السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا -الحمد الله- أصلي على النبي كثيرا أحيانا, وأقل أحيانا أخرى, ولكن أصابني وسواس شديد جدا, لا أستطيع مقاومته, وأنا حزين جدا لأن قلبي متعلق تعلقا شديدا بالنبي صلى الله عليه وسلم, والوسواس يقول لي إن سيدنا محمد كان تعليمه وأحاديثه كانت مقتصرة فقط على أهل قريش, وكان اهتمامه بأصحابه فقط, وأنه كان لا يهتم بالدول الأخرى, وأن جميع غزواته كانت في المدنية ومكة.
ويقول لي أيضا هذا الوسواس اللعين: إن محمدا كان دوره مقتصرا فقط على أهل قريش فقط, ومن الذي كان ينقل أحاديثة إلى الأشخاص الذين كانوا لا يرونه في عهده أو لا يجلسون معه، ماذا أفعل كي أرتاح من هذا؛ لأني أرفض هذه الوساواس, ولكن تكاد أن تتغلب علي.
أرجو أن يجعل الله الراحة والفهم والعلم على أيديكم.
وجزاكم الله خير الجزاء.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا، ونشكرك كثيرا على تواصلك مع إسلام ويب.
الوساوس تنشأ من بيئة الناس ومن معتقداتهم, وتتعلق بأمور عزيزة على النفس وحساسة كثيرا، والوساوس ذات المحتوى الديني كثيرة، إن شاء الله تعالى هي علامات خير؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد بشر الصحابي الذي قاله له: ( والله لزوال السموات الأرض أحب إلي من أن أتكلم به) وكان هذا الصحابي يقصد الوسواس القهري، أفكار سخيفة متسلطة، صعب على هذا الصحابي الجليلي أن يتحدث عنها, وقال: لزوال السموات والأرض خير من أن يتحدث عنها، أجاب وطمأنه الرسول صلى الله عليه وسلم: أوجدتموه؟ ذلك صريح الإيمان.
أيها الفاضل الكريم: الوساوس تتسلط على الإنسان كما ذكرت، ويجد صعوبة الشخص الذي تتسلط عليه أن يصرفها, لكن خير وسيلة للتخلص من هذا النوع من الوساوس هو أن لا تحاور الوسواس, لا تدخل معه في نقاش, لا تحاول أن تطبق عليه قواعد المنطق؛ لأنه غير منطقي إذا تمادى الإنسان في التجاوب مع الوسواس, وحاول أن يقنع نفسه من خلال الحوار الوسواسي سوف يدخل الإنسان في ما يمكن أن نسميه بالسياج الوسواسي, وهذا يعني أن الوسواس يولد وساوس أخرى, ويطبق على الإنسان, وهذا بالطبع يؤدي إلى كثير من الأحزان على نفس المؤمن.
أيها الفاضل الكريم: كما أرشدنا الرسول -صلى الله عليه وسلم- نلتزم أن نغلق على هذه الوساوس, حيث قال صلى الله عليه وسلم: "إذا وجد ذلك أحدكما فليقل آمنت بالله ثم لينته" لا تدخل مع هذه الوساوس في حوار, بل أريدك أن تخاطبها مخاطبة مباشرة, وتقول لها أنت وساوس, أنت حقيرة ولن أتجاوب معك, لا علاقة لي بك, أنت تحت قدمي, وقم بالدوس عليها وحقرها, واربطها بكل المساوئ الموجودة في الدنيا, واجعل تفكيرك على هذا النسق وأغلق عليها.
أود أن أبشرك بأنه توجد علاجات دوائية ممتازة جدا؛ لأن الوساوس الفكرية تستجيب للعلاج بصورة ممتازة، وإن استطعت أن تذهب إلى طبيب فهذا أمر جيد, وإن لم تستطع فأنا أقول لك إذا كان عمرك عشرين عاما أو أكثر؛ فيمكنك أن تتناول أحد الأدوية المضادة للوساوس, وهنالك دواء مشهور في مصر يعرف باسم فلوزاك, واسمه العلمي فلوكستين, وهو سليم وغير إدماني.
جرعته تبدأ بكبسولة واحدة في اليوم, تناولها بعد الأكل, وبعد عشرة أيام اجعلها كبسولتين في اليوم, وهذه الجرعة المطلوبة في حالتك, استمرعلى هذه الجرعة لمدة أربعة أشهر, بعد ذلك خفضها إلى كبسولة واحدة في اليوم لمدة خمسة أشهر, ثم اجعلها كبسولة يوما بعد يوم لمدة شهر, ثم توقف عن تناوله.
هذا دواء مفيد جدا, وسوف تحس بفائدته -إن شاء الله تعالى- بعد ثلاثة أو أربعة أسابيع بعد بداية العلاج, وحين تبدأ وتحس براحة البال وتتخلل هذه الوساوس؛ هنا تمارس ما ذكرناه لك من طرق سلوكية, وهي مقاومة الوسواس ورفضه وعدم مناقشته، وصرف الانتباه عنه تماما.
بارك الله فيك, وجزاك الله خيرا، ونشكرك كثيرا على تواصلك مع إسلام ويب.