فلذلك الورقة الوحيدة الرابحة في أيدينا أولادنا، لا نسعد إلا بأولاد صالحين، صحت عقيدتهم، وصحّ سلوكهم، وكانوا عناصر في المجتمع بناءة، وإيجابية، ومتوازنة، ومنضبطة، ومعتدلة، وهذه مهمة الآباء والأمهات ومهمة المدارس والجامعات ومهمة الإعلام، ولابدّ من إصلاح البيت، وإصلاح المدرسة، وإصلاح الإعلام، يبث في اليوم والليلة سبعمئة ساعة هناك ثمانمئة محطة فضائية، أربعمئة منها إباحية، هناك ثلاثة وعشرون مليون موقع إباحي في الانترنيت، يعني موقف المسلمين قديماً كحديقة حيوان تقليدية الوحوش في الأقفاص، لكن موقف المسلمين حديثاً كحديقة حيوان إفريقية الوحوش طلقاء والزوار إن لم يحصنوا بسيارة مصفحة يؤكلون.

الورقة الوحيدة الرابحة في أيدي المسلمين اليوم هي أولادهم فعليهم المحافظة عليها :

لذلك هذا تمهيد إلى أن الورقة الرابحة الوحيدة التي بقيت في أيدينا هي أولادنا، والسعادة التي يتمتع بها الأب الذي كرمه الله بتربية أولاده لا توصف، لا توصف أن ترى ابنك مؤمناً، أن ترى ابنك صادقاً، أن ترى ابنك أميناً، أن ترى ابنك ذا سمعة طيبة، أن ترى ابنك عنده أولاد صالحون، عنده زوجة صالحة، قال تعالى:

﴿ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً ﴾

( سورة الفرقان )
والله أيها الأخ الكريم يعني قبل خمسين عاماً ممكن بتوجيه خفيف أن يكون ابنك كما تتمنى، أما الآن مع كثرة الصوارف عن الحق، ومع كثرة العقبات التي تقف بينك وبين الحق، تحتاج إلى عشرة أضعاف من الجهد كي تكون عقيدة ابنك سليمة، شخص التحق بمدرسة أجنبية قال له قريبه (عمه) ماذا تعرف عن عمر ؟ قال: عمر الشريف ؟ لما قال له عمر ما قفز إلى ذهنه إلا مخرج، أما سيدنا عمر، إنسان تربى بمدرسة بعيدة عن الدين زار مصر سأل أحد موظفيه قال أين قبر محمد ؟ يتوهم أن قبر محمد في القاهرة.
فحينما ندع أولادنا لمدارس مناهجها لا ترضي الله لكنها غالية جداً، فإذا وضعت ابنك في مدرسة منهجها لا يرضي الله يتخرج منها إنسان مستغرب، متنكر لأمته، ولدينه، ولعقيدته، أنت حينما ترى ابنك ليس كما تتمنى ما الذي يحصل لك ؟
كنت مرة في أمريكا، في ولاية اسمها ديترويت، في هذه الولاية خمسة آلاف طبيب مسلم من سوريا بالذات، أقيم مؤتمر للأطباء في دمشق لمئة من هؤلاء الأطباء، أحد الأطباء زوج ابنته في دمشق، ودعاني إلى إلقاء كلمة في عقد القران، مرة كنت في مؤتمر في أمريكا فقام أحد الدعاة وقال كلمة مؤثرة جداً قال: إن لم تضمن أن يكون ابن ابن ابنك مسلماً في تلك البلاد لا ينبغي أن تبقى فيها.
والله بعد أن انتهت كلمتي، وانتهى الحفل تقدم مني طبيب مقيم هناك، ودمعته على خده، قال لي: ألم تقل أنت إن لم تضمن أن يكون ابن ابن ابنك، قال لي: أنا ابني ليس مسلماً، ما في حاجة ابن ابن ابني ابني ليس مسلماً.

