السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من باب من لا يشكر الله لا يشكر الناس, أتقدم لكم بالشكر الجزيل على ما تقدمونه من مجهود لخدمة الإسلام والمسلمين, جعله الله في موازين أعمالكم.
أنا فتاة أبلغ من العمر 26 عاما, لا أجد أحدا غيركم بعد الله سبحانه وتعالى أثق به، ويطمئن قلبي له, ويقتنع فكري به, فأنا لا يوجد من حولي شخص يوازن بشكل صحيح بين عقله ومشاعره, فألجأ إليكم بعده سبحانه وتعالى.
أعاني من بعض الأعراض لا أدري أهي عسر مزاج أم اكتئاب، وأرجو أن تصفوا لي الدواء المناسب, علما بأنني محافظة على صلواتي في أوقاتها, وأقوم بواجباتي تجاه أسرتي قدر المستطاع، وأحاول الترفيه عن نفسي بالسفر واجتماعات العائلة، ولكن للأسف دون جدوى, فأنا لا أستطيع الاستمتاع بأي شيء حتى الطعام لا أستمتع به، وأشعر أن التجمعات العائلية والخروج من المنزل للتسوق أو لأي شيء آخر عبء ثقيل علي.
الأعراض التي أشعر بها هي كالتالي:
1/ضعف في الشهية.
2/فرط في النوم يصل إلى 12 ساعة.
3/الشعور بالتعب والإجهاد حتى دون بذل أدنى مجهود بدني.
4/ضعف التركيز.
5/فقدان الاهتمام والاستمتاع بالحياة.
6/فقدان الرغبة في فعل أي شيء حتى أبسط الأشياء.
7/انخفاض في المشاعر العاطفية.
8/انخفاض الثقة بالنفس وتحاشي مقابلة الآخرين والشعور بالوحدة، والرغبة بالبعد عن الناس.
9/الشعور بانخفاض في المزاج طوال اليوم، ويكون عاليا في فترة الصباح.
10/شعور بالرغبة بالموت في أغلب الأحيان.
أرشدوني مأجورين، ولكم جزيل الشكر.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ khadeeja حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإن رسالتك واضحة جدًّا، والأعراض التي ذكرتها هي أعراض مهمة، أرى أنها تمثل حالة من حالات الاكتئاب البسيط إلى المتوسط.
أرجو ألا تنزعجي أبدًا لهذه التسمية، حيث إن الاكتئاب أصلاً طيف يبدأ بعسر المزاج، وينتهي بسوداوية مطلقة في الوجدان، قد يكون بسيطًا، قد يكون متوسطًا، قد يكون شديدًا، قد يكون مُطبقًا، قد تتخلله أعراض بيولوجية شديدة، قد تكون هنالك أعراض ذُهانية، أو أعراض تجسيدية – أي جسدية – والاكتئاب لا شك أنه مُحبط في حد ذاته، ومعطل للإنسان وطاقاته الجسدية والنفسية.
البشرى هي أن الاكتئاب أصبح الآن يعالج ويعالج بصورة فاعلة جدًّا، هنالك علاج دوائي، هنالك علاج نفسي، هنالك علاج اجتماعي، ونحن -الحمد لله- تعالى مجتمعنا المسلم المتماسك يغطي لنا تمامًا المحور الاجتماعي من الناحية العلاجية، فالإنسان الذي يتواصل مع أسرته، يكون بارًا بوالديه، يكون نافعًا لنفسه ولغيره، حريصًا على عباداته، لا شك أن هذا يعتبر محورًا علاجيًا رئيسيًا.
ومن الناحية النفسية: الإنسان لابد أن يكون إيجابيًا، ولا ينقاد لمشاعره السلبية أبدًا، إنما يقود نفسه من خلال أفعاله، ومفهوم الثقة في النفس واضطرابها ما هو إلا تعبير واضح جدًّا عن الخوف من الفشل، فالإنسان يجب ألا يلصق بنفسه هذه السمة، ويحاول ويحاول وسوف ينجح - إن شاء الله تعالى – في نهاية الأمر.
إذن رتبي حياتك على نمط إيجابي، وهذا يعتبر علاجًا رئيسيًا، أما من حيث العلاجات الدوائية فهي كثيرة وجيدة وممتازة، فإن استطعت أن تذهبي إلى طبيب نفسي فهذا جيد، وإن لم تستطيعي فعقار (بروزاك) أعتقد أنه مناسب جدًّا لحالتك، والدواء سليم وفاعل، ويتميز بخصوصيته في أنه يعالج الأعراض الإحباطية النفسية والجسدية التي تمثل محورًا أساسيًا في بعض أنواع الاكتئاب وليس كلها، فافتقاد الطاقات النفسية والجسدية والتكاسل وكثرة النوم وافتقاد الدافعية هي بالفعل أعراض سلبية للاكتئاب، والبروزاك جيد في علاجها، فأرجو أن تبدئي في تناوله بجرعة كبسولة واحدة في اليوم، وقوة الكبسولة هي عشرين مليجرامًا، تناوليها بعد الأكل بانتظام، وبعد أسبوعين اجعليها كبسولتين في اليوم، وهذه هي الجرعة العلاجية السلمية والفاعلة في حالتك، يجب أن تستمري عليها لمدة أربعة أشهر على الأقل، ثم خفضي الجرعة إلى كبسولة واحدة في اليوم لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعليها كبسولة يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم توقفي عن تناول الدواء.
لا شك أن الالتزام بمراحل العلاج وخطواته والجرعة الموصوفة والمدة الزمنية المحددة هي من أهم الشروط التي تؤدي إلى نجاح العلاج الدوائي بإذن اللهِ تعالى.
أيتها الفاضلة الكريمة: عليك أيضًا بممارسة أي نوع من التمارين الرياضية التي تناسب المرأة المسلمة، ويا حبذا أيضًا لو قمت بإجراء بعض الفحوصات الطبية البسيطة، وذلك للتأكد من نسبة الدم لديك، وكذلك نسبة فيتامين (د) ووظائف الغدة الدرقية، هذه مهمة وضرورية وكثيرًا ما يكون اضطرابها له علاقة بالاكتئاب النفسي.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.