السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أولا أرغب في استشارتكم؛ لأني أعاني من حالة نفسية خانقة, ولا يعلم بها إلا الله.
أنا كنت أسافر إلى أوروبا منذ الصغر مع أهلي, وكان والدي -رحمه الله- يأكل لحم الخنزير, ولكني والحمد لله ما أكلته؛ لأن أمي كانت تمنعني, وتقول لي إنه محرم علينا.
وكنت أخاف كثيرا, وإلى الآن وعمري 20 عاما لا زلت أخاف أن أتعامل مع من يأكلون هذا اللحم المحرم, ومن هذا الحيوان, وحتى في المنزل دائما أشعر بأنهم حوالي, وأنظر إلى كل اتجاهات المنزل.
توجد جزارة لحم الخنزير في آخر شارعنا, وحينما أمشي من جانب هذه الجزارة أشعر بالخوف الشديد, ويصفر وجهي, ولا أنام أبدا من الخوف, حتى حينما أصلي أشعر بالخوف, ولا أتمكن أبدا من إبعاد هذا الخوف الذي أشعر به منذ الصغر حتى الآن.
وأحيانا كثيرة -حتى وإن غفلت عيني- أحلم بأني آكل لحم الخنزير, ولا أعلم ماذا أفعل لإبعاد هذا الخوف؛ لأني أشعر بالخوف كثيرا, وأريد ان أكون شخصا طبيعيا في التعامل مع من يأكلونه.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ داليا حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فنسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.
أنت تعانين من إحدى حالات المخاوف، وهذا النوع من المخاوف يُشخص تحت المخاوف البسيطة, هذا لا يعني أنه بسيطً في طبيعته، لكن البساطة من أنه خوف موجّه نحو موضوع واحد.
الخوف الذي تعانين منه لا شك أنه مكتسب، جزى الله والدتك كانت تنهاك تمامًا عن أكل لحم الخنزير، ورحم الله والدك وغفر له فيما اقترفه، ولا شك أن السبب في مخاوفك هو ما نسميه بالتصادم القيمي، كان هناك نزاع واضح من الناحية السلوكية والنفسية، والدك يأكل الخنزير وأمك تنهاك عنه، وبعد ذلك تطور لديك الوعي والإدراك، ومن ثم عرفت حُرمة لحم الخنزير، وهنا المعرفة أعني بها المعرفة الحقيقية المعرفية على مستوى العقل والإدراك والوجدان, وتشكل هذا الخوف لديك أيضًا كنوع من الشعور بالأسى نحو ما اقترفه والدك.
إذن جرعة الخوف التي تعانين منها أقول إنها مركبة، وهذا -إن شاء الله تعالى– فيه خير لك، أن تنفري من هذا الشيء اللعين هذا أمر عظيم.
وحقيقة أريدك أن تقرئي عن الخنازير وعن لحم الخنزير، والحكمة في تحريمه، هذا يؤدي إلى التقارب الموضوعي الذي يؤدي إلى تحسينك تدريجيًا من هذا الخوف.
إذن الإلمام والمعرفة هي التي سوف تمنعك من تطور هذا الخوف, واصرفي تمامًا انتباهك عن هذا الموضوع، وكوني حذرة في التعامل مع أماكن اللحوم والقصابين، وإن شاء الله تعالى لن يصيبك مكروه أبدًا.
إذا لم ينته هذا الخوف أو لم يصل لدرجة يمكن تحملها، هنا لا بد أن تتناولي أحد الأدوية المضادة للمخاوف، وهي كثيرة، من أفضلها عقار يعرف باسم (مودابكس) متوفر في مصر، واسمه التجاري الآخر هو (لسترال) و (زولفت) ويسمى علميًا (سيرترالين) الجرعة المطلوبة جرعة بسيطة، وهي نصف حبة –أي خمسة وعشرون مليجرامًا– يتم تناولها ليلا بعد الأكل لمدة أسبوعين، بعد ذلك ترفع الجرعة إلى حبة ليلا لمدة ثلاثة أشهر، ثم تخفض إلى نصف حبة ليلا لمدة شهر، ثم نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقفي عن تناول الدواء.
إذن حقري فكرة الخوف هذه، وضعي حدودًا لتعاملك مع الخنزير من خلال الاطلاع عليه أكثر، وإذا لزم الأمر تناولي الدواء الذي وصف.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.