السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تحية طيبة لكل القائمين على الموقع, ويشهد الله أني استفدت منكم كثيرا.
كيف يمكنني شرح ما أنا فيه الآن؟ حالتي مزرية للغاية, منذ ثلاث سنوات أصابني مرض غريب, أتقيأ بدون أي سبب مرضي عند شعوري باليأس أو الحزن, كنت أعتقد أني أعاني من القرحة, أو من أي مرض يصيب المعدة, فعملت فحوصات ثبت فيها أني سليم, فأيقنت أنه سبب نفسي.
أضف إلى ذلك أني أخاف الاجتماع بالناس, أو الأكل أمامهم, وخصوصا النساء, أخافهن, وأرتجف عند رؤيتهن في الأمكان العامة, علما بأني أبلغ من العمر 18عاما, وقد أفرطت كثيرا في ممارسة العادة السرية, لدرجة لا يتصورها عقل.
أرجوكم أوجدوا لي حلا, والله لقد ضقت ذرعا من الحياة, والآن أفكر بالانتحار.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ a7mdo a asu حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإنها لظاهرة مؤسفة جدًّا أن نسمع يوميًا من بعض شبابنا أنه يفكر في الانتحار، هذه أصبحت ظاهرة مزعجة جدًّا، ونحن نعرف أن هؤلاء الشباب لا يودون الانتحار خاصة إذا كانوا من المسلمين.
وقضية الانتحار يجب أن يتم التعامل معها بجدية وصرامة، نحن لن نسمح بشبابنا أن يلعب بالنار أبدًا، مجرد التفكير أو الحديث بهذه اللغة –أيها الابن الفاضل الكريم– نحن لا نريده لك أبدًا, الناس تتكلم عن الانتحار أحيانًا كنوع من إثارة عواطف الآخرين أو من أجل شد الانتباه، أو من أجل أن تجعل الآخرين يحسون بالذنب، وتوجد أشياء وأسباب ودناميات كثيرة جدًّا معروفة لنا في علم النفس.
فأيها الفاضل الكريم: هذه الكلمة يجب أن تُمحى تمامًا من قاموسك اللغوي، أنت شاب من شباب هذه الأمة الإسلامية العظيمة، أخرج نفسك أيها الفاضل الكريم من الضيق والكرب والكدر إلى سعة الحياة وجمالها، أمامك فرصة عظيمة جدًّا أن تعيش حياة طيبة هانئة وكريمة، أنت مشكلتك فقط هي التفكير السلبي، اطرد هذا الفكر, وانطلق انطلاقة إيجابية جديدة، اجعل لحياتك قيمة، كن دقيقًا في إدارة وقتك، ضع لحياتك أهدافًا، واعرف أن سلاح الدين والعلم لا يضاهيهما شيء في هذه الحياة.
املأ الفراغات النفسية الداخلية من خلال المعرفة والعلم، وهذا يساعدك في تطوير مهاراتك، وسوف تجد القبول التام من جانب الآخرين، وسوف تقبل أنت بنفسك، وتصل إلى قناعات أنك أفضل مما تتصور، وهذا ما نريده لك.
بالنسبة للمرض الذي أصابك قبل ثلاث سنوات: التقيؤ النفسي معروف جدًّا، وقد يكون مرتبطًا بالقلق، وفي بعض الأحيان يرتبط بتشخيص آخر يعرف بالتحول الهستيري، وهو أيضًا قد يكون مرتبطًا بحالة نفسية يكون فيها الكتمان هو المسيطر، ولذا يعبر عن عدم الارتياح النفسي من خلال هذا التقيؤ، لأن اللاشعور كثيرًا ما يستدرج الشعور لدى الإنسان وتتحول الأعراض النفسية والانفعالات النفسية إلى أعراض جسدية, عمومًا هذه عملية معقدة لا أريد أن أدخلك فيها وفي تفاصيلها العلمية، لكن أقول لك أن هذا يعالج من خلال التناسي والثقة بالنفس، وأنت -إن شاء الله تعالى– لديك المقدرة لذلك.
الخوف الاجتماعي: أنا أقدر أنه مزعج لصاحبه، لكني أؤكد لك أنه ليس ضعفًا في الإيمان أو ضعفًا في الشخصية، إنما هو ناتج من تراكمات سلبية يمكن للإنسان أيضًا أن يتخطاها، وذلك من خلال الثقة في النفس، وأن يكون له صحبة خيّرة طيبة، وأن يتفاعل اجتماعيًا مع الآخرين، هذا هو الذي يُخرج الإنسان من هذا الموقف.
أيها الفاضل الكريم: بقي جزء أخير في هذا الاسترشاد، وهو أن تتوقف عن العادة السرية، لا خير فيها أبدًا، لا يمكن للإنسان أن يقترف الخطيئة بنفسه ويبحث عن التعافي في ذات الوقت، لا، أوقف هذا الأمر، نحن نقدر الطاقات والشهوات التي تأتي للشباب، لكن لها مخارج ومنافذ أخرى، من أهم منافذها الصبر والرياضة ومخافة الله تعالى، وأن يفكر الإنسان في الزواج، ويجب أن تستوعب مضارها، أكبر مضار للعادة السرية هي أنها محقرة للذات، فأيها الفاضل الكريم: هذا الأمر بيدك، وأنا على ثقة تامة أنك ما تواصلت معنا إلا لأنك جاد في العلاج.
نقطة أخرى ملحقة بهذه النقطة الأخيرة، وهي أنني أنصحك بتناول أحد الأدوية البسيطة المحسنة للمزاج والتي تعالج في ذات الوقت الخوف الاجتماعي يعرف تجاريًا باسم (زيروكسات) ويمسى علميًا باسم (باروكستين) أرجو أن تتناوله بجرعة عشرة مليجراما، تناولها ليلاً بعد الأكل لمدة أسبوعين، بعد ذلك اجعلها حبة كاملة واستمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضها إلى نصف حبة يوميًا لمدة شهر، ثم نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة أسبوعين، ثم توقف عن تناول الدواء.
بارك الله فيكَ، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.