هل له أن يدعو بفسخ خطبة فتاة من غيره ليتزوجها هو؟
سؤالي هو أني أعرف فتاة تدرس معي بالكلية وهى زميلتي أيضا في نفس الدفعة وقد أحببتها لالتزامها الديني وطاعتها الحميدة لوالديها بالمقارنة مع الأخريات وكنت أفكر في طلب يدها من والديها عندما تحين اللحظة المناسبة ولكن فجأة انقلبت الأمور في غير صالحي وتمت خطبتها لأحدهم اعتباطا (خطبة مرتبة) الأمر الذي آلمني قليلا بل في الحقيقة آلمني كثيرا لأنني لم أرد أن أخسر هذه الفتاة الطيبة فدائما ما كنت أرغب في زوجة بهذه المواصفات ولهذا فقد سألت الله أن يغير من هذا القدر من أجلي ولصالحي في الدنيا والآخرة فهي دائما ما كانت تساندني في الأفعال الطيبة التي قمت بها كجمع الصدقات لفقراء المسلمين وإلقاء محاضرات إسلامية قصيرة في الكلية وسط جماعة صغيرة ... إلخ . وأنا أعتقد حقا أنى إذا تزوجتها فإن التزامي الديني سيتحسن كثيرا بدعمها لي ولكن خطر لي أيضا بأن الله لا يقبل دعاء يشتمل على قطع صلة الرحم لكن على حد علمي فإن الخطبة ليست من الإسلام في شيء أليس كذلك؟ فهي بدعة . وعلى هذا فإني أرى أنه ما زال بإمكاني الدعاء بما يتوافق مع مصلحتي والله أعلم ، لأن أمره نافذ في للأبد وحكمه في عادل لكن الله نفسه طالبنا بالدعاء بتغيير القدر والاستعانة به بالصبر والصلاة والدعاء المستمر ولهذا فإن جل ما أريد معرفته هو هل أنا مخطئ في تفكيري؟ وأنا لا تربطني بها رابطة شديدة القوة تؤثر على التزامي الديني أو أية أمور أخرى . وشكرا
الجواب :
الحمد لله
أولاً :
لا تجوز الدراسة في الجامعات المختلطة ، لمن وجد بديلاً شرعياً لا اختلاط فيه ، ومن ابتلي بالدراسة في جامعة مختلطة فالواجب عليه أن يغض بصره ، ويحفظ جوارحه من معصية الله تعالى .
لا يجوز للرجل إقامة علاقة مع امرأة أجنبية ولو كانت من أجل الدعوة إلى الله ، أو التعاون على البر ، فإن الشيطان يغر الإنسان ويخدعه فقد تبدأ العلاقة بهذا ، ثم تنتهي إلى شيء آخر.
ثانياً :
الخطبة مشروعة في الإسلام وليست بدعة ، وقد دل على مشروعيتها أحاديث كثيرة كقوله صلى الله عليه وسلم : (لَا يَخْطُبْ أَحَدُكُمْ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ) رواه النسائي (3240) .
ودل الحديث على أنه يحرم على المسلم أن يتقدم لخطبة امرأة سبقه إليها غيره وأجيب بالموافقه .
فإذا ما تركها هذا الخاطب أو تركته هي ، وتم فسخ الخطوبة فلا حرج في خطبتها .
قال ابن قدامة في "المغني" (7/109) :
"لِأَنَّ فِي ذَلِكَ إفْسَادًا عَلَى الْخَاطِبِ الْأَوَّلِ , وَإِيقَاعَ الْعَدَاوَةِ بَيْنَ النَّاسِ , وَلِذَلِكَ نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعِ الرَّجُلِ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ . وَلَا نَعْلَمُ فِي هَذَا خِلَافًا بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ , إلَّا أَنَّ قَوْمًا حَمَلُوا النَّهْيَ عَلَى الْكَرَاهَةِ , وَالظَّاهِرُ أَوْلَى" انتهى .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
"لَا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَخْطُبَ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ إذَا أُجِيبَ إلَى النِّكَاحِ وَرَكَنُوا إلَيْهِ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ , ... وَتَجِبُ عُقُوبَةُ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ , وَأَعَانَ عَلَيْهِ , عُقُوبَةً تَمْنَعُهُمْ وَأَمْثَالَهُمْ عن ذَلِكَ" انتهى .
"مجموع الفتاوى" (32/9) .
ثالثاً :
قولك : وأنا أرى أن جميع الأدعية التي أدعوها تتحقق (والحمد لله) بإحساني الدعاء .
هذا مما يوجب عليك مزيداً من شكر الله وطاعته ، لأن الله تعالى هو الذي وفقك لإحسان الدعاء ، تفضلاً منه وكرماً ، ثم زاد فضله عليه وتقبل دعاءك .
رابعاً :
أما دعاؤك بأن الله تعالى يصرفها عن خطيبها ويجعلها لك ، فهذا اعتداء في الدعاء لا يجوز ، ا حيث رضي كل واحد منهما بالآخر .
وإذا كان الحسد محرماً ، وهو تمني زوال النعمة من الغير ، فما تفعله أنت أشد من الحسد ، لأن الحاسد لا يسعى في إزالة النعمة ، وإنما يتمنى ذلك بقلبه فقط ، وأنت تسعى لإزالتها بدعائك .
فالواجب عليك أن تنشغل عن هذه الفتاة بما ينفعك في الدنيا والآخرة ، ولا يدري الإنسان ما الخير له؟
قال الله تعالى : (وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) البقرة/216 .
وقال تعالى : (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا) النساء/19 .
فلا تدري إذا تزوجتها أيكون ذلك خيرا لك أم لا ؟
فقد يكون الله تعالى صرفها عنك لمصلحتك ، وإرادةً للخير لك .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب