الشبهة ( حروف الجر )
توضيح الشبهة
زعم أصحاب هذه الشبهة أن ثمة اضطراب وتعارض في استخدام القرآن الكريم لحروف الجر, واستدلوا على قولهم هذا بقوله تعالى :{ و لا تكسب كل نفس إلا عليها} , حيث علق فعل الكسب بحرف الاستعلاء ( على ) .
بينما في موضع آخر علق الكسب مرة باللام وأخرى بعلى , وهو قوله تعالى: { لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت } ( البقرة 286) , وهذا في ظنهم تناقض .
الرد على الشبهة
نقول لأصحاب هذه الشبهة : أنه في آية البقرة اقترن كسب الخير بحرف المللك ( اللام ) , واكتساب الشر بحرف الاستعلاء ( على ) ؛ لأن الشر أوزار و أثقال يحملها صاحبه فهي ( عليه ) وهو تحته يعاني وطأتها , بينما مما تفرح به النفوس وتسر, فهو لها بمنزلة (الملك ).
وأما آية الأنعام فاقترن فعل الكسب فيها بحرف الاستعلاء ( على ) فقط ؛ لأن سياق هذه الآية خاص بعاقبة الكسب , والمعنى : لا تكسب نفس شيئاً يكون عاقبته عل أحد غيره.
وجاءت الآية جواباً عن قولهم للمؤمنين : { اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم }
( العنكبوت ,12) ؛ ولذا كان الجواب عاقبة الخطايا , وأن كل نفس ( عليها ) مما كسبت من آثام.
فليس لما ادعوه أساس يقوم عليه , اللهم إلا جهلهم بأهمية السياق , وأنه لا يجوز عزل أي عنصر لغوي عن سياقه , أو لعله تجاهل منهم لدور السياق في الدلالة, بهدف إثارة الشبهات , و التعمية على المقاصد الحقيقية .
================
المصدر : كتاب كمال اللغة القرآنية بين حقائق الإعجاز وأوهام الخصوم , د/محمد محمد داود. (بتصرف يسير )