أكثر أخطاء الأبناء من جهل الآباء أو من انشغالهم :

فيا أيها الأخوة، ما من شيء ثمين من دون حدود يملكه الآباء اليوم إلا أولادهم، أولادنا يعني المستقبل، أولادنا يعني تقدمنا، أولادنا يعني تماسكنا، أولادنا يعني أن ندافع عن مقدساتنا، أولادنا يعني أن نستعيد قيادة الأمم إن شاء الله، فأولادنا هم حجر الأساس لحياتنا، لكن كما انتهجت لنفسي هذا المنهج أنا أؤمن أن الحقيقة المرة أفضل ألف مرة من الوهم المريح، الحقيقة المرة المؤلمة، اسمعوا هذه الحقيقة ولا أشك بها إطلاقاً: أكثر أخطاء الأبناء من جهل الآباء أو من انشغالهم، والأب البطل هو الذي لا يقفز على المشكلة بل يواجهها، فكلما كان الأب على فهم صحيح، وعلى إدراك عميق، وعلى تمسك بالمبادئ والقيم، انعكست هذه القناعات، وهذا الانضباط على أولاده استقامة وصلاحاً، فأول شيء معظم أخطاء الأبناء من جهل الآباء أو من انشغالهم، وقد التقيت كثيراً بأناس يرعون الأيتام وكلمتي دائماً أن اليتيم الحقيقي من وجد أباً مشغولاً أو أماً أيضاً مشغولة عنه، هذا هو اليتم الحقيقي.

الطفل فطر فطرة سليمة فعلى الأهل أن يحسنوا تربيته و توجيهه :

أيها الأخوة، النقطة الثانية: نحن عندنا كلمة نرددها كثيراً اسمها المراهقة، المراهق في التعبير الدقيق هو السفيه، من قال لك إن في مجتمع المسلمين الحقيقي الذي أراده الله مراهقون، ابن ينشأ في أسرة منضبطة، الأمور مضبوطة، المبادئ واضحة، الأهداف واضحة، البيت متوازن، الأب يربي أولاده تربية صحيحة، المدرسة تعطيه من العقيدة الصحيحة، المراهقة موجودة في مجتمع متفلت، لأن الإنسان بأدق تعريفات المراهقة عند البلوغ، عند البلوغ هناك شهوة استيقظت لكن هذه الشهوات في الإسلام منضبطة، الشهوة في الإسلام ترقى بها إلى رب الأرض والسماوات، ما من شهوة أودعها الله في الإنسان إلا وجعل لها قناة نظيفة تسري خلالها، مثل أردده مئات المرات، الشهوة صفيحة بنزين، توضع في المركبة في المستودعات المحكَمة، وسال البنزين في الأنابيب المحكَمة، وانفجر في الوقت المناسب، وفي المكان المناسب، ولَّدَ حركة نافعة تقلك أنت وأهلك إلى مكان جميل، وهذه الصفيحة نفسها صبها على المركبة أعطى شرارة أحرقت المركبة ومَن فيها، الشهوة قوة دافعة أو قوة مدمرة، الشهوة حيادية، يمكن أن تتزوج امرأة، وتنجب أولاداً صالحين، يملؤون البيت فرحة، يملؤون المجتمع عطاءً وانضباطاً، وترقى بهذا الزواج إلى أعلى عليين، وهذه الشهوة لو سلكت قناة قذرة كانت هلاكاً لصاحبها، وللمجتمع، وهذا الذي يحصل، فالمجتمع الغربي متفلت، وغير منضبط، لا يوجد شيء محرم، قال لي مرة مندوب دولة في مؤتمر في أمريكا قال: عندنا في أمريكا لا يوجد شيء مقدس، لا يوجد شيء إلا خاضع للبحث والدراسة والنقد والإلغاء، لا يوجد بالمجتمع المتفلت خطوط حمراء أبداً، نحن في عندنا خطوط حمراء، الإيمان بالله، الإيمان برسول الله، الإيمان بهذا المنهج، الإيمان بأفعال الصحابة الذين اصطفاهم الله لصحبة رسوله، في عندنا منهج.
أيها الأخوة الكرام، أول حقيقة أتمنى على كل أب منكم أن يعترف بها أن أخطاء أولاده ربما ترجع في الأعم الأغلب إلى أخطائه، فقبل أن تعنف تلافى الخطأ، بدل أن تعنف تلافى الخطأ، لأن الطفل فطر فطرة سليمة إن علمته على الصدق كان صادقاً، إن علمته على الأمانة كان أميناً، إن وجهته كان كما تتمنى.

