السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مشكلتي يا دكتور محمد ليست واحدة, حيث إني -وأنا متابع لاستشارات الموقع منذ ستة أشهر- أكتشفت من خلال ردكم على الإخوة الذين يعانون من الأعراض التي أشكو منها أن لدي أكثر من مشكلة وهي:
1- رهاب الأماكن المغلقة التي أكون مجبرا على البقاء فيها, بمعنى أنني ممكن أن أجلس في غرفتي وهي مغلقة يوما بأكمله, بشرط أن لا أحس بأني مجبر على ذلك.
2- قلق مع نوبات فزع.
3- رهاب اجتماعي بسيط.
4- وساوس تأتي أحيانا بسبب خوفي من الأماكن المغلقة, أو من نوبات الفزع, كأن أتخيل بأن نوبة الفزع سوف تأتيني في مكان ما, فأضطر لترك هذا المكان, أو بأني سأتعرض للسجن, فكيف سأفعل وأنا أخاف من الأماكن المغلقة؟
سؤالي: هل هذه المشاكل تحتاج إلى عدة أنواع من الأدوية؟ حيث ومن خلال متابعتي المستمرة لإجاباتكم وجدت أنك تفضل نوعا معين من الدواء لكل حالة من الحالات السابقة, أم أن هناك نوعا واحدا يكفي للمشاكل السابقة مجتمعة كالسبرالكس, أو الزيروكسات, كوني ومن خلال أجوبتكم ارتحت لهذين النوعين.
وإذا كانت الإجابة أن هذين النوعين مناسبين لمشاكلي فأيهما أفضل؟ وكيف تكون جرعة العلاج؟ وأرجو أن تفصل لي كيفية استخدام الاثنين, أي السبرالكس والزيروكسات.
شكرا يا دكتور, ويعلم الله كم أحبك فيه دون أن أراك؛ لأنك -بفضل الله- أعنت الكثير من الناس أمثالي, وبالذات الذين لا يستطيعون الذهاب للدكتور.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمرو حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فأشكرك على ثقتك في إسلام ويب وفي شخصي الضعيف، وأسأل الله لك العافية.
ولا شك أنك قد أوضحت شكواك بصورة واضحة وجلية، ومن خلال مجموعة الأعراض الأربعة التي ذكرتها أستطيع أن أقول لك أخِي أنك تعاني من درجة بسيطة إلى متوسطة من قلق المخاوف الوسواسي، وقلق المخاوف الوسواسي هي حالة مترابطة جدًّا ومتداخلة مع بعضها البعض، بمعنى أن الجزئيات التي تكون الحالة ليست متنافرة، إنما هي تقريبًا تنتمي إلى نفس المجموعة التشخيصية، فأرجو أن تطمئن تمامًا أن القلق كثيرًا ما يتفرع إلى خوف أو وسوسة، والأعراض قد تتفاوت زيادة ونُقصانًا، فمثلاً بعض المرات تجد القلق هو الأكثر، ومرة أخرى تحس بالخوف أكثر، وفي مرة ثالثة قد يكون المزاج الوسواسي هو المسيطر (وهكذا).
فإذن حالتك هي حالة واحدة، والتشعبات والجزئيات هي فروع وليست أكثر من ذلك، وقبل أن نتحدث عن العلاج الدوائي أريدك أن تطمئن تمامًا، وأن تحقر الفكر السلبي القلقي، وأن تكون معبرًا عمّا بذاتك، وعليك بالتواصل الاجتماعي، التواصل الاجتماعي فيه خير كثير جدًّا؛ لأنه يقهر الخوف والقلق والوسوسة.
وكذلك لديَّ قناعات أساسية وهي أن التطور المهني والتطور الوظيفي يساعد الإنسان في النضوج النفسي، ويجعله أكثر تواؤمًا وتكيفًا مع وضعه، كما أن المعرفة والاطلاع -ولا شك- والالتزام بالصلاة مع الجماعة وتلاوة القرآن – تبعث في النفس الطمأنينة والثبات، وأن يحس الإنسان بالفعل أنه فعّال ومفيد لنفسه ولغيره.
بالنسبة للعلاج الدوائي: فكلا الدوائين ممتاز – أي الزيروكسات والسبرالكس - السبرالكس ربما يتفوق قليلا، حيث إن الأبحاث تدل أنه أكثر فعالية في علاج نوبات الفزع، والسبرالكس أيضًا قد تكون درجة النقاء والتخصصية فيه أكثر، لكن يُعاب عليه أن الإنسان يجب أن يتوقف عنه بالتدرج، وفي بعض الأحيان قد يؤدي إلى زيادة بسيطة في الوزن، وهذه يمكن التحوط منها مبكرًا، بأن ترتب نظامك الغذائي وكذلك أن تمارس الرياضة.
وبالنسبة للمتزوجين: السبرالكس قد يؤدي إلى تأخر بسيط في القذف المنوي، وهذا أيضًا يحدث مع الزيروكسات.
إذن ابدأ بالسبرالكس، توكل على الله، وأسأل الله أن ينفعك به، ابدأ بجرعة خمسة مليجراما –أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجراما– تناولها لمدة أسبوع، يفضل تناول هذا الدواء بعد الأكل، ويمكن تناوله نهارًا أو ليلا، ليس هناك اختلاف كبير، الاختلاف الوحيد قد يأتي من أن الدواء إذا تناوله الإنسان نهارًا وسبب له نعاسًا ليلاً؛ فهنا يجب أن يكون تناوله مساءً، أما إذا أدى إلى اضطراب النوم فهنا يجب أن يتم تناوله نهارًا (وهكذا) إذن التجربة الشخصية مهمة.
بعد مضي مدة أسبوع هنا اجعل جرعة السبرالكس عشرة مليجراما يوميًا واستمر عليها لمدة شهر، بعد ذلك اجعل الجرعة عشرين مليجرامًا يوميًا لمدة شهرين، ثم خفض الجرعة إلى عشرة مليجراما يوميًا لمدة أربعة أشهر، ثم اجعلها خمسة مليجراما يوميًا لمدة شهر، ثم خمسة مليجراما يومًا بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.
هذه الطريقة جيدة وفاعلة وتقوم على أسس علمية، حيث إن الجرعة التمهيدية تعقبها الجرعة العلاجية الصحيحة، ومن ثم تأتي الجرعة الوقائية، والتوقف التدريجي عن الدواء.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد.