السؤال
السلام عليكم.
أنا بنت عمري ٢٥ سنة, لدي شخصية انطوائية وكثيرة التفكير, ومنعزلة من الناس, وأنا أميل إلى السلبية في التفكير, ولدي مشاعر سلبية مخزنة تؤثر فيّ إذا تعرضت للبكاء, وكثيرا أجتنب الأصدقاء والأقارب خوفا من أفكاري.
الفكرة -الجنون- تؤثر في علاقاتي معهم, وعند خروجي مع أهلي لمكان ترفيهي أو مناسبات أو زيارات؛ أشعر كأني غير موجودة, وأيضا أشعر بنقص فيّ لا أدري ما هو, وأبحث عن النقص الذي فيّ فلا أجده, وعندما أريد التغيير من هذا الوضع أجد أني في اللاوعي, وبدون إرادتي أرجع لحالتي السيئة.
حدثت لي مواقف كثيرة أثرت فيّ من ناحية نقد الناس لي, ومن حيث النحافة, ولا أركز كثير, وأيضا عندما أسافر مع أبي أو مع أهلي مسافات لمدة ساعتين أو أكثر أكون وقتها منشغلة بالتفكير والقلق, وأيضا أعاني من نظرة أقاربي لي.
وأيضا أنا آخذ صورا سيئة عن نفسي, ومعتقدة -خطأً وأنا أعترف بذالك- أنني دائما أقول بأني سأبقى على حالي من التفكير, ولن أتغير, وتركيزي كثير على المرض, وتصبح لدي اضطربات في المعدة, قيء وصداع قوي, وأيضا السرحان في أحلام اليقضة, ولا أستمتع بطعم الحياة.
هذا توضيح لحالتي, وأرجو الإجابة والمساعدة منكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/علياء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
شكرا لك على الكتابة إلينا.
من الواضح أنك كثيرة التفكير والنظرة الناقدة لذاتك.
ومن الطبيعي أن يختلف الناس كثيرا في درجة قربهم وانفتاحهم على المجتمع، وفي درجة انطوائيتهم، فمنهم من هو شديد الانفتاح، ومن هو شديد الانطواء، والغالبية الكبرى تتراوح بين هذا وذاك.
وقد يختلف الشخص نفسه على هذا المحور من مرحلة عمرية لأخرى، بل ومن ساعة لساعة، وبحسب ظروفه وحالته العاطفية.
يا ترى منذ متى وأنت في أمريكا، هل ولدت هناك أم انتقلت مع أهلك منذ الطفولة، أو أنت هناك منذ مدة قصيرة، فكل هذه أمور هامة لا بد أن لها تأثير على درجة علاقتك وانفتاحك على الناس وعلى المجتمع من حولك.
وكما تقولين في سؤالك أنه مرّ بك الكثير من المواقف التي أثرت فيك، ولهذا أيضا علاقة وثيقة بدرجة ثقتك في نفسك، وفي انفتاحك على الناس.
ربما يفيد عندما تشعرين بموقف سلبي من بعض الناس منك سواء فيما يتعلق بنحافتك أو غير ذلك، فاسألي نفسك السؤال التالي "هل موقف هؤلاء الناس مشكلتي أم مشكلتهم؟" ولا شك أن الجواب في كثير من المواقف هي مشكلتهم، فلا تشغلي بالك بها، ودعيهم لمشكلتهم!
ليس هناك إنسان لا يمكن أن يتغيّر، فبقاء الحال من المحال، كما يُقال في أدبنا العربي، ويمكن للإنسان أن يتغيّر بشكل يومي, والله تعالى ردّ ظروف تغيير حيتنا إلى أنفسنا حيث قال "إن الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم".
ومفتاح الأمر كله هو الثقة بالنفس وتقدير الذات، وهذا يجب أن يأتي من داخل أنفسنا, صحيح أن لمعاملة الناس لنا تأثير كبير على هذا، إلا أن الجواب النهائي هو عندنا نحن.
وإذا لم أقدّر نفسي وأثق بها، فكيف يمكن أن أطالب الناس لنفسي ما أقدمه أنا لهذه النفس؟!
حاولي أن تركزي على الصفات الإيجابية التي عندك، وهي لا شك كثيرة، وحاولي أن تـُكثري من الأعمال التي تتقنيها وتحبينها، فمثل هذه الأعمال ترفع عندنا كثيرا الثقة في أنفسنا, ولا تنسي الاستعانة بالله تعالى في كل هذا.
وفقك الله، وشرح صدرك لتحقيق ما تطمحين إليه.