أوامر الشرع ليست قيداً لحرية الإنسان ولكنها ضمان لسلامته :

أيها الأخوة، هناك شيء آخر هو أن إنسان أعقد آلة في الكون، تعقيد إعجاز لا تعقيد عجز، ولهذه الآلة البالغة التعقيد صانع حكيم، ولهذا الصانع الحكيم تعليمات التشغيل والصيانة، النقطة الدقيقة جداً أنه في اللحظة التي تتوهم فيها أن أوامر الشرع قيود لحريتك فأنت لا تفقه من الدين شيئاً، وفي اللحظة التي توقن بها أن أوامر الشرع ليست قيداً لحريتك ولكنها ضمان لسلامتك تغدو فقيهاً، أي بدافع من محبتك لذاتك، بدافع من حرصك على سلامتك، بدافع من حرصك على كمالك، على بقائك، على سعادتك، أطع ربك، لأن منهج الله عز وجل منهج موضوعي.
والله الذي لا إله إلا هو كلما رأيت شيئاً إيجابياً في مجتمع الغرب يعزى إلى أنهم بذكائهم طبقوا شيئاً من إسلامنا فقط، أي شيء تراه في مجتمع الغرب إيجابي هو في الحقيقة بسبب تطبيقهم لجزء من منهج المسلمين، هم لا يعبدون الله لكن ذكاءهم قادهم إلى ذلك.
نحن لسنا مستعدين أن نأخذ من الغرب أمراضهم، نحن في غنى عن أن نأخذ مشكلات الآخرين، مجتمع متفلت، هذا المجتمع المتفلت المعصية في كل مكان، الشيء الخطير أيها الأخوة أننا على دربهم سائرون، أننا نتبع أثرهم خطوة خطوة، و لو دخلوا جحر ضب لدخلناه بعدهم، أنا لفت نظري في الصين كلمة طعام حلال، وثياب حلال، ماذا يقابل الطعام الحلال ؟ الطعام الحرام لحم الخنزير، وماذا يقابل الثياب الحلال ؟ الثياب المحرمة الفاضحة الضيقة التي تثير الشهوات، وتصرف الشباب عن مستقبلهم.

احترام شخصية الصغير ترفع قيمته وتفجر طاقاته وتعطيه الثقة بنفسه :

أيها الأخوة الكرام، شاب في السابعة عشر من عمره هذا ما إمكاناته ؟ في الإسلام بسن المراهقة، هذا قائد جيش، قائد جيش من جنوده أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، أسامة بن زيد ركب الناقة وهو قائد الجيش، وسار في ركابه أبو بكر خليفة المسلمين، قال يا خليفة رسول الله لتركبن أو لأنزلن، قال والله ما ركبت ولا نزلت وما علي أن تغبر قدماي ساعة في سبيل الله.
أي ممكن غلام صغير إلى جانب النبي عليه الصلاة والسلام، جاءت الضيافة، بحسب السنة من حقه أن يأخذ الضيافة أول واحد، قال له: أتأذن لي يا غلام أن أعطي الأشياخ قبلك ؟ قال له: لا والله لا آذن لك، هذا حقي لا أتنازل عنه أبداً، هكذا ربى النبي الصغار، بالمناسبة أخوانا الكرام احترام شخصية الصغير هذه ترفع قيمته، تفجر طاقاته، تعطيه الثقة بنفسه، فالأب المؤمن يحب أولاده، ويحترمهم، ويأخذ رأيهم أحياناً، أتأذن لي يا غلام أن أعطي الأشياخ قبلك ؟ قال له: لا والله لا أنزل عن حقي بعدك لأحد.

