السؤال
أنا متزوجة منذ ثلاث سنوات، وبدأت محاولات الحمل منذ سنة، وبعد الفحوصات تبين وجود أكياس دموية، فأجريت عملية المنظار وتبين وجود مرض بطانة الرحم الهاجرة، وتمت إزالة ثلاثة أكياس دموية، ثم أجريت صورة ملونة، وتبين أن الأنابيب مفتوحة، والرحم مائل للخلف، وبعد العملية بدأت في أخذ منشطات، مع العلم أن التبويض عندي ممتاز، وبعد شهرين من المنشطات عملت فحص التراساوند، وتبين وجود كيس على المبيض، وأخشى أن يكون قد عاد لي مرض بطانة الرحم الهاجرة، ولا أعرف ماذا أفعل؟
مع العلم أن فحوصات زوجي سليمة، والبعض نصحني بالتمريخ، وأخاف أن يؤذيني وجود الكيس، مع العلم أيضاً أنني أعمل لساعات طويلة، وأعمل تحت ضغط نفسي كبير، فهل هذا له علاقة بالأكياس؟ فكرت بعمل تلقيح مجهري، وصدمت بأنني لا أستطيع عمله بسبب وجود الكيس!
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هبة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإن داء بطانة الرحم الهاجرة, أو داء (الاندومتيريوزز )، هو عبارة عن: تواجد خلايا بطانة الرحم في أمكنة خارج جوف الرحم, وتعرضها لنفس التغيرات الشهرية, بما في ذلك حدوث النزف, وذلك لتأثرها بهرمونات المبيض.
ويبدو أن الإصابة عندك قد توضعت في المبيض, فشكلت كيسات دموية عليه, وتوضعت أيضا في قاع الحوض من الخلف, فسببت انقلابا في الرحم إلى الخلف.
ويجب خلال عملية التنظير أن يتم وضع تصنيف لدرجة الإصابة, بناء على شدة توزع المرض في الحوض؛ لأن هذا التصنيف سيفيد في وضع خطة العلاج, وفي المتابعة فيما بعد.
إن نسبة حدوث هذا المرض بين النساء هي تقريبا 10-15% , وقد أصبح يشخص بشكل أكثر من السابق بكثير, بسبب انتشار التنظير الحوضي, وسهولة عمله.
والتقديرات تشير إلى أن ما نسبته 30%-40% ، تقريبا من اللواتي يتأخر حدوث الحمل عندهن, يكون لديهن إصابة بالاندومتيريوزز.
وهذا المرض يؤدي إلى تأخر في حدوث الحمل, ليس فقط لأنه قد يسبب الالتصاقات في الحوض وانسداد الأنابيب, بل بسبب آليات متعددة ومعقدة, ما يزال بعضها قيد البحث والدراسة, فحتى لو كانت الأنابيب مفتوحة, فقد يتأخر حدوث الحمل بوجود الاندومتيريوزز, بسبب هذه الآليات:
1- ففي الاندومتيريوزز يزداد إفراز مادة البروستاغلاندين-E2 -، وهي مادة تزيد من تقلصات الرحم, فتجعل التعشيش غير ممكن.
2- كما يزداد أيضا إفراز مواد أخرى تسمى (الانترلوكين)، وهذه المواد لها تأثير سام، وبشكل كبير على البويضة الملقحة, فلو حدث التلقيح بين البويضة والحيوان المنوي, فإن هذه المواد السامة قد تمنع البويضة الملقحة من الاستمرار في الانقسام، والوصول إلى الرحم.
3- كما أن هنالك نوعا من الخلايا التي تسمى (الخلايا البالعة)، والتي تزداد كثيرا في موقع الإصابة بالاندومتيريوزز بهدف تنظيف المخلفات التي تصدر من بقع المرض، مثل: الدم، والخلايا ميتة, فتقوم هذه الخلايا البالعة بابتلاع هذه المخلفات, ولكن بنفس الوقت قد تقوم بابتلاع الحيوانات المنوية التي وصلت للتلقيح، وبابتلاع البويضة بعد خروجها من المبيض.
وكان من الواجب بعد عملية إزالة الأكياس بالمنظار عندك أن تتناولي علاجا دوائيا لمدة ستة أشهر على الأقل, وذلك لتتم السيطرة على المرض, ومن أجل منع أو تأخير عودته ثانية, لأن نسبة النكس, أي نسبة عودة المرض ثانية بعد الجراحة, وعند عدم إعطاء الأدوية تكون أعلى, وقد تصل إلى 10-20% من الحالات, بينما إذا تم إعطاء الأدوية بعد الجراحة لمدة ستة أشهر على الأقل, فإن نسبة النكس ستكون أقل، وتبلغ 5% فقط, هذا والعلم عند الله عز وجل.
وإن أكبر فرصة لحدوث الحمل، أن تكون في خلال السنة الأولى بعد انتهاء العلاج الدوائي, بإذن الله تعالى.
وللعلاج الدوائي أنواع متعددة, وكلها تهدف إلى تقليل نشاط المبيض، أو تثبيطه من أجل جعل خلايا البطانة الرحمية داخل وخارج الرحم تضمر ويخف نشاطها، فتقل تأثيراتها السيئة.
ومن أهم الأدوية المستعملة:
- حبوب منع الحمل.
- حبوب الدانازول.
- إبر لتثبيط نشاط المبيض GNRH.
- وهنالك أدوية حديثة تسمى مثبطات أنزيم الاروماتاز AROMATSEINHIBITORS .
فبعد إعطاء العلاج الدوائي لفترة ستة أشهر, والسيطرة على المرض- إن شاء الله - يجب استغلال السنة التي تلي الشفاء مباشرة, حيث أن نسبة هجوع المرض، وحدوث الحمل في هذه السنة تكون أعلى من بقية السنوات, كما سبق وذكرت, ويمكن خلالها أن يحدث الحمل بشكل عفوي, أو يمكن تنشيط المبيض بالمنشطات, أو يمكن اللجوء إلى الوسائل المساعدة على الحمل, مثل الحقن الصناعية، أو أطفال الأنابيب.
نسأل الله العلي القدير أن يمن عليك بالشفاء العاجل، وأن يرزقك بما تقر به عينك عما قريب.