السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تحية طيبة معطرة بذكر الله.
أنا - يا دكتور - عندي وسواس قهري في التعامل مع الناس, وعندي اكتئاب, وأميل للعزلة, وعدم النوم المنتظم, وأشعر بوجع في أنحاء الجسم, والمزاج سيء جدًّا, وأشعر برهبة وتوتر, علمًا أني كنت أتعاطى الترامادول, وتركته منذ حوالي 9 أشهر, فأرجو من حضرتك علاجًا فعالًا لأني متعب جدًّا جدًّا.
ولكم جزيل الشكر.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ وليد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:
فكنت أتمنى أن أعرف ماذا تقصد بالوسواس القهري؟ فكلمة الوسواس تعني أشياء مختلفة لمختلف الناس.
وبالنسبة للاكتئاب: فأعراضه غالبًا تكون ظاهرة، وأهمها: وجود عسر في المزاج، والإنسان قد ينعزل عن الآخرين، وقد تقلّ فعاليته، وكما ذكرت وتفضلت فإن اضطراب النوم أيضًا يكون موجودًا في معظم الحالات.
أما الرهبة والتوتر فهي قد تكون جزءًا من الاضطراب القلقي الوجداني العام الذي قد يصاحب بعض حالات الاكتئاب, وكذلك الوساوس القهرية.
عمومًا – أخي الكريم – أنا سعيد جدًّا أنك قد توقفت عن الترامادول، فهذه هي القضية الأساسية والجوهرية التي أريد أن ألفت انتباهك إليها، فالترامادول عقار طبي، لكنه خادع جدًّا، ومُضر جدًّا، وهو لعلاج الآلام، خاصة الآلام الجسدية الشديدة، لكن - بكل أسف - اتضح أن هذا الدواء له أفعال وأفاعيل, وتأثيرات أخرى كثيرة، حيث إنه قد يُحسن المزاج، ويُعطي شيئًا من الشعور الداخلي الكاذب بالطمأنينة، والبعض يتحدث عن آثاره الجنسية الإيجابية, فأصبح الآن يمثل مشكلة حقيقية نواجهها وسط الشباب، لكنك - بحمد الله تعالى - من خلال وعيك وإدراكك اكتشفت مساوئه، وأطلقت نفسك وحررتها من الاستعباد الذي قد يسببه الترامادول، فأريد أن أشكرك، وأريد أن أهنئك على هذا القرار، وأرجو أن تكون صامدًا، ولا ترجع أبدًا.
الرهبة والقلق والتوتر والمخاوف أيضًا قد يُسببها الترامادول، بالرغم من الأثر أو المشاعر الإيجابية التي يعطيها لبعض الناس، فتوقفك عن الترامادول أعتقد أنه سوف يفيدك في هذه الأمور أيضًا.
أنا أستحسن أن تذهب وتقابل الطبيب، حتى وإن كان الطبيب طبيبًا عامًا أو طبيب أسرة أو طبيبًا باطنيًا؛ وذلك من أجل إجراء بعض الفحوصات الطبية العامة.
موضوع آلام الجسد: هذه يجب أن تُحدد، لماذا؟ لا أعتقد أنها آثار انسحابية من الترامادول، فأنت قد تركته قبل تسعة أشهر، فيجب أن نتأكد من مستوى الدم لديك، ووظائف الجسم العامة، ومستوى فيتامين (د), ومستوى فيتامين (ب12), فهذه كلها يجب أن يتم التأكد منها، أضف إلى ذلك وظائف الغدة الدرقية.
وبعد أن تتأكد من أن الأمور كلها جيدة، وأنك في صحة جسدية جيدة، فهنا إن ذهبت إلى الطبيب النفسي فهذا أمر جيد، وإن لم تذهب فأعتقد أنه يمكنك أن تتناول عقار سيرترالين – مودابكس - والذي يسمى أيضًا (لسترال - زولفت) فهو من الأدوية الجيدة والممتازة جدًّا، وأنت تحتاج لتناوله بجرعة نصف حبة يوميًا لمدة عشرة أيام، بعد ذلك ترفعها إلى حبة كاملة – أي خمسين مليجرامًا – تتناولها ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضها إلى خمسة وعشرين مليجرامًا ليلاً لمدة شهر، ثم خمسة وعشرين مليجرامًا يومًا بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول هذا الدواء.
وهنالك دواء آخر مساعد يعرف باسم دوجماتيل - سلبرايد - وأفضل أيضًا أن تبدأ في تناوله بجرعة كبسولة واحدة في الصباح - وقوة الكبسولة هي خمسون مليجرامًا – تناولها لمدة أسبوعين، بعد ذلك اجعلها كبسولة صباحًا ومساءً لمدة شهر، ثم كبسولة واحدة في الصباح لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.
لا شك أن ممارسة الرياضة ستكون مفيدة جدًّا بالنسبة لك، خاصة في موضوع اضطراب النوم والآلام الجسدية، كما أن تجنب شراب الميقظات – مثل: الشاي, والقهوة, والبيبسي, والكولا, والشكولاته – في المساء سيكون أمرًا إيجابيًا، كما أن النوم النهاري لا ننصح به، وكن حريصًا على أذكار النوم.
وهنالك أمر ضروري: فأنت تبلغ من العمر سبعة وعشرين عامًا - وأسأل الله تعالى أن يطيل عمرك في عمل الخير – فلا بد - أيها الفاضل الكريم - أن تستفيد من فورة الشباب هذه، ولابد أن تعمل، ولابد أن تبحث عن عمل، عن وظيفة، فالعمل يُشعر الإنسان بقيمته الحقيقية، والعمل أكبر وسيلة لتأهيل الناس اجتماعيًا ونفسيًا واقتصاديًا، فأرجو أن تبحث عن عمل.
وأسأل الله تعالى أن يرزقك ما هو طيب وصالح، وأشكرك على التواصل مع استشارات إسلام ويب.