قانون الالتفاف والانفضاض :

أيها الأخوة، مرة ذكرت هذا بشكل مفصل، عندنا شيء في القرآن الكريم اسمه قانون الالتفاف والانفضاض، هل منا واحد لا يتمنى أن يلتف حوله أولاده ؟ وإذا عنده محل تجاري موظفوه يلتفون حوله، يحبونه، يخلصون له، في غيبته حراس له، في حضرته خدم له، هذا القانون موضح في آية كريمة، قال تعالى:

﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ ﴾

( سورة آل عمران الآية: 159 )
أي بسبب رحمة استقرت بقلبك يا محمد كنت ليناً لهم، من خلال اتصالك بنا كنت ليناً لهم فالتفوا من حولك، ولو كنت منقطعاً عنا لامتلأ القلب قسوة، ولانعكست القسوة غلظة وفظاظة، فانفضوا من حولك.
أقسم لكم بالله ولا أبالغ بالأسبوع تأتيني اتصالات هاتفية عديدة جداً ؛ مفادها أب قاس، لا يلتفت إلى أولاده إطلاقاً، دائماً يسبهم و يعنفهم، دائماً يوبخهم، دائماً يضعف شخصيتهم، بيت جحيم، متى تكون بيوتنا جنة ؟ متى تكون البيوت نعيماً ؟ النعيم لا يحتاج إلى أموال يحتاج إلى مودة، أحياناً يكون الطعام متواضعاً جداً لكن في حب بين أفراد الأسرة.

استمرار وجودك بتربية أولادك :

أيها الأخوة، لهذا النبي عليه الصلاة والسلام في سلوكه اليومي أعطانا دروساً، هذا ابنك، والله مرة توفي عالم كبير في الشام، كان خطيباً بالأموي، وأجري له حفل عزاء كبير في الجامع الأموي، في آخر يوم اعتلى ابنه المنبر، وألقى خطبة أبكتني، فقلت في نفسي: والله لم يمت والده.
إذاً هناك استمرار، استمرار وجودك بتربية أولادك، هذا القانون الالتفاف والانفضاض:

﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ﴾

( سورة آل عمران الآية: 159 )
هذا القانون يحتاجه الأب، يحتاجه المعلم، يحتاجه صاحب المحل التجاري، يحتاجه مدير الجامعة، يحتاجه مدير المستشفى، يحتاجه أي إنسان يحتل منصباً قيادياً، ألا تحب أن يلتف من حولك نحوك ؟

أولادنا فلذة أكبادنا علينا أن نكرمهم و نعطيهم العطف و الحنان :

نقطة ثانية أيها الأخوة، مرة رأيت حاضنة، فيها ثقبان، سألت الطبيب لما هذان الثقبان ؟ قال هذا الطفل الصغير يحتاج إلى لمسات من أمه، هو في حاضنة الآن فهذان الثقبان من أجل أن تدخل الأم أصابعها للمس ابنها، الطفل أحياناً غير الطعام والشراب بحاجة إلى حنان، حدثنا أستاذ في الجامعة أن الأم التي ترضع ابنها بقسوة ينشأ قاسياً، والأم التي ترضع ابنها بحنان ينشأ ذا رحمة، هذا الشيء من بديهيات التربية، الطفل أطعمته جيد، سقيته، اشتريت له ثياباً جيدة، كله جيد، هو بحاجة إلى شيء آخر بحاجة إلى حنانك، إلى أن تضمه، إلى أن تشمه، إلى أن تلاعبه، إلى أن تبتسم في وجهه، هذه ينبغي ألا يغفل عنها الآباء، الإنسان بحاجة إلى غذاء روحي، إلى غذاء معنوي، إلى أن يرى أباه يحبه، إلى أن يرى أمه تحبه، أن يرى أمه تضمه وتشمه، إن أردت أن يلتف ابنك حولك عليك بإكرامه أولاً وعليك بأن تسقيه مع الحليب العطف والحنان.
أيها الأخوة، أنا سافرت إلى بلاد كثيرة لكن لفت نظري أن في ماليزيا هذا الصحن الموضوع على الأسطحة غرامته تقترب من مليون ليرة، حرصاً على أولادهم، غرامته تقترب من مليون ليرة، يعني هناك انضباط، سافرت إلى بلد بعيد في قناة واحدة مسموح أن يراها الصغار الباقي كلها مشفرة في انضباط، يقول لك هؤلاء الذين ما عرفوا الله أبداً خافوا على أولادهم، ترى مسلماً مفتوح الصحن على ثمانمئة محطة وسهر مع زوجته عند أقربائه، ويوجد في البيت شباب و شابات، هناك مشكلة كبيرة يا أخوان، هناك شيء لا أستطيع أن أحكيه على المنبر، أولادنا فلذة أكبادنا، أولادنا مستقبلنا، أولادنا مستقبل أمتنا، أولادنا أقرب شيء إلينا، والله لا نسعد إلا إذا كان أبناؤنا كما نتمنى.

العاقل من كان صديقاً لابنه :

أيها الأخوة، أيضاً شيء آخر يجب أن تكون صديقاً لابنك، ورد في الأثر:

(( لاعب ولدك سبعاً، وأدبه سبعاً، وراقبه سبعاً، ثم اترك حبله على غاربه ))
يعني في مرحلة لا يصلح له إلا الملاعبة والمداعبة لأنه لا يدرك، وهناك أب أحياناً يبكي ابنه فيضربه ضرباً مبرحاً، عمره ثلاث سنوات، لاعب ولدك سبعاً، بعد السبعة أدبه سبعاً، ثم كبر صار له كيان، هذا الكيان لا يسمح لك أن تهينه أمام الناس، وراقبه سبعاً، يحتاج أن تعامله بحذر شديد لا هو راشد فيرضيك ولا هو طفل فتعذره، يسمونه عند بعض النساء سن محير، فبعد السبعة الثالثة راقبه وبيّن له بينك وبينه، وهناك حديث رائع جداً:

(( علموا ولا تعنفوا، فإن المعلم خير من المعنف ))

[أخرجه الحارث عن أبي هريرة ]
وضح، لماذا نحن نصلي يا بني ؟ صلِّ، فقط صلِّ، ما صلى أضربه، ليست هذه هي التربية عرفه بالله عز وجل، بيّن له أفعال الله عز وجل، بيّن له عظمة الله عز وجل، هذا الإله خلقنا من عدم خلقنا للجنة، يريد أن نعبده حتى نستحق الجنة، فأنت بين بين وإذا الأب جاهل هذه مشكلة، فاقد الشيء لا يعطيه، يجب أن يكون الأب عالماً حتى يعلم أبناءه، يعني أنت إذا طلبت العلم ليس لك وحدك أنت تمثل أسرة، سألك ابنك سؤالاً محرجاً معك جوابه بينت له.

(( أدبوا أولادكم على ثلاث خصال على حب نبيكم وعلى حب آل بيته وتلاوة القرآن ))

[ أخرجه الطبراني عن علي]
اقرأ له آية، اشرحها له.

ما من شيء أكرم على الله من شاب تائب :

أيها الأخوة، نحن ما عندنا مراهقة بالإسلام عندنا فتوة، قال تعالى:

﴿ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آَمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى (13) ﴾

( سورة الكهف)
ما من شيء أكرم على الله من شاب تائب، واللهُ عزّ و جل يباهي الملائكة بالشاب التائب، يقول: انظروا عبدي ترك شهوته من أجلي.
أحب ثلاثاً، وحبي لثلاث أشد، أحب الطائعين، وحبي للشاب الطائع أشد، أحب المتواضعين، وحبي للغني المتواضع أشد، أحب الكرماء، وحبي للفقير الكريم أشد، وأبغض ثلاثاً، وبغضي لثلاث أشد، أبغض العصاة، وبغضي للشيخ العاصي أشد، يقول لك مراهقة متأخرة أي سفيه، أبغض المتكبرين، وبغضي للفقير المتكبر أشد، أبغض البخلاء، وبغضي للغني البخيل أشد.
أيها الأخوة الكرام، نحن في مصطلح المسلمين عندنا فتوة، والله قوة الأمة في قوة شبابها، طاقات، نشاط، حيوية، ذهن حاد، قديماً كان شبابنا في الجهاد، الآن ماسك هامبرغر وذاهب إلى الملعب ومعه بيبسي، وهدفه الأكبر هذا اللاعب أو هذا الممثل أو هذه الساقطة أو الساقط، أين ؟

الشاب المؤمن المندفع يدخل على قلب أبويه من التفاؤل ما لا يوصف :

أيها الأخوة الكرام، نحن عندنا فتوة وشعارنا:

﴿ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آَمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى (13) ﴾

( سورة الكهف)
وقد تجد إنجازات الشباب تفوق حدّ الخيال، والله أحياناً أرى شاباً مؤمناً مندفعاً إلى خدمة أمته، والله أتفاءل تفاؤلاً شديداً، يدخل هذا الشاب على قلبي من التفاؤل ما لا يوصف، تجد شاباً خرج عن الشيء الشائع، شاب منحرف، لاه، عابث، لا يعنيه شيء، ليس جاداً، في أي موضوع مستهزئ، ساخر، رافض أي شيء، هذا النموذج الغربي في شهوات مستعرة والأمور ليست ميسرة، هذه الإنجازات الضخمة في الأرض للأقوياء والأغنياء فقط، والباقون محرومون، وهذا الحرمان يسبب حالة اختلال توازن، أما المؤمن هدفه واضح وهو يمشي على الطريق الصحيح.

من رفض منهج الدين العظيم احتقر نفسه :

لذلك أيها الأخوة الآية الكريمة:

﴿ فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (123) ﴾

( سورة طه)
المراهقة بأدق تعريفها سفه، مثلاً:

﴿ وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ (130) ﴾

( سورة البقرة)
أنت يمكن أن ترفض آلاف الأشياء ترفضها احتقاراً لها، ترفض وظيفة متعبة ودخلها قليل، ترفض سفراً الراتب قليل جداً والجهد كبير، ترفض فتاة ليست ملتزمة بالزواج منها، لك أن ترفض آلاف الأشياء إلا أنك إذا رفضت هذا الدين العظيم فإنك تحتقر نفسك، قد ترفض شيئاً لأنك تحتقره إلا أنك إذا رفضت الدين تحتقر نفسك، والدليل:

﴿ وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ (130) ﴾

( سورة البقرة)
سيدنا خالد لما أسلم متأخراً، قال له النبي عليه الصلاة والسلام كلمة رائعة قال له: عجبت لك يا خالد أرى لك فكراً. أنت ذكي ومن لوازم الأذكياء أن يكونوا مؤمنين، عجبت لك يا خالد أرى لك فكراً.، لذلك:

﴿ فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (123) ﴾

( سورة طه)

الدين العظيم ضمان لسلامتنا و ليس حدّاً لحريتنا :

هناك شيء آخر: نحن لا يوجد عندنا بالإسلام حرمان أبداً، نحن عندنا أوامر هي ضمان لحريتنا، ضمان لسلامتنا وليست حداً لحريتنا، وكل إنسان يتوهم في حدّ للحرية واهم وجاهل قال تعالى:

﴿ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ ﴾

( سورة القصص الآية: 50 )
المعنى المعاكس من يتبع هواه وفق هدى الله عز وجل لا شيء عليه، ما في شهوة أودعها الله فينا إلا لها قناة نظيفة ترقى بها، قال لي عالم: أنا عندي ثمانية وثلاثون حفيداً، ستة عشر من حفاظ كتاب الله وعشرة أطباء، تزوج امرأة وكانت المحصلة هذا الكم الكبير من الصالحين والمثقفين.

سلوك الإنسان انعكاس لتصوره :

أيها الأخوة، بقي شيء دقيق وهو أن سلوك الإنسان انعكاس لتصوره، كل واحد منا عنده تصور، فأنت حينما تكون بطلاً تقدم لابنك تصورات صحيحة فيستقيم سلوكه، تقدم لابنك تصورات صحيحة، عقيدة صحيحة، سلوكه انعكاس لعقيدته، الآن أزمة أهل النار في النار ما هي ؟ الجهل، قال تعالى:

﴿ وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ {10} ﴾

( سورة الملك )
فلذلك حينما تُعرف ابنك بسرّ وجودك، وبغاية وجودك، وأنك مخلوق للجنة، وأن هذه الأوامر لصالحنا، أنا مرة قرأت قصة في صحيفة تشرين أن سائق مركبة عامة أشير له أن يقف من قبل امرأة سألها إلى أين تذهب ؟ فأجابته بكلمة أغرته بها: أيّ مكان تريد أذهب معك، فقضى منها حاجته، أعطته ظرفاً مرحباً بك في نادي الإيدز.
هذا الرجل لو حضر درس علم لفتح باب المركبة وركلها بقدمه، كل معصية في ورائها مصيبة كبيرة.

من استقام على أمر الله فهو في ظلّ الله و حمايته :

أنت حينما تستقيم على أمر الله أنت في ظل الله، في حماية الله:

﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ ﴾

( سورة فصلت )
أيها الأخوة الكرام، يمكن أن أقول لكم بشكل دقيق الحديث الشريف:

(( علموا ولا تعنفوا، فإن المعلم خير من المعنف ))

[أخرجه الحارث عن أبي هريرة ]
وحينما تسعد بأولاد صالحين فأنت من أسعد الناس.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه يغفر لكم، فيا فوز المستغفرين، أستغفر الله.

* * *

الخــطــبـة الثانية :

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى صحابته الغر الميامين، و على آل بيته الطيبين الطاهرين.

حمى الاستهلاك مرض خطير يبنى على حساب بيوتنا واستقرارنا :

أيها الأخوة، مرة إنسان وعدني الساعة السادسة صباحاً، سألته لما هذا الوقت المبكر ؟ هذا وقت راحتك ؟ قال لي أنا رباني أبي رحمه الله على صلاة قيام الليل كل يوم، فنحن نستيقظ قبل الفجر بساعة، نصلي، نذهب إلى المسجد، نعود نبدأ بأعمالنا، إنسان توفى والده من أربعين سنة غرس فيه العمل مبكراً وصلاة قيام الليل يومياً.
كنت بسفر وقال لي شخص ركب إلى جانبي في الطائرة، قال لي: أنا أبي كان يعطيني مبلغاً ضخماً، يقول لي: وزعه صدقات بحسب معرفتك، هناك أب يعلم ابنه يكون محسناً، يعلم ابنه يكون ملتزماً، فأنا أتمنى أن يكون الأب يفكر تفكيراً جاداً لأن هموم المعاش أنسته أنه أب، وهذه مشكلة كبيرة، لأن الوضع الآن يسعى الإنسان إلى تحقيق الحد الأدنى من الدخل فمشغول دائماً، مرة رئيس فرنسا جيسكاردستان كلف ثلاثين عالم اجتماع يجلسون في منتجع ويعطونه جواباً عن سؤال واحد: لماذا العنف في العالم ؟ نحن بالخمسينات كل عشر سنوات يتم إعدام شخص في المرجة، تزحف دمشق كلها لتشاهده، الآن عندنا كل يوم في مئة قتيل يومياً بالأخبار، هناك عنف شديد بالعالم، هذا الرئيس الفرنسي سأل لماذا العنف في العالم ؟ قد تفاجؤون بالجواب، أجابوا: مجتمع الاستهلاك يعرضون عليك آلة حديثة، مكيف جديد، غسالة جديدة، سيارة جديدة، باستمرار بالشاشة والطرقات، فكل الإعلانات تساوي حاجة إلى شيء ما معك ثمنه، أنت أمام ثلاث حالات إما الإحساس بالحرمان، أو أن تلغي وقت الفراغ وإذا ألغيت وقت الفراغ ألغيت أبوتك ما عاد أب، يقول لك أطلع قبل أن يستيقظوا وأعود بعدما يناموا، لأنه عنده وظيفة وعنده عمل بعد الظهر محاسبة أو على سيارة، يعمل عشرين ساعة ليحضر المصروف، فمجتمع الاستهلاك إما أن يشعرك بالحرمان الدائم، أو أن يلغي أبوتك، أو أن يحملك على أن تأكل المال الحرام، ثلاثة خيارات، إما أن تسقط من عين الله وعين المبادئ والقيم الراقية، أو أن تلغي وقت فراغك، أو أن تحس بالحرمان.
دخلت امرأة لسوق تجاري كبير جداً قالت يا إلهي ما أكثر الحاجات التي لا يحتاجها الإنسان، مجتمع الاستهلاك رُسم لنا من الغرب، يريدوننا أسواقاً لبضائعهم، تجد حاجة بعرض رائع، وبغلاف رائع، من أجل أن تشتري، هذا حمى الاستهلاك، هذا مرض خطير، هذا على حساب بيوتنا، على حساب استقرار أسرنا، على حساب السعادة الزوجية وسعادة البيت.

بطولة الإنسان أن يتحرك وفق قناعاته ووفق منهج الله تعالى حتى يسلم و يسعد :

يا أيها الأخوة، البطولة لا أن تكون مع التيار، البطولة أن تقف وتتحرك وفق قناعاتك، لا تقبل أن تكون رقماً بخطة عدوك، أنا أقول لكم دائماً إما أن تخطط وإما أن يُخطط لك، لا تكن رقماً بسيطاً، العدو رسم خطة من أجل ترويج بضائعه، أنت تكون تحت هذا الضغط تبيع دينك من أجل المال هذا الذي يحصل.
امرأة في عهد الصحابة طلبت من زوجها شيئاً لا يملك ثمنه ألحت عليه فقال لها: اعلمي أن في الجنة من الحور العين ما لو أطلت إحداهن على الأرض لغلب نور وجهها ضوء الشمس والقمر، فلأن أضحي بك من أجلهن أهون من أن أضحي بهن من أجلك.
فالإنسان يجب أن يخطط لنفسه، ويرسم لنفسه مبادئ، ويتحرك وفق منهج الله، حتى يسلم ويسعد.

الدعاء :

اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولنا فيمن توليت، وبارك لنا فيما أعطيت، وقنا واصرف عنا شر ما قضيت، فإنك تقضي بالحق، ولا يقضى عليك، وإنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت، ولك الحمد على ما قضيت، نستغفرك و نتوب إليك، اللهم اهدنا لصالح الأعمال لا يهدي لصالحها إلا أنت، اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر، مولانا رب العالمين، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمن سواك، اللهم بفضلك ورحمتك أعلِ كلمة الحق والدين، وانصر الإسلام، وأعز المسلمين، انصر المسلمين في كل مكان، وفي شتى بقاع الأرض يا رب العالمين، اللهم أرنا قدرتك بأعدائك يا أكرم الأكرمين.

والحمد لله رب العالمين
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
تربية الأولاد في ضوء الكتاب و السنة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تربية الأولاد
» تربية الأولاد
»  تربية الأولاد
»  تربية الأولاد وتعليمهم
»  قواعد في تربية الأولاد

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اسلام ويب :: ۩✖ منتدي الاسلاميات العامه ۩✖ :: مقــــالات اســــلاميه :: خطب مقـــرؤه-
انتقل